تمر علينا هذه السنة مناسبة الاربعين في جو ملبد بالتقلبات السياسية والتغيرات السريعة في الساحة العراقية حتى وصل الامر الى المنبر الحسيني فصار نجم بعض الاشخاص يصعد عاليا وينزل نجم البعض الاخر .
وفي هذا العام كما في الاعوام السابقة كان الحضور اللافت للرادود الحسيني باسم الكربلائي كما في كل عام لانه قرا في كل المناسبات فتراه حاضرا في كل محفل.
لكن الامر لم يكن فقط مشاركة بل كان تميزا من قبله في اختيار الالحان المناسبة للمناسبات المختلفة …
وفي كل عام تتوزع نسبة الاصوات التي يسمعها الزوار خلال فترة المشي الى كربلاء , ومن الملفت ان نسبة رفع الاصوات المنطلقة من مكبرات المواكب في هذه السنة كانت معقولة جدا حتى ان بعض المعتادين على رفع الاصوات منهم كان بمجرد ان تطلب منه التقليل يبادر الى ذلك وكأنه كان ينتظر الحجة للقيام بذلك .
وتبرز بعض اللطميات والقصائد المعبرة في هذه المناسبة وغيرها الا ان الاكثر حضورا في كل القصائد هي القصائد التي تحكي حالة المشي واستحبابه والدعوة له بمختلف الوسائل .
ودخل في هذا العام الصوت الايراني لان حصة كبيرة من الزائرين الايرانيين كانوا قد جاءوا بقصائد مسجلة لشخصيات معروفة عندهم وهي في العادة سريعة ومؤثرة .
ويمكن اعتبار هذا العام هو عام رجوع القصائد الاصيلة من الزمن القاسي من ايام حكم الطغاة من زمن القوميين الى نهاية حكم البعثيين وقد كان استماعها سهلا على النفس بعد انغماس كثير من الاشخاص في امور جانبية لا تمثل الرادود الحسيني او الخطيب الحسيني .
فكم كان جميلا ان تسمع صوت الشيخ الوائلي وهو يهدر بصوته الشجي في وسط الجموع وكأنه يقول مادام هناك من يستمع لي وينصت فانا لا زلت بينكم حيا ..
ويمكن القول ان الصوت الاول هو صوت الرادود باسم فقد كان مسيطرا في كل عام وفي هذا العام ايضا وهو يستحق ذلك بسبب توفره على قصائد تخص المناسبات جميعا ومنها مناسبة المشي الى كربلاء وكان وقع بعض القصائد في السنوات الماضية مزعجا بسبب ارتفاع الاصوات الا ان هذا العام قد احتوى هذه الظاهرة وهذبها وصار المشهد مهيبا حقا وكانت بعض القصائد تاخذ بالالباب وتجبر الانسان على التوقف والانصات .كما ان الاختلاف في اللغة لم يكن عائقا كبيرا خصوصا في الالحان الشجية فقد كانت مقبولة جدا بالرغم من عدم فهم السامعين لمعاني كلماتها.
ونتوقع في العام الماضي ان تزداد حلاوة اللقاء مع مادة الحرارة القلبية وربما يكون موسم الزيارة فرصة لالقاء بعض الرواديد لقصائد جديدة وتكون بذلك ظاهرة حسنة في زيارة الاربعين تمتاز بها عن غيرها .