ككل ما جرىٰ ويجري في العراق ، فان اختطاف المواطنة الالمانية هيلا ميفيس في عرض الشارع وفِي منطقة تعج بالحمايات والقوات الامنية وكاميرات المراقبة ، ومن ثم تحريرها ( او اطلاق سراحها ) بعد ثلاثة ايام فقط.. وبهذه الصورة الدراماتيكية ، اثار وسيثير الف سؤال وسؤال ، دون مبالغة .
ويبدو ان شغل الغموض والمخابرات ، المهنة التي جاء منها السيد رئيس مجلس الوزراء بات يستهوي كل من يتصدىٰ لقضية الامن والامان في العراق ، والدليل على ذلك الّا احد يعرف حتى الان ( غير الراسخين في خفايا الامور ) كيف اختطفت ( او اعتقلت في رواية اخرىٰ ) السيدة ميفيس بهذه الطريقة البوليوودية ، ومن اختطفها بمثل هذا التحدي والبلد كله في حالة طواريء واستنفار ، سواء لجهة وباء كورونا وتداعياته ، او الوضع الامني والاستنفار الذي اعقب اغتيال السيد هشام الهاشمي ، واين وُجِدت ، وهل صحيح انها حُرِرت بصفقة ؟ ومن هم اطراف هذه الصفقة .. وهل .. وهل .. وهل ..
عدة اشياء تلفت انتباه كل من تابع هذه القضية وتداعياتها ، اولها زج اسم الحشد الشعبي بعملية الاختطاف ، حيث نسبت وكالة الصحافة الفرنسية ( افب ) الى مصدر امني ( كالعادة رفض ورفضت الوكالة الكشف عن هويته ) أنه تم اعتقال المسؤول عن الخطف وانه زعم أنه ينتمي إلى أحدىٰ فصائل الحشد الشعبي ، وأنه تم التوصل إلى تسوية لتجنب مصادمة، بإطلاق سراح المعتقل في مقابل تحرير الرهينة الألمانية ) حسب نص خبر الوكالة . فمن اجل توضيح الامور بكل صدق وابعاد الشبهة الجنائية عن هذا الجهاز الذي يمثل احد مرتكزات الامن في البلد ينبغي ان توضح وزارة الداخلية او الاجهزة الامنية هذه الامور بشكل جلي وسريع ولا لبس فيه وتعرف من هو هذا المصدر وما هي مصادره ، فاذا سكتت الوزارة عن ذلك فانها تقر بحقيقة صدق معلومات هذا المصدر والوكالة الفرنسية .
وثانيهما تغريدة السيد قيس الخزعلي على تويتر وتاكيده ان الطرف الثالث ( من هو ؟؟ ) مسؤول عن عملية الاختطاف لتعطيل صفقة الدولة العراقية مع شركة سيمينس الالمانية بشان اصلاح قطاع الكهرباء المتدهور دائماً .. فاذا كان الشيخ الخزعلي يعرف الطرف الثالث ، فهل افاد جهات التحقيق بما يملك من معلومات وخبايا ، ام ان حساباً مزيفاً انتحل اسمه ونشر التغريدة ؟
وثالث الاشياء هو المنشور الذي وصل الى اغلب العراقيين واعتقد انه نُشِر على وسائل التواصل ايضاً ، والذي اشار الىٰ جملة من المعلومات الخطيرة للغاية، والتي تحتاج عاجلاً وليس اجلاً من كل جهة امنية او ذات اختصاص ان تبادر فوراً لاعلان رايها بها ، وهي عن كيفية دخول السيدة ميفيس الى العراق وهويتها ومهنتها الاصلية والادعاء بانها تعمل لصالح مخابرات اجنبية وان الاجهزة الامنية العراقية هي التي اعتقلتها ومن ثم تم اطلاق سراحها لاسباب معينة وعلاقة هذه المراة بعدد من المسؤلين ، وغيرها من المعلومات الخطيرة التي تحتاج الى اماطة اللثام عنها … و… و…
اخيراً ….
اتمنى على الناطق باسم وزارة الداخلية ، او اي ناطق اخر ان يجيب الناس على هذه الاسئلة او بعضاً منها بكل شفافية وصدق ليشفي غليلهم اولاً ، وليضفي المهنية والمصداقية على عمل الجهات الامنية التي لا نشك في جدية عملها رغم كل ظروف التدخل الاجنبي والتداخل والاختراق والخلط وتعدد الاجهزة وتشعب الولاءات ، كما اتمنى عليه ( وعليهم ) في هذه الحالة او في غيرها من الحالات الا يذّكرنا بجهود ، او يكيل المديح لهذا السيد المسؤول او تلك الجهة لمساهمتهم واشرافهم ومتابعتهم في مهمة تحرير السيدة ميفيس او في غيرها من المهام الامنية ، فهو يعلم ان هذا من صميم واجبهم وعملهم اليومي ، بل ان واجبهم يقتضي اتخاذ التدابير قبل وقوع مثل هذه الاعمال التي تزيد الضرر بسمعة البلد ، وهي متضررة اصلاً .