مشهد 1 : الخالصي في الأعظمية ثانيةً وأشياء اخرى
* الخبر يقول المدرسة الخالصية في الكاظمية تنضم الى تظاهرات الأعظمية
لغاية سبعينات القرن الماضي وفي مدينة الكاظمية تحديداً كان يؤذن ثلاث أنواع من الآذان في ضريح الامام موسى الكاظم (ع) الأول هو الآذان بالطريقة الشيعية المعهودة ويرفع في ضريح الامام الكاظم، والثاني الآذان بالطريقة السنية المعهودة ويرفع في مسجد ومرقد قاضي القضاة أبو يوسف( تلميذ ابو حنيفة وجامع فتاواه) وهو جزء من الصحن الكاظمي، والثالث هو الآذان على الطريقة الخالصية وهو يختلف عن الطريقتين السابقتين ويرفع في المسجد الصفوي بجانب مشهد الامام الكاظم.
ففي خطوة توحيدية بين السنة والشيعة جرت في ستينيات القرن الماضي بعد انقلاب ثمانية شباط أسقط الشيخ محمد الخالصي (على أمل ان يكتسب دعم الدولة والشعب ليطرح نفسه كمرجعية بديلة عن مرجعية النجف) من الاذان الشيعي الشهادة الثالثة (أشهد ان علياً ولي الله) طالباً من السنة أن يضيفوا الى آذانهم ( حي على خير العمل) حتى قال فيه الشيخ محمد علي اليعقوبي:
محا نقطة الباء عند الآذان كي ما ترضى عنه النقطة الرابعة
ونقطة الباء هي الامام علي(ع) عند العرفانين ومشروع النقطة الرابعة هو المشروع الامريكي للتغلغل في العالم بعد الحرب العالمية الثانية وهو رديف لمشروع مارشال الامريكي للتغلغل في اوربا.
وخاب فأل الخالصي حيث لم يضيف السنة الى آذانهم (حي على خير العمل) خصوصاً بعد ان طالبهم بأقامة صلاة جمعة موحدة مرة في مسجد الامام ابي حنيفة النعمان ومرة في المسجد الصفوي، وذهب فيها هو أولاً من الكاظمية الى الأعظمية يتقدمه ناقري الدفوف احتفاءاً بهذه الخطوة فلما وصل الى الأعظمية أُخبر بأن امام جامع ابو حنيفة ذهب ليقيم الصلاة في الفلوجة فقال الخالصي قولته المشهورة ( ذهبنا نصلي خلفهم في ابو حنيفة فهربوا منا الى الفلوجة) علماً أن الخالصي كان ربما أول رجل دين شيعي عراقي يقيم صلاة الجمعة في العراق وقد سبق بذلك المرحوم السيد محمد محمد صادق الصدر، علماً ان صلاة الجمعة كانت تقام في ايران على عكس العراق.
مشهد2: قصيدة لشاعر موصللي في مرقد الأمام علي
* كتب الشاعر الموصللي عبد الباقي العمري قصيدة من اروع مايكون في تمجيد الامام علي مطلعها:
أنـت العلـي الـذي فـوق الـعُـلا رُفِـعـا ببطـن مكـة وسـط البـيـت اذ وُضـعـا
والشاعر نفسه كتب اقذع قصيدة في حق الشيعة (الصفويون) اثناء وقوع بعض المعارك بين سلاطين بني عثمان وسلاطين الدولة الصفوية، لكن هذا لم يمنع الشيعة من تطريز ضريح الامام علي بالقصيدة الاولى التي خطت بماء الذهب في المرقد العلوي الشريف مع علمهم انه كتب فيما يسؤوهم ايضاً.
