23 ديسمبر، 2024 5:17 ص

تأملات في العدد (40) في الموروث الاسلامي

تأملات في العدد (40) في الموروث الاسلامي

ترددت كثيرا بعض الارقام والاعداد في الموروث الاسلامي وارتبطت بمناسبات او احداث او عبادات معينة وقد ذكرت أحاديث وروايات النبي والائمة من اهل البيت صلوات الله عليهم اجمعين بعضَ الأعمال العبادية المرتبطة بالاعداد ، وأشارت إلى أعداد محددة في بعض الأوراد ولعل اكثر عدد اكدت عليه هو العدد (40) الذي أولاه المختصون اهتماماً كبيرا حيث تكرر هذا العدد في مناسبات عديدة من آيات القرآن الكريم وأحاديث وزيارات أهل البيت (عليهم السلام)، ويشير المختصون الى انّ فيه سرّا من أسرار الله الكامنة التي لم يطّلع عليها أحد إلاّ الله سبحانه وتعالى والراسخون في العلم..
و يذكر لنا القرآن الكريم بعض قصص الأنبياء ويشير إلى دورهذا العدد في حياتهم ونبينها كما يلي :
1- قوله تعالى: ((وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ)) البقرة /51 
2- وقوله تعالى: (( قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )) المائدة / 26..
3- وقوله تعالى: ((وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)) الأعراف / 142
4- وقوله تعالى: ((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))الأحقاف/15
ومن احاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وروايات أهل البيت عليهم السلام التي تؤكد على العدد 40 في جوانب ومجالات مختلفة نذكر ما يلي بعضا منها :
قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :   ))إن الله خمّر طينة آدم أربعين صباحاً ))/ احياء علوم الدين المجلد4 ص237
وقال (ص):” أبناء الأربعين زرع قد دنا حصاده ” جامع الأخبار فصل 76ص140
وقال (ص): «ما أخلص عبد للَّه عزّ وجلّ أربعين صباحاً إلا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه» بحار الأنوار 242 70
وقال الإمام الصادق عليه السلام :” إذ بلغ الرجل أربعين سنة و لم يتب مسح إبليس على وجهه وقال : بأبي وجه لايفلح ابدا”!سفينة البحار ج1ص504 … وهذا يعني أنه سُجل من جنود إبليس اللعين والعياذ بالله .
وعنه قال : من حفظ من شيعتنا أربعين حديثا بعثه الله عز وجل يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه.
وعن الإمام الباقر عليه السلام :” ما اخلص عبد الإيمان بالله أربعين يوماأو قال ماأجّل عبد ذكر الله أربعين يوما إلا زهده الله في الدنيا ،وبصره دائها، ودوائها