23 ديسمبر، 2024 12:17 م

تجاعيد فوق رأس مسروق

تجاعيد فوق رأس مسروق

ذاته حزن الأمس عاد ليحقنني بكل ما يملك من الحبر , كأنني كائن مستدق الوجع , لا رأس له سوى ورق ابيض طاعن في الغياب . أضع فيه مشاريعي حتى آخر جيب يصله القدر , كمن يخطط لاسترجاع ذاته المسروقه , بعد أن نفذت منه الحياة . وصار لزاما عليه أن يكتب (رؤوس أقلام أو رؤوس أحلام) . 
كمن يفكك قنبلة موقوتة , رحت أدس أصابعي داخل جمجمتي بحثا عن قطرة حبر بكر بعد أن راودتني الأصابع عن نفسي طويلاً للكتابة .
افتح كراسا لأنسخ عليه ما تعلمته من درس التشاؤم .. إن الوطن.. الحب.. تمارين بسيطة للموت والفرح لا وجود له خارج رأس الشاعر . مربك جدا إنني اكتب فلا اعرف كيف أرد عني رقص الناكرين وخونة الحكايات وهم يقاسموني قميصي المفقود بكل ذلك العبث . لمن أريد أن أوصل أوجاعي إذا هي اختارتك أنت ؟ يا امرأة أضاعت طريق العودة .. فتوقف بها تكسي الحب خارج مساحة القلب , وتحول غيابها إلى تجاعيد وندب طفيفة تلتصق في جبيني المهجور , بينما إيماني تحول إلى أجزاء أضاعت طريقها نحو النافذة ونست شكل السماء . لابد أن اغتسل جيداً بعد كل علاقة جديدة خوفا أن تشم بي كل أنثى اعرفها رائحة القلق وتقرأ ما مكتوب فوق الجسد من فشل ذريع خلفته ليلى فائته . تلتهمني كل أنثى صغيرة .. بعد أن تسرق مني رأسي طويلا للكتابة عنها .. وتغرف مني ما يكفيها من الفرح وأنا بكل سذاجة اصدق إن : ( الحب وعدٌ لا يرد ) .. موجعة ضربات الحياة .. تلك التي نتلقاها ونحن مستلقين بانتظار السعادة وخوفا من اللاحظات الحاسمة والأمنيات التي تتأرجح داخل الرأس .. يصبح فعل الحب كالسقوط منه .. حالة ضعف !!!
كلما أذكرك تغسلني أفكاري , وفي بحثي عنك , كان على الكلمات أن تهدئ قليلا ريثما استعيد توازني بعد سقوطي ذاك . فأعيد ترميم الذاكرة وأصلح بعض التلف العاطفي ..
يا امرأة … من أين لكِ هذا الغياب ؟؟ كيف تستطيعين ان ترتدي أحزان الآخرين كما تريدين وتخلقي فيهم هذا الوجع المقيم أبداً , دون أن تنتبهي لذلك !!
 بعد كل ذلك الشجن رحت أتصفح وجهي أمام مرآة غيابك . لأقع على اكتشاف مذهل , ذاتها تجاعيد الأزل كبرت وصار لزاماً علي أن استردني منك قبل المغيب خوفا أن يداهمني الحزن مرة أخرى وأنا متلبس بتهمة إدمانك عشقاً .
بعد أن تزودت منك ما يكفي اجلس لأكتب لك , يحضرني صوت فؤاد سالم ( جلمة حبيبي انتهت .. شختار إلك جلمة ) … امسح كل شيء دفعة واحدة كمن يبعد عنه تهمة , واطفىء سيكارة حنيني الأخيرة لأتمرغ بتراب غيابك !!