معنى التهريب هو إدخال البضائع إلى البلاد أو إخراجها من البلد بصفة غير شرعية دون اداء الرسوم الجمركية، والرسوم والضرائب الأخرى كليا او جزئيا أو خلافا لأحكام المنع والتقييد الواردة في القانون والأنظمة الأخرى .الدوافع المحركة للتهريب في الغالب المجازفة في تجارة بضاعة غير متوفرة في البلد ,او بالعكس , فيتم جلبها عن طريق التهريب , وهذه العملية رغم انها محفوفة بالمخاطر , الا انها مغرية كونها تجلب واردا اقتصاديا للمهربين مما جعل في جميع بلدان العالم ( شبكات تهريب ) .
تقوم هذه الشبكات بنشاطات تجارية في الغالب لها ضرر على الاقتصاد الوطني, او ضرر واخطار على مجمل المجتمع .كما يحصل حاليا في تهريب المخدرات , وتهريب الاسلحة والمفخخات عبر الحدود, ونقل الانتحاريين , وغالبا يكون التهريب من دولة مجاورة برا او بحرا ,واحيانا بالطائرات , واجزم ان جميع مناطق العالم فيها مناطق حدودية . تمارس التهريب حسب طبيعة المنطقة .
مدينة الفاو تعتبر من المدن التي تمارس التهريب , ولكن الطبيعة الاجتماعية تحدد غالبا نوعية المادة المهربة .وما بعد سقوط النظام تغيرت اساليب التهريب القديمة التي كانت تشمل المواد الغذائية والالبسة والعطور وبعض المواد الكهربائية البسيطة, كون انفتاح البلد على الاستيراد الحر, الا ان الاشياء الممنوعة او التي يتهرب التجار من دفع الضرائب عليها يقومون بتهريبها , مثل تهريب النفط ,والاغنام والحيوانات المختلفة .
وتعتبر ذروة فترة التهريب في الفاو في النصف الأول من القرن العشرين, حين طرأت حالة نقل مواطنين ايرانيين غالبا للعمل في الكويت وقطر والبحرين , يطلقون عليهم عنوان( كعيبـــر) حيث يتم نقلهم بالعشرات بعد غروب الشمس من الجانب الايراني , الى جنوب الفاو او مكان اخر منه , ثم يتم نقلهم بعد منتصف الليل مشيا على الأقدام بأوحال الطين, الى خور عبد الله في صحراء طينية وعند ساحل الخليج . تنتظرهم لنجة مخصصة لنقلهم مباشرة الى البر الكويتي قبل حلول الفجر , في بعض الحالات يحصل خطأ في عدم التوقيت او تتأخر اللنجة التي تقلهم الى الكويت من التواجد في خور عبد الله , او تتعرض لهم دورية كمارك بحرية , ويتم القاء القبض عليهم ونقلهم الى مركز شرطة الفاو , واحيانا يصل بعض الكعيبر بالخطأ الى سوق الفاو هاربين الى ايران بعد محاولة تهريب فاشلة . تبقى الشهادة لله ان جميع المهربين من اهل الفاو لم يجلبوا حبوب هلوسة ولم ينقلوا بنات وغجر الى دول الخليج ,ولم يمارسوا أي عمل يتعارض مع الشريعة.
تعدد حالات التهريب من مناشيْ متعددة , ادى الى انفتاح واسع في البنى الاجتماعية واطلاعهم على ما حصل من تقدم صناعي في العالم والمنطقة, وانعكس ذلك على مجمل الحياة في مدينة الفاو, حيث انتشرت اجهزة الترانسستور والمسجلات في كل بيت , واقتنى جميع اولياء الامور مذياع ومسجل في بداية الستينات .!! .
وانتشر بيع الملابس والاقمشة الحريرية والصوفية , وملابس الاطفال في البيوت كونها مهربة قبل ان يتم استيراد ملابس جاهزة صينية قبل استيرادها وعرضها في معارض ( اورزدي باك) . اضافة الى انتشار بيع انواع الكرزات والحلويات المختلفة.
[1] ــ المهربون في الفاو يمتهنون التهريب كون مدينتهم تقع على حدود الكويت وايران , وتقع بحرا على شمال منطقة الخليج العربي التي تضم امارات عربية ودولا كبرى تتاجر مع العراق بنقل التمور كالهند وباكستان وغيرها ,فكان يتم عن هذه الطرق والوسائل البخور والتوابل والاجهزة الكهربائية قبل افتتاح شركة اورزدي باك والشركة الافريقية العراقية التي تخصصت باستيراد الاجهزة الكهربائية , وكذلك الملابس والاقمشة والاحذية والاغطية .. بالمقابل يتم تهريب الشاي والسكر والحيوانات الى بلدان تفتقد هذه المواد .
[2] ــ في بداية السبعينات في يوم شديد الحرارة طرق بابنا الساعة الثانية ظهرا, فتحت الباب فلم اجد احدا , ووجدت كيسا كبيرا ( كونية) مرمية عند الباب , ادخلتها وفتشتها وجدت فيها ثلاثة درزن قمصان حديثة , وعشرة درزن جواريب , وبحدود خمسة وعشرين كيلو غرام كرزات ايرانية .
اخبرت والدي فامرني ان اخفيها في مكان داخل البيت, بعد اسبوع زارنا شخص وطلب مقابلة والدي ,جلس يتحدث انه في يوم من الايام جاء ببضاعة مهربة فيها كذا وكذا. واعطى الاوصاف ,وشاهدوني رجال الامن وكنت انقل بضاعتي على دراجة, فأصبحت في حرج , فرميت الكيس في باب احد البيوت ولست متأكدا أي بيت ,ضحك والدي وقال : لا انت متأكد من البيت , ثم امرني لجلبها اليه وطلب منه تفتيشها انها سالمة ولم يمسها احد .