مشهد3: المنقبة النبوية في الحويجة
* كنت اطرب لسماع المنقبة النبوية بالطور( الحويجي نسبة الى حويجة كركوك) عندما كنت عسكرياً ابان ثمانينيات القرن الماضي في كركوك وكانت كلها تبدأ بذكر الرسول والأئمة الاثنى عشر ومعانيها لاتختلف بتاتا عما يعتقده الشيعة في ائمتهم لكن ومع ذلك فان هناك اختلاف بين الجانبيين، فالشيعة يعيشون في التاريخ ويحاولون ان يستحضروه غالباً بطريقة بكائية وهم أكثر لجوءاً للدعاء وهم فيما السنة اكثر براجماتية فهم قليلاً ماينعون الموتى وأكثر اهتماماً بالحاضر لكن ماحدث بعد 2003 جعل البعض منهم يصاب بلوثة آذتهم وآذت الآخرين.
مشهد4: بغداد اون بغداد اوف
لقد ساد وهم ربما روج له الامريكان اعلامياً ابان تواجدهم وتلقفته وسائل الاعلام بأن الجانب الغربي (الكرخ) من بغداد سني مع العلم ان اهم مراقد الشيعة يقع في هذا الجانب ( مرقد الامام الكاظم) وان الجانب الشرقي (الرصافة) من بغداد شيعي مع العلم انه يضم اهم مراقد السنة ( الامام ابو حنيفة والشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ أحمد بن حنبل في الميدان)، كما اسهم وهم سابق بأن بغداد سنية روج له اعلاميون دون أن يسأل هؤلاء أنفسهم كيف ان صوب الرصافة (وهو الصوب الكبير من بغداد) وفي المنطقة المحصورة مابين الباب الشرقي ولغاية ساحة الميدان يضم ولمئات السنين أهم الرموز الشيعية بعد الأئمة الا وهي مراقد السفراء ألأربعة للامام المهدي( عثمان بن سعيد،محمد بن عثمان بن سعيد الخلاني،علي بن محمد السمري، الحسين بن روح)) الذي يشكل اس الأسس في العقيدة الشيعية، اضافة الى مراقد أهم رموز السنة. انا لا انفي ان يكون هناك حالات من التوتر الطائفي اثاره بعض السكارى او الحشاشين او الشقاوات على مر التأريخ مثل مايثيره الان بعض شيوخ العشائر اوامراء العشائر (وهذه التسمية مودة جديدة) وبعض(علماء) الدين ممن لم يبلغ بعضهم سن (الحلم) ، لكن التسامح هو الذي كان سائداً على مر التأريخ بدليل ان مرقد قطب الصوفية السني الشيخ عبد القادر الكيلاني لايبعد سوى مئة متر عن مرقد الشيخ الخلاني(سفير الامام المهدي). وان مرقد المنصور الحلاج الشيعي بجانب مرقد الشيخ معروف الكرخي السني في جانب الكرخ، ومرقد البهلول الشيعي الى جانب الشيخ جنيد البغدادي.
مشهد5: الشيعة الآن والشيعة أيام زمان
* لن أتعجب من بعض من السنة من أن يعتبر الشيخ الدكتور احمد الوائلي طالما انه شيخ شيعي معمم فهو اذن طائفي، لكني أتعجب من أن تشن مواقع اعلامية شيعية حملة ضد الشيخ أحمد الوائلي تقاد من قبل روزخونية الطبقة العاشرة بإعتباره مادحاً لقاتل الإمام موسى الكاظم لأنه قال في قصيدة كتبها في مدح بغداد:
بغداد مهما طال عهدك أو خبا نجم تألق في سماك وغابا
وتطامنت قمم كن شواهقا وتحول الآلق الخضيل يبابا
سيظلُ من مجد الرشيد مؤثل يضفي عليك بسحره جلبابا
وتظل قينة دار سابور على غصن تردد سجعها الطرابا
ويظلُ للمأمون عندك مجلس لنداء مسلمة دعت فأجابا
مع ان أحداً من الشيعة أيام زمان لم يقدح بقصائد السيد محمد سعيد الحبوبي في الخمرة:
كن لـدى جلوتِـها منتبـها فعلى تكييفـها طال اللجـاج
أَهي في الكأس أم الكأس بها إذ بدت صرفاً فأَخفاها المزاج
فهمـا شـئ بـدا مشـتبها أم هما شيئان خمـر، وزجاج
مشهد6: الدعوة للوحدة بين السنة والشيعة دعوة للتفرقة
ربمايسأل سائل كيف ان الدعوة لوحدة الطوائف تثير المخاوف على الوحدة الوطنية، واقول ان مثل هذه الدعوات غالبا ماتكون لفترة مؤقتة ولمصالح اصحاب مثل هذه الدعوات وليس للجمهور العام، وان مثل هذه الدعوات للوحدة بين الطوائف غالبا ما يتصدى لها أصحاب مصالح يطرحون أنفسهم كرموز (وبذرة الطائفية موجودة اساساً في تفكيرهم) معينة لكل طائفة على حدة ليكونوا ممثلين عن جمهورهم للتفاوض على شروط التوحد، وبمرور الوقت تصبح هذه الرموز رموزاً مقدسة للطائفة يصعب انتقادها سواء من قبل جمهورها اومن جمهور الطائفة الاخرى واي اساءة لها من قبل الاخر يؤدي الى تفاقم المشكلة الطائفية.
وتخبرنا التجارب ان مثل هذه الدعوات اطلقت في اوقات كانت فيها الوحدة الوطنية متماسكة جداً وان الطائفية كانت شبه متيبسة، وان الدعوة للتقارب كانت بمثابة كارثة لأن صنف الناس الذين دعوا اليها كان همهم الدفاع عن مصالحهم ودرء الخطر عن مواقعهم وأنفسهم وليس عن جمهورهم الذي يدعون، ومن عاش فترة 1958-1963 يفهم ذلك جيداً.
هل وجدتم رمزاً وطنياً يدعو الى التقارب بين طوائف الشعب والتقريب بين المذاهب؟
الم يكن كل من دعا الى التقريب بين المذاهب على مر تأريخ العراق هو من طبقة رجال الدين (وكل طائفة لها رجال دين) او من الاحزاب الدينية الممثلة لطوائفها التي تدافع عن مصالحها بالتخادم الطائفي، فالطائفي الشيعي بحاجة الى الطائفي السني والعكس بالعكس ليتسيدا المشهد وهذا لا يعني أن كل رجل دين هو طائفي.
مشهد 7: مثقفون أم محتالون
يذكر هادي العلوي ان اخطر انتهازي هو الانتهازي المثقف الذي يمكن له ان ينتقل من جهة الى اخرى ومن موقع الى اخر، احد هؤلاء ألف كتاباً اعتبر فيه ان التأريخ في العراق هو تأريخ صراع بين السنة والشيعة وليس صراع طبقات فتلقفه السياسيون من الطبقة العاشرة وروج لفكرته وسائل الإعلام النافذة ودعمته اجهزة غربية ليصل بالعراق الى هذا الحال والعاقل يفهم.
مشهد8: المقام سني
المقام ليس رست أودشت أو منصوري أو خنبات أو حجاز أو شرقي أصفهان أوغيرها من الأنواع التي يعرفها المختصون بتأريخ الموسيقى، والتي كان ليهود العراق باع طويل فيها وانما البعض اعتبر ان المقام سني (نسبة الى الطائفة) لكن دون أن يخبرنا على أي مذهب(مالكي،حنفي، شافعي، حنبلي) ولاتستغربوا ذلك فقد وصل الحال بنا الى هذا الاكتشاف والغريب ان المكتشف معمم شيعي وليس سني، وقد لا يعرف المكتشف ان قصائد الحبوبي وعبود الكرخي وهما شيعيان هي ماكانت تغنى من معظم قراء المقام الذين لانملك احصائية دقيقة عن طبيعة انتمائهم المذهبي.
مشهد9: طرفة تأريخية عن احوال السنة والشيعة في بغداد
من الطرائف التأريخية في القرون المنصرمة والتي يذكرها علي الوردي ان شيعي وسني اختصما مع بعضهما البعض(ربما حول أفضلية علي أوعمر) وهما يحتسيان الخمر في حانة مما أدى الى مشاداة بينهما وانتشر لهيب المعركة في سائر انحاء بغداد ، فما كان من صاحب الشرطة
الا ان يربط المتخاصمين من كلا الطرفين الشيعي والسني مع بعضهما ويرميهما في النهر والعاقل يفهم.