18 ديسمبر، 2024 11:54 م

تابوهات تفقد قدسيتها  بين صمت السلطة وجحود الإعلام  المحلي 

تابوهات تفقد قدسيتها  بين صمت السلطة وجحود الإعلام  المحلي 

جميل ما كتبه ، الإعلامي  العراقي المعروف ، عماد عبود ، على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ، ”  تويتر يكشف لك تفكيرهم ، فيس بوك يكشف لك موقعهم ، سناب شات يكشف لك اجسادهم ، انستغرام يكشف لك طعامهم  ، واتس آب ، يكشف لك وقت نومهم ، وبعد ذلك كله يقولون  لك احترموا خصوصياتنا !!” أية خصوصية وأي تابو  تلك التي أصبحت على كل لسان ، صور شخصية ملتقطة من غرف النوم تخضع صباح مساء لعشرات عمليات الابتزاز والتشهير والتسقيط  والفوتو شوب وبمختلف الأشكال  والصور ولأهداف شتى قد تكون شخصية وقد تكون سياسية ومالية وأمنية أيضا . “التابو ”  يعني  المحظور  مجتمعيا كونه خطا أحمر  سياسيا او أخلاقيا او أثنيا او عشائريا او أمنيا  وعده من المحرمات  وان لم يكن كذلك واقعا وما أكثر الـ  “تابوهات  ” المحلية  التي  تعني المحرم أو الممنوع عموما  و المقدس أحيانا، في مجتمعنا اليوم ، مع اقتصار مفهوم ” التابو ”  جهلا على ما يتعلق بالجنس وثوابت الدين فقط ، ومن التابوهات التي تغافلت عنها وسائل الإعلام  العراقية بذرائع شتى يوم كانت صغيرة في بدايتها حتى كبرت واستفحلت شرارتها ومعظم النيران من مستصغر الشرر ووصلت الى حد الكارثة الإنسانية ” تجارة المخدرات و الأعضاء  والسحر والتنجيم  على مستوى الساسة  أنموذجا ” .بيع الكلى على سبيل المثال أمام  مستشفى وسط العاصمة بغداد وتورط باعة الشاي المجاورين له بعقد صفقاتها المشبوهة  بين المتبرع (مقابل 3 ملايين دينار)  وبين المشتري ( مقابل خمسة ملايين) اضافة الى عقد صفقات مماثلة  في أزقة البتاويين او احياء ” فرانكشتاين في بغداد ” التي وثقها الروائي ، احمد السعداوي ،في روايته الحائزة على جائزة البوكر بنسختها العربية عام 2014  تابو حقيقي  بدأت خيوطه العنكبوتية  تنسج  عام 2003 إلا أن واحدة من وسائل الإعلام لم تتناوله بشكل جدي وتفصيلي حتى انبرت الـBBC   له في نيسان  2016 فأصبح بظرف 24 ساعة”  مباحا”  ورفعت عنه جميع الهالات المقدسة والحواجز الإنسانية التي كانت تتذرع بها وسائل  الإعلام المحلية  وإداراتها  تحت يافطة ” إنتهاك الخصوصية ” ولكن بعد نشرة  البي بي سي ” زالت هذه الخصوصية ” واصبح أمرا مشاعا يستحق التغطية – انسانيا – من دون قيود تذكر  ويبقى السؤال هو لماذا ؟ صحيح ان  الناس على دين ملوكها ولكن ليس الى هذا الحد ، صحيح ان السماء لو أمطرت حرية فأن بعض العبيد سيرفعون المظلات اتقاء شرها بالنسبة لهم ولكن ليس الى هذه الدرجة ، صحيح ان الضفادع لو أجلستها على عروش من ذهب فأنها سرعان ما ستعاود القفز الى البرك الآسنة ثانية ، صحيح ، ان ” الصرصار ” لو رششته بعطر فإنه سيموت ولكن ليس الى هذه الوضاعة التي تحيل المقدس الى مدنس بين عشية وضحاها  مادام  إعلام “السادة ” الغربي قد  انتهك قدسيته ليشجع إعلام ” العبيد ”  المحلي   على الخوض فيه من دون حواجز ولا ضوابط  ولا محظورات تذكر  .الحديث يصدق على ظاهرتي   السحر والتنجيم  وادمان المخدرات والإتجار بها ولا نريد الخوض في دور البغاء والرذيلة لحساسية الموضوع وليس لكونه تابوها ممنوعا من العرض والمشاهدة . السحر والتنجيم الذي يمارسه ساسة على مستوى عال في العراق  يعد تابوها  من قبل وسائل الإعلام بذريعة انتهاك الخصوصية ،  اذ تناقلت وسائل الإعلام العراقية، ولأكثر من مرة ومع كل حملة انتخابية على مستوى البرلمان ومجالس المحافظات، أنباء مؤكدة تفيد بأن عددًا من المرشحين قاموا بإرسال من ينوب عنهم إلى بعض العرّافين والمنجمين والسحرة؛ لشراء الأحجار الكريمة والتعاويذ السحرية والتمائم التي تجلب الحظ وتطرد العين وتسقط الخصوم – بزعمهم- ووصل الأمر بحسب المصادر إلى الاستعانة بالمنجمين المعروفين في جنوب شرق آسيا والهند لغرض التعرف على حظوظهم بالفوز في الانتخابات مع ما يكتنفها من مشاكل لا تعد ولا تحصى، لعل تزوير النتائج وشراء الأصوات في مقدمتها!! مع ان البي بي سي والسي ان ان ورويترز وروسيا اليوم   ونظيراتها  من المحطات العالمية  لو انها  تناولت هذه  الظاهرة فسترفع عنها الخصوصية  محليا وخلال ساعات لا أكثر وتصبح بعرف إدارات وسائل الأعلام أمرا يستحق المتابعة وليست تابوها ممنوعا من النقد  !!المخدرات والإتجار بها او ادمانها ، بدورها تابوها  آخر كسابقيه لم ينل حظه من التغطيات الإعلامية تفصيليا  لذات الذرائع غير المنطقية حتى اصبح العراق من أخطر الدول الآسيوية في تجارة المخدرات يتعاطى 10 % من ابنائه ما يمر عبر اراضيهم منها  بعد ان  أصبحت بلادهم  ممرًا ومعبرًا للمخدرات القادمة من الدول المنتجة باتجاه المستهلكة مع ورود أنباء مؤكدة تفيد بزراعة المخدرات، وتعاطيها، والإتجار بها، وانتشارها بين شريحة الشباب، وارداتها بمليارات الدولارات وبأشراف عصابات دولية واقليمية متخصصة منها اشهر كرتلات المخدرات في امريكا اللاتينية وصلت رائحتها الى البنتاغون كما اشار “انتفاض قنبر ”   وهو عنصر الارتباط  والذراع اليمنى السابق لزعيم حزب المؤتمر الوطني العراقي  الذي اغتيل بسم الأفعى  على وفق  ما أشيع بشأن  ملابسات وفاته الغامضة بعد وجبة عشاء في نادي الصيد ،  احمد الجلبي ، عقب  تهديده بكشف ملفات فساد كبرى تطيح برؤوس كبيرة  قد أينعت وحان قطافها  في لقاء متلفز  وباتت المخدرات  واحدة من اسباب الصراعات العشائرية الدامية جنوبي البلاد ايضا .الحكمة تقول ” إذا بالغ الشخص في الأدب، فاعلم أنه غير مؤدب، واذا بالغ في مدحك بوجهك فإعلم انه ناقم عليك  واذا أكلت سما في صحن  فأكمله ولا ترجع الصحن فارغا  كي لا يتسمم به احد من بعدك واولهم الكارسون قبل التمتع بلذة  البقشيش ” وانطلاقا من ذلك اقول ،  اما ان يظل التابوه محرما  الى مالا نهاية أو ان يعالج محليا قبل نشر غسيله القذر في الإعلام الغربي لأن الأخير لن يرقب في نشره إلا ولا ذمة وسيضيف عليه من التوابل والسموم ما يجعله غير صالح للهضم ، بخلاف المحلي الذي يراعي فيه الخصوصية والخلفية والإنسانية  والأخلاقية ولو بالحد الأدنى وبأقل الخسائر . اودعناكم اغاتي