بغداد عاصمة الرشيد ، وبيت الحكمة ، ودار العلم ، ومنارة المعارف ، ومنبر التنوير ، ووطن الثقافة رالمثقفين ، والابداع والمبدعين ، والفن والفنانين ، التي أسسها الخليفة أبو جعفر المنصور .
هي أكبر مدينة متعددة الثقافات ، شكلت على الدوام مرتعاً خصباٌ لطلبة العلم ، ومركزاً للآداب والعلوم والفنون .
ازدهرت مدارسها وتفوقت علومها وصدحت قصورها بالغناء والموسيقى تقاطر عليها الشعراء والكتاب والأدباء ورجالات القلم والعلماء وعشاق المعرفة ، وكثر الاجتهاد في مساجدها ، وانصرف الناس الى الانشغال في أمور وقضايا الفلسقة والحياة والموت ، وساد الجدل والسجال الفكري والثقافي الذي أسهم في حركة الابداع والتأليف والترجمة .
امتزجت الثقافات وبرزت خلاصات فلسفية وعلمية ، وازدهرت فيها الثقافة الكونية ، وقدمت للحضارة الانسانية صفحات ناصعة ومضيئة من التاريخ الثقافي والأدبي ، والتمدن العصري الحضاري .
اعلن عنها في العام ٢٠١٣ عاصمة للثقافة العربية ، وشهدت فعاليات ثقاقية وفنية ومعارض بهذه المناسبة ، ورأى بعض المثقفين والمبدعين العراقيين في حينه ، أن هذه التظاهرة الثقافية اوجدت حراكاً ثقافياً مهماً في بعض المجالات ، لكنها لم تنقذ الوضع الثقافي ، الذي تعيشه نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر فيها العراق ، بفعل الحروب والصراعات الداخلية والاوضاع السياسية العامة .
بغداد التي كانت مصدر اشعاع ثقافي وفكري وأدبي ستنهض من بين الركام من جديد ، بعون وفضل مثقفيها ومفكريها ومبدعيها ورجالاتها الأفذاذ ، وبدعم كل المتنورين والاحرار والشرفاء من عشاق الحرية والثقافة والالتزام الوطني والطبقي في العالم الواسع .
ويحق للعراقيين أن ” يتبغددوا ” ، فمن رفع راية الحضارة وأنار الدنيا بالعلوم والآداب والوعي التنويري والثقافي طوال قرون ، ومن يملك ينابيع الحضارات والهام الثقافات ، ومن يغزل من رطب نخيل البصرة أعذب المواويل العراقية ، ومن ينسج من نهري دجلة والفرات عباءات الشعر وأجمل القصائد واشجى المقامات العراقية ، يحق له أن ” يتبغدد ” ..!
ورغم الألم والوجع الكبير ، وما حل من محن وويلات ومعارك مخضبة بالدماء ، ورغم قتامة المشهد السياسي العراقي ، ستبقى بغداد بتاريخها العريق الماجد وثقافتها الأصيلة رمزاً يضيء سماء العراق وأوطان العرب قاطبة .