23 ديسمبر، 2024 7:04 م

تبدأ الحرية اينما ينتهي الجهل …

تبدأ الحرية اينما ينتهي الجهل …

إن كثيراً من الناس يتفاخر بجهله ، فيما يخيل إليه من أن هذا الجهل علم يهيم به على رؤوس البشر
وهكذا يفعل الجهل بصاحبه ، يخيل له الحق باطلاً ، والباطل حقاً ، ويزخرف له الخطأ حتى يظهره في عينيه في أعلى درجات اليقين والصواب .
ولذلك تجد الجاهل حينما يتكلم يتكلم بغرور وأبهة واستعلاء ، يتيه على كل من يتكلم معه ، لما يوحيه إليه جهله ، مع أنه ربما كان المستمع منه يربو عليه آلاف المرات في العلم والمعرفة.
كما يخيل إليه ان  الجميع ينظر إليه نِظْرة الإعجاب لما يرى من دهشتهم التي بدت على وجوههم ، ولكن ليس إعجاباً مما يقول ، وإنما تعجباً منه كيف يهذي بما يقول, هكذا سارت الحياة حديثا.
 بينما تجد العالم كلما ازداد في العلم ثباتاً ، كلما ازداد بين الناس تواضعاً ، وكلما ازداد بينهم تواضعاً ، ازداد في أعينهم رفعة وبينهم وقاراً.
فيأبى الجهل إلاَّ أن يضع صاحبه بين الناس وإن يترفع بجهله عليهم ، واستسلمنا له ، وأخذنا نطبع أنفسنا لنحملها على قبوله والرضوخ له ، وكأننا نريد تكريسه في أمتنا.
و بدلاً من أن نلقن الناس العلوم التي سعينا ونسعى اليها ، انقلبنا من  أمة قائمة على العلم والمعرفة ، إلى أمة نائمة وغافلة يقودها جهلائها، وعابثة في النهار، نمضي ليالينا في النقاش والجدل في أمور ربما فرغت أمتنا منها منذ قرون… وننام على النفاق والجهل ، ثم  ندعي اننا كنا نسعى بالنقاش الى رفع امتنا بين الامم. 
 وزاد الأمر على هذا فتجرأنا على الفتوى من غير علم وتخبطنا فيها حتى أحللنا كثيرا مما حرم الله وأحل ، ولم يسعنا هذا فانطلق بعض الناس كالوباء … ولكن لا ليفتك بأعداء أمته، بل ليقضي على عظماءها الذين شَرُفَت بهم الأرض، وانتشرت بجهودهم العلوم، فاصبحنا أكبر معاول لهدم ما تبقى من آثار هذه الأمة العظيمة … فكفينا أعداءنا ما سعوا له من غاية وتسابقوا إليه من هدف.
وهكذا ينقلب الإنسان بجهله إلى أداة تدمير وفساد ، بدلاً من أن يحقق الغاية التي من أجلها سعينا وهي البناء والإرشاد.
  وزالت معالم العلم والعلماء ، وغيرت مناهج التعليم في الأمة ، حتى صار الطالب يتخرج من الجامعة لا يعرف اي شي حول علوم تخصصه في الجامعة، ولا يعرف عن تاريخ أمته جزءاً مما يعرفه عن تاريخ عدوه ، وصار يعرف الكثير عن المطربين والممثلين ، ولكنه لا يعرف القليل عن مشاهير علمائه  الذين كانوا للعالم منارا”،  قلت المعرفة ، وفشا الجهل وظهر الغرور ،وانتشر القتل وعمت الفوضى ,وانهار البلد وتركه العلماء ليسعى فيه الجهلاء حكما وتجارتا”.
فغيرت المعايير ، وبدلت الموازين ، فَأْتمن الخائن ، وخُوِّنَ الأمين ، وسُئِلَ الجاهل، وتُرِكَ العالم ،  والجاهل يتسابق  في هواه … يَضِل ويُضِل. 
إلا أن الأمر تجاوز هذا، إذا أصبحنا نرى أناساً لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، يخوضون في الحكم ومصير الناس، ويأتون بالعجائب، محرفين لشرع الله، مزيلين كل اسس العلوم التي ترتقي بالشعوب.وصار العلماء عقبة في طريق التقدم والعلم بنظر الجهلاء.
إن الأمة التي ترضى بالجهل، وتتقاعس عن العلم تدفع الثمن غالياً، والضريبة مضاعفةـ
  علما بأن الجهل لم يعد مقتصرا على عامة الناس فالنخبة مصابة
أيضا بداء الجهل ، و الجهل لا يعني بالضرورة عدم المعرفة بالشيء ، و إنما
يعني أيضا التعصب و التفرّد و التسلّط و فرض النفوذ على الآخر ، فكم من
زعيم سياسي جاهل ،و كم من وزير جاهل و كم من مدير جاهل و كم
من مشرف في قمّة الجهل.
فهنيا” لنا جهلنا بين الامم………