23 ديسمبر، 2024 9:45 ص

تبادل الادوار بين الفعاليات السياسية العراقية

تبادل الادوار بين الفعاليات السياسية العراقية

رسم لنا التاريخ تبادلا في الادوار بين الطبقات السياسية العراقية منذ تاسيسها والى اليوم ، فبعد ثورة العشرين التي افتت بأنطلاقها المرجعية الدينية في كربلاء في حينها وبعد انتهاء الثورة او الانتفاضة آنذاك حرم اولئك المراجع التعيين في الوظائف الحكومية عادين ذلك تعاونا مع المحتل مما جعل هذه الوظائف تتركز في عوائل معينة من المجتمع من دون غيرها وحتى  انعكس على التمثيل البرلماني في مجلس الامة العراقي وعلى سبيل الذكر كان ممثل كربلاء وغيرها من المحافظات الوسطى في البرلمان العراقي من اهالي بغداد ولدورات برلمانية عدة.
وبعد سقوط النظام السابق في عام 2003 ظهرت فتاوى جديدة تحرم العمل في الوظائف الحكومية وعدتها جزءاً من الارتماء في احضان المحتل واجازت قتل من يخالف ذلك ، وبعض من تلك الفتوى ذهب الى ابعد من هذا حتى عدت الاختلاط برجال الامن والموظفين الكبار جريمة توجب اعدام فاعلها وبالفعل تم القصاص من بعض الذين خالفوا هذه الفتاوى.
هذه الفتاوى المعاصرة انعكست على الوضع الاقتصادي والسياسي على ابناء المناطق التي كانت خاضعة لتأثيرها وبات الجمهور هناك يعيش ظروف اقتصادية واجتماعية متردية فضلا عن وقوعهم في طائلة الاتهام المتأتي من امتداد المتطرفين في مناطقهم.
ولم ينتهي تبادل الادوار عند هذا المستوى بل بدأ يشعر المواطن في تلك المناطق الشعور نفسه الذي تولد لدى  سكان المناطق الوسطى والجنوبية ابان الحكومات السابقة والتي لم يكن لهم فيها تمثيل فعلي يتناسب مع حجمهم في المجتمع فضلا عن تفسير السياسات الحكومية ازائهم بأنها جزءا من اضطهاد طائفي ممنهج.
تبادل الادوار امتد حتى في تبني المواقف السياسية فكلنا نتذكر كيف جوبهت دعوة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بالرفض والاستنكار من قبل الكتل السنية حين دعا لاحالة اركان النظام السوري الى المحكمة الجنائية بعد تفجيرات الثلاثاء الدامي في الولاية الاولى وسرعان ما انقلبت بوصلة التأييد السنية لاركان النظام السوري الى العداء بعد ورود مؤشرات كشفت عن وجود علاقة وطيدة بين بشار الاسد والحكومة العراقية.
وهذا الموقف لم ينتهي عند هذا فلو شعرت كتلة سياسية ان علاقة مسؤول معين مع كتلة سياسية اخرى فأن غضب الفعاليات الاخرى سينصب عليه وأذا ما اراد مسؤول الترشيح لاي منصب عليه يضمر علاقاته مع بعض الكتل كي لايفقد ود الاغلبية والا فأنه لن يحضى بتاييد اصواتهم.
ويبدو ان عدم الثقة بات عنوانا مميزا في العلاقات بين الكتل السياسية العراقية وهو ليس وليد اليوم بل امتدادا لتاريخ طويل حتى قرأت حديثا لاحد فقهاء الاسلام يقول فيه اني سأغمض عينا وافتح اخرى لاني لا اعرف ماذا يفعل الفقيه الاخر عند السجود لانه كان يدرك ان الاخر اما يغمض كلا عينيه او يفتحهما ، ويبدو حال سياسيينا اليوم مثل ذلك الفقيه يغمض عينا ويفتح اخرى.