23 ديسمبر، 2024 5:07 م

تبدد حلم العودة .. بسبب صراع القوى على الكراسي

تبدد حلم العودة .. بسبب صراع القوى على الكراسي

الاسوأ  لم يأتِ بعد  ونتوقع انه قد يؤدي الى نزوح جماعي  على نطاق لم يشهده العالم منذ سنوات عديدة .. هذا الكلام لم  يصرح به مسؤول عراقي اهتزت  مشاعره  الجياشة لنصرة ابناء مدينته في محافظظة نينوى انما نطق به  ممثل المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين برونو جيدو.. ولم يأتي تصريح هذا المسؤول الاممي للاستهلاك المحلي شأنه شأن التصريحات الصادرة من مسؤولين محليين وانما جاء في ضوء الرقم المهول الذي اشرته المنظمات الدولية عن عدد النازحين والمهجرين العراقيين .. فقد تجاوز الرقم الثلاثة ملايين و 380  الف شخص نزحوا من مدنهم منذ شهر كانون الثاني عام 2014 بالاضافة الى مليون عراقي نزحوا  نتيجة للصراعات الطائفية السابقة  .. ولم يشهد العراق هذا الكم الهائل من النزوح والهجرة والتهجير القسري منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة  .. ومع انتهاء النظام الملكي عام 1958  وقيام النظام الجمهوري  حدثت عمليات  نزوح نسبي  من المناطق الجنوبية من العراق باتجاه بغداد لكن هذا النزوح لم يكن قسريا فقد كان طلبا  للعمل  فيما حدث نزوح نسبي بعد عام 1963 حيث بدأت افواج الهروب والاختفاء والهجرة والنزوح وحمل السلاح ضد السلطة الحاكمة من قبل  اعضاء الاحزاب المعارضة  لحزب السلطة الحاكمة  واغلبهم من الشيوعيين لكن اكبر عملية تهجير قسري شهدها العراق  مع  نهاية العقد السابع من القرن الماضي حيث بدأت السلطات الحاكمة ” البعثية ” تنفيذ اكبر عملية تهجير للكرد الفيلية  لجأ غالبيتهم الى ايران  هربا من بطش السلطة الحاكمة  لاتهامهم  بالتبعية الايرانية وخاصة بعد التفجير الذي وقع في  الجامعة المستنصرية .. 
اعقب هذه الهجرة هجرة مماثلة كان ضحاياها  افواج من الهاربين من الجنود  المنسحبين من الكويت  وغيرهم من المكونات العراقية  توجهوا الى ايران عبر ممرات وطرق الموت هربا من اتون الحرب التي  اندلعت على اثر الغزو العراقي للكويت عام 1990 اضافة الى المنتفضين على النظام  وقد قدر  عدد الهاربين ب 2  مليون مواطن .. وعند سقوط  نظام صدام حسين اصبح أمل يحدو الكثير من العراقيين لتحقيق امنيتهم بالعودة الى البلاد وانهاء فواجع الغربة والبعد القسري الا ان هذه الفرحة  اصطدمت بالفوضى التي  تشهدها البلاد نتيجة  هيمنة  الاحزاب الدينية على البلاد  وانتشار  الطائفية وتوسع رقعة الارهاب .. فتبدد حلم العودة وتغيرت معادلة الرجوع والاستقرار الى معادلة النزوح والهجرة  المعاكسة  وكانت هذه المرة اكثر اتساعا  لابل تشعبت واصبحت عمليات نزوح داخلية هربا من العنف الطائفي  وعمليات نزوح خارجية هربا من الاوضاع الاقتصادية المتردية والعنف المستشري في البلاد منهم لجأ الى دول الجوار وبخاصة تركيا وقسما توجه  طلبا للجوء في الدول الاوربية  متحديا  ظلمة الليل في بحار الغربة  مخلفين ضحايا  فيما تحول المهجرون داخل البلاد الى قنابل موقوته فلا منازل  يمكن ان يعودوا اليها بعد ان  عملت آلة الحرب  الى تسوية منازلهم بالارض .. ان تردي الاوضاع في العراق اصبح مثالا سيئا يضرب به  حيث شملت جميع مرافقه  السياسية والاقتصادية والاجتماعية  والمعيشية والامنية والسبب الرئيسي هو نهج السياسة الخاطئة والمحاصصة التي دمرت البلاد  وشردت مئات الالاف من المواطنين العراقيين داخليا وخارجيا  ومن المتوقع ان تستمر هذه الحالة اذا لم  يتم تنفيذ  اصلاح الاوضاع بروح الوطنية والتخلص من الفساد ولابد من الاعتراف  ان هذا النهج المدمر هو الذي اوجد مأساة ونتائج التهجير القسري والنزوح الى مناطق اخرى  طلبا للتخلص من  القتل الجماعي والفردي وضنك العيش .. وتبقى قضية النازحين عن مناطقهم والهاربين من جحيم الارهاب  قيد التعقيد اذا لم تجر اطلاق مبادرة وطنية حقيقية لحل المشاكل بين القوى المتصارعة على الكراسي .. في وقت دخل فيه العالم عصر الحداثة والتطور والتركيز على ادبيات حقوق الانسان  .. لكن تبقى الزاوية المظلمة  التي تؤشر اخفاقة  وجود واقعٍ مؤلمٍ وتراجعٍ مخجلٍ في حقوق الانسان واختلالٍ  مكشوف لقضايا وانصاف الانسان المدني في مناطق ساخنه من العالم  ومنها العراق .