22 ديسمبر، 2024 7:12 م

تاريخ الفاو [ ح 4 ]
بعد احتلال العراق وسقوط النظام الصدامي, تم تغيير أسم المنصة الجديدة إلى ميناء البكر الى ميناء البصرة, وهما اليوم السلة الاقتصادية لكل الاقتصاد العراقي, فمن الفاو يأكل كل أبناء الشعب العراقي, والحكومة وقوات الاحتلال , والشركات الأجنبية التي تعمل لحماية السياسيين والمحتلين .
وتطورت الموانئ العراقية, وخاصة كادر الحفر والصيانة, وشارك عدد من كوادر الميناء ببناء ميناء قطر الكبير (المعروف اليوم من أوسع الموانئ في المنطقة) على المستوى الفني والإداري، وكذلك شاركت الموانئ العراقية ميناء الفاو في حفر القنوات البحرية في جمهورية اليمن الديمقراطية بكادر عراقي, ونفذت عمليات المسح والحفر والصيانة،
وبعد عام 1971- 1975, استقطبت الفاو أعداد هائلة من الأيدي العاملة العربية والآسيوية, وصلت الحال أن تعلن الدوائر عن {التعيين المفتوح } طوال أيام السنة ولكل المهن والشهادات الدراسية, واستقطبت الفاو أعداداَ من المصريين والسودانببن ودول أفريقيا, للعمل في صيد الأسماك واعمال البناء والزراعة والأعمال الفنية كافة, ووصل نفوس أهالي الفاو عام 1980 إلى (80) ثمانين ألف نسمة عدا الوافدين من خارجها.
أما شركة نفط البصرة. التي تحولت في زمن احمد حسن البكر عام 1973 ضمن قانون جديد للنفط باسم (شركة النفط الوطنية) كان مقر الشركة للخزن والتصدير في الفاو, وقد أسست منطقة سكنية لإيواء منتسبيها في الفاو, وهي من أجمل المناطق السكنية, لأنها شيدت بطراز غربي, حيث الشوارع المبلطة وساحات اللعب والرياضة بكافة انواعها ,والحدائق على جانبي الشوارع والازقة في وقت لم تكن المدن العراقية تمتلك مثل هذه الأحياء, وتسمى (الكمالية) فيها غالبية من المسيحين الذين سكنوا الفاو بعد هجرتهم اليها وعملهم في شركة نفط البصرة, ثم توسعت عوائلهم بمرور الزمن , فاشتغل بعضهم في الموانئ وسكنوا وسط أحياء الفاو الشعبية,
وقامت شركة النفط ببناء منتجع غربي في شمال الفاو في الثلاثينات من القرن العشرين يسمى ( الهاتف), ولا أبالغ أن أقول إن المنطقة عند دخولك فيها تشعر انك لست في العراق!!! . ذلك لطراز البناء والشوارع المعبدة والساحات المزروعة بنسق أوربي , في الحي السكني {الهاتف}. سينما ومسبح وملعب للتنس وكرة السلة والطائرة ومدرسة ابتدائية ’ يضاف إلى دوائر الشركة الخدمية , كالاتصالات والحمايات وغيرها,
وهناك مؤسسات ودوائر في الفاو مثل الصحة والتربية والزراعة والبريد والكهرباء والداخلية والبلدية والإطفاء والجمارك, إضافة للقطاع الخاص بكل أصنافهم, وهي المدينة الأولى في اقضية العراق التي تحقق وجود اقتصادي مثل هذه الدوائر منذ الأربعينات..وفي الفاو بناية لغاية الحرب العراقية الإيرانية كانت تستخدم دائرة بريد واتصالات . بنيت في زمن العثمانيين, واستخدم طرف من البناء مركزاً للشرطة قبل بناء المركز الجديد بجانب ( فلكة الفاو) في المنطقة بين السوق والكمالية والمعتقل عام 1976, وقسم أخر منها استخدم دائرة للجمارك التي كانت تنجز أعمال المكس والمرور للعراق للسفن التجارية الأهلية, التي كان وكيل أحد التجار المرحوم الحاج إبراهيم خليل,
كذلك يستقبل كمرك الفاو السفن الخشبية الهندية والباكستانية والكويتية والايرانية والبحرينية والقطرية التجارية التي كانت تنقل التمر العراقي اغلب أيام السنة إلى الهند وباكستان ودول القارة الهندية وتسمى ( كوتيه), وكان الميناء يقدم خدمات لهذه الحركة التجارية, جنباً إلى جنب مع الجمارك والصحة , حيث تتولى دائرة تابعة لصحة الموانئ ,تسمى { مير بحر}عملية فحص الوافدين وسلامتهم من الأمراض المعدية , ويتم حجز من يشكون في سلامته الصحية في منطقة جنوب الفاو تسمى ( كرنتينه), ويقدم له العلاج حتى تتأكد السلطات الصحية من سلامتهم , ثم يؤذن له الدخول إلى العراق , أما التجار الهنود فكانوا يتعاملون مع المرحوم (الحاج عبد الحسين جيته) الهندي الأصل الذي اعدمه حزب البعث بتهمة التجسس لإسرائيل , أما في الفاو , فكان الذي يتولى عملية تمشية معاملة الدخول والخروج التجارية ويتولى تمشية الأوراق الرسمية, هما المرحومان الحاج كاظم صالح البغدادي والحاج غضبان عبد الكريم الفضلي, اللذان أسسا حسينية كبيرة في الفاو عام 1958.
فكانت الفاو المدينة العراقية الوحيدة بحكم موقعها, تتعايش مع السفن والبواخر الأجنبية , ويلج اليها الاجانب من كل الجنسيات. وكان منظر الأجانب مألوفاً لدى أبناءها في أسواقهم ( في الوقت الذي كانت المناطق العراقية تعيش على الزراعة والرعي فقط) كان أهالي الفاو يتعايشون مع هؤلاء, ولم تسجل جريمة سرقة واحدة, أو عملية سطو على السفن الأجنبية لغاية الحرب العراقية الإيرانية على هؤلاء الهنوداو اعتداء او نصب واحتيال على اجنبي قط.
ولا بد أن اذكر الدائرة الوحيدة في العراق من نوعها وتسمى (شركة كريمكنزي) وهي شركة تتولى نقل العمال الأجانب الوافدين للعراق من البواخر الراسية في المياه الإقليمية العراقية بالفاو, تنقل العامل الأجنبي عند مرضه أو أجازته أو انتهاء عقده أو فصله من العمل , ولأي سبب كان , تقوم شركة كريمكنزي بنقل العمال الأجانب إلى بلدانهم .عن طريق مطار البصرة القديم.