23 ديسمبر، 2024 7:30 م

تبكي الرجال على الرجال – رثاء لديار عبد الحميد صابر

تبكي الرجال على الرجال – رثاء لديار عبد الحميد صابر

* سوف ينبعث الشهداء من تويجات الزهور فننوح سعادة
* كيف التقط الرصاصات قبل اختراقها جسده
 
اغتالت يد “القاعدة” الآثمة، إبن اختي المهندس ديار عبد الحميد صابر، عام 2006 في الاعظمية، قبل شهرين من اعدام الطاغية صدام حسين.
أعدم على مرأى من زوجته واطفاله، من دون سبب، فهو بعيد عن شؤون السياسة وتحرزاتها الفئوية.. طائفية وقومية وفكرية، عاكف على أختصاصه.. مدير البلديات في أمانة بغداد.
في التاسعة والثلاثين من عمره.. كردي سني، وزوجته عربية سنية؛ اغتالوه لأنه يعمل في دوائر الدولة؛ إذن فهم ضد الدولة، لا يريدون العراق.. يكرهونه ويعملون ضده.. بسنته والشيعة.
من أهالي كويسنجق.. مسقط رأس جلال الطالباني.. وسيم وذكي، مترفع عن الولاءات الضيقة انتماءً لعراق بوسع المستقبل.. حالم بغد آت، لم يره، واظننا نحن الاحياء لن نراه.
ولدنا ونشأنا وتربينا وناغتنا امي.. جدته، في المهد معا، لكن فرق التابوت تماهينا.. أنا وإياه، ذهب به الى تحت الثرى، وتركني اناجي الثريا: “… ربما عودة للراحلين الذين أفلوا؛ كي يبقى كل شيء بعدهم مضاء”.
إنه ابن اختي، تقارب العمر بيننا، جعلنا اصدقاء، نتنسم عطر حياة لم نعشها، رحل هو وانا عبرت مرحلة السعادة، راكسا في الوجد حزنا مقيما على اناس “حشاشة قلبي ودعت يوم ودعوا.. فلم أدرِ اي الظاعنين اشيع” قتلهم صدام وامتدادته؛ سقط تاركا فينا شيطانه المريد.
مزق الارهابيون جسده، نخبوه بوابل من رصاص قريب، تنكيلا بالبراءة، وسرقوا سيارة الدولة… فهل هم مسلمون او من اية ديانة سماوية رحوم.
لا اعاديهم لأنهم اجتثوا مشاعري، بفقد ديار، انما اريد ان يطالهم القانون.. لا ثأرا شخصيا؛ على الرقم من عمق الجرح النازف من الارض الى السماء السابعة.. ما زلت وسأبقى اعاني شاغرا مطلقا، لا يمتلئ الا بلوي عجلة الزمن، والتقاط الرصاصات من فوهة القاعدة، والقائها الى الجحيم، قبل ان تخترق جسد ديار الطاهر.
ولسوف تعيد الشمس دورتها المضيئة؛ فينبعث الشهداء من تويجات الزهور.. نبكي معا فرحين بالعودة لرفقة الطفولة، ابرياء مثل صفاء السماء.. سعادة طويلة، ورفاه مقيم.