دعوة من هذا النوع ” تأميم شركات الإتصال” قد تثير موجة من الرفض، وردود الأفعال المضادة، ولاسيما من إقتصاديين ورجال أعمال، من داخل الحكومة وخارجها، يتبنون فكرة خصخصة القطاع العام، إضافة الى الماكنة الإعلانية التي تروج لشركات الإتصال، وتدعم وسائل الإعلام مادياً من خلال حملاتها الإعلانية، الى جانب الشركاء الرئيسيين، من الذين يتوارون في الظل، لكن ثقلهم المؤثر لايمكن تجاهله، ولا تجاوزه، مع ضعف المصدات، لأي فعل لاتحسب له حسابه، بمقاييس العقل والمنطق.لاشك، بعض الرؤى، مهمة وأساسية، للطرف الرافض لفكرة ” التأميم”، خصوصاً تلك التي تطرح بقوة موضوع الترهل الذي أصاب المؤسسة الحكومية، والنفقات التشغيلية التي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً ومرهقاً على كاهل الدولة، الى حد أن تصريحات من داخل الحكومة تتحدث عن هذا الخلل، كاشفة عن وجود بطالة مقنعة في مؤسسات الدولة، وأن عمل الموظف الحقيقي لايتجاوز الـ ” 20 ” دقيقة في أحسن الأحوال، مقابل رواتب ضخمة لأكثر من سبعة ملايين موظف ومتقاعد، وبالتالي يصبح موضوع الخصخصة ملحاً، ولاسيما مع حالة التقشف التي تشهدها البلاد في ظل الأزمة المالية الناتجة عن تدهور أسعار النفط .لكن، هل يمكن أن نأتي بعصاً سحرية، ونقلب الواقع الإقتصادي بضربة واحدة، الى إقتصاد سوق، وقطاع خاص يستوعب جميع الفعاليات الإقتصادية، ويوفر فرص عمل للجميع، مع ضمانات معيشية.نحن منذ 12 سنة، ونسمع عن طروحات من هذا النوع، لكن غياب السياسة الإقتصادية، لم يعزز دور القطاع الخاص، كما لم يحدد شكل النظام الإقتصادي، فيما راهنت السلطة الحاكمة على إرتفاع أسعار النفط في وضع خططها السنوية ورسم بنيتها الإقتصادية. من هنا، لابد أن نتعامل مع هذا الواقع، بسلبياته وإيجابياته، بل وسياساته الإقتصادية والعامة الخاطئة، ولانحمل طرفاً دون طرف مسؤولية تجاوزالأزمة الحالية، ولا نعتمد على خطط آنية أساسها تدوير المال المتوفر، من دون البحث عن مصادر جديدة.وعليه، نجد فكرة تأميم شركات الإتصال، واحدة من هذه المصادر، خاصة أن هذه الشركات لم تلتزم مع الحكومة بدفع ما يترتب عليها من أموال، كما أن الضرائب التي فرضت عليها، كبائع، عكسته بدورها على المستهلك، وتملصت منها من خلال الإلتفاف على المواطن. لاتوجد أرقام رسمية لأرباح شركات الإتصالات العاملة في العراق، لكن بالتأكيد تشكل موارد ضخمة للميزانية العامة، لو جرت إدارتها من الحكومة، بشرط أن نمنع وصول المفسدين اليها.