المعلومة التي تعرفها الغالبية العظمى من أبناء شعبنا الكريم , إن معظم السلع والمواد الغذائية يتم استيرادها من الخارج وتدخل من خلال المنافذ الحدودية البرية وغير البرية من ودول العالم والجوار , وما يتم إنتاجه داخل العراق من السلع الزراعية أو الصناعية لا يتم تداولها من قبل اغلب التجار أما لارتفاع أسعارها أو التعمد في عدم السماح لمنتجاتنا الوطنية في منافسة المستورد من الخارج , فالمستورد يحقق أرباحا عالية لتجار التجزئة ( المفرد ) كما انه يحظى بامتيازات تتعلق بطريقة التسديد ومنح الخصومات أو غيرها من السماحات , أما لماذا كل هذه التسهيلات فان الغرض أحيانا ليس دخول البضاعة وتحقيق الأرباح من قبل التجار وإنما استخدام التجارة كوسيلة للحصول على الدولار من مزاد البنك المركزي العراقي , لان الأرباح المتحققة من المضاربة بالدولار ربما تكون أضعاف الأرباح التي تتحقق من تجارة المواد الغذائية سواء كانت تلك المواد زراعية أو صناعية وغيرها ممن تستخدم في توفير المتطلبات الحياتية للمواطن العراقي , بعد أن أصبحت الصناعة العراقي مغيبة إلا ما قل وندر والمنتجات الزراعية مرمية في الحقول بدون تسويق لكونها مرتفعة التكاليف .
والمهم في موضوع تجارة المواد الغذائية وسلع التسوق للمواطنين , إنها لا تخضع لجميع إلاجراءات الخاصة بالرقابة الحقيقية من حيث المطابقة عليها في المنافذ الحدودية ما دامت الرشى تدفع للفاسدين أو أثناء بيعها في أسواق التجزئة في الأسواق المحلية , فهناك العديد من المواد التي لا تخضع لإجراءات السيطرة النوعية أو إنها لا تحمل متطلبات الجودة أو إنها مقلدة وغير حقيقية في الأساس , والعلامات والإشارات الموجودة في الأغلفة أو حتى في المستندات الخاصة بالتصدير أو الشحن , بعضها مقلدة أو مزيفة وغير حقيقية ويتم التغاظي عنها وتمشيتها من باب الفساد الإداري والمالي , أو لا سباب أخرى أكثر من المال فق يكون غرضها الإضرار بشعينا والتسريع بموته , وهذه ليست افتراءات فعند تطبيق الفحص من المناشيئ قبل التصدير من قبل الشركات العالمية ارتفعت الأصوات لوقف هذا الإجراء , كما إن هناك تحذيرات دولية بوجوب التحقق الكامل ( مثلا ) من عدم تسرب الإشعاعات النووية بعد حادثتي تشرنوبيل في روسيا والمفاعل الياباني , وقد ذهبت تلك المحاذير أدراج الرياح , وقد شهد العراق فضيحتين في الفساد جرى التكتم عليهما بكل نجاح رغم الفضائح الإعلامية التي رافقتها , ونقصد بالأولى إدخال زيت طعام البطاقة التموينية الفاسد والثانية بإدخال بسكويت الأطفال لإغراض التغذية المدرسية للطلاب في المدارس .
ولكي نثبت بان بعض التجارة القادمة من الخارج للعراق تجلب الموت معها , فمن حق الجميع أن يسال كيف يتم إدخال عشرات الآلاف من السيارات الحديثة سنويا وهي لا تخضع لأية إجراءات في الاستدعاء , فقد قامت الشركات العالمية باستدعاء ملايين السيارات لمعاجلة مختلف العيوب المتعلقة بالتصنيع , ولكن لم يتم استدعاء سيارة واحدة في العراق لمعالجة العيوب في المواقف أو الاير باك أو غيرها التي ذاع صيتها في دول العالم اجمع والبعض منها تمت تسويتها من خلال التعويضات عدا العراق , كما انه من الموضوعي أن يتساءل المواطن العراقي عن المناشيء التي يتم من خلالها استيراد السكائر وتبوغ الناركيلة والمشروبات الكحولية , وهل هي رصينة فعلا وتخضع لرقابة الدولة وتتقاضى عنها الرسوم الكمركية والضرائب وغيرها من الإجراءات أم إنها تدار من قبل شبكات عالمية ومحلية ؟ , فمعظمها يتم إنتاجها في البواخر ويتم طرحها في المناطق الحرة لكي تدخل بدون رقابة للعراق , ولا يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل تحول العراق إلى ممر آمن لعبور السكائر إلى دول الجوار بأسعار تنافسية يستفاد منها التجار ولا تدخل من مردوداتها دينارا واحدا لصالح الموازنة الاتحادية أو موازنة مجالس المحافظات, ولم يتم التأكد بعد عن مدى صلاحيتها للاستهلاك .
والأمر يتعدى ذلك بكثير , فالمواد منتهية الصلاحية ( اكسبا ير ) تملأ الأسواق لا سيما في المحلات الشعبية , فالمواطن البسيط يبحث عن السلعة منخفضة السعر ولكنه لا ينتبه إلى تاريخ النفاذية وطبيعة المواد الحافظة والمواد الداخلة في الخزن أو النقل أو الإنتاج , ولم يتأكد لدينا وجود منظمات ناشطة فعلا في موضوع حماية المستهلك رغم وجود بعضها ورقيا , وفي بعض الأحيان يتغذى المواطن على سموم تباع له بالدنانير أو بالدولار أو انه يستهلك أو يستخدم مواد مضرة أو عديمة الفائدة في أحسن الأحوال , وقد لجا بعض البائعين إلى حيل مختلفة للكسب غير المشروع وتحقيق المنافع إلى كبار التجار , منها بيع بضائع منتهية الصلاحية أو باقي يوم أو يومان على انتهاء الصلاحية وبذلك تفسد البضاعة لدى المواطن عند الخزن , وعندما يعاتب البائع فان الأخير يقول له إنني بعت لك بضاعة صالحة ولكنها فسدت عندك وليس الذنب ذنبي , أما الحيلة الأخرى فهي تغيير ( الليبل ) أو التلاعب والتزييف فيه أو تشويه معالمه لكي تصعب قراءة محتوياته أو رفعه بالكامل مقابل إجراء تخفيض محدود في الأسعار , ويتم تمرير كل ذلك في ظل غياب ضمير البائع والرادع الرسمي , وحتى بائعوا الصمون يغشون من خلال تسخين الصمون البارد وبيعه وكأنه جديد رغم انه يعود لليوم او الوقت السابق .
ولم تسلم الأدوية التي تباع في الصيدليات الأهلية من صور التلاعب أنفة الذكر فهذا موضوع يطول الشرح فيه , والأكثر من ذلك إن بعض المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية تقوم بتصريف الأدوية قريبة انتهاء مدة الصلاحية على المرضى والمراجعين , فكلما وجد المواطن سخاء في صرف الأدوية كأن تعطى له ثلاثة علب بدلا من علبة واحدة كلما كان للموضوع علاقة بتصريف الأدوية شبه الفاسدة , والمشكلة انه لا يتم تنبيه المواطن إلى انتهاء الصلاحية لكي يتوخى فساد الأدوية عند الخزن والاستعمال المنزلي , وتتعدد طرق الاحتيال على المواطنين في بيع السلع الغذائية ومنها اللجوء إلى تجميدها لدرجات منخفضة جدا لإخفاء ألوانها وروائحها الكريهة , وليس خافيا على احد بيع لحم الحمير وخلطات اللحم المفروم , ويتم كل ذلك في ظل غياب الجهات الرقابية المعنية ومنها الرقابة الصحية والجهاز المركزي للسيطرة النوعية ومعهد التغذية ومديريات البيطرة والأمن الوطني والغذائي وغيرها من الجهات , والتي تحولت مهامها إلى حملات وفزعات وليس العمل بسياقات , فمن المفترض أن يتم فحص المواد المخزونة والمعروضة يوميا للتأكد من عدم فسادها ومطابقتها للمواصفات القياسية , والمسألة تتعدى الفساد بأشكاله المختلفة ومنه الفساد السياسي الذي يتقوى به البعض , لتتحول إلى خيانة الضمير والدين والمذهب لغرض الكسب غير المشروع للأموال , حتى وان تحولت التجارة إلى أداة لموت العراقيين بشكل مدفوع الثمن وغير مجاني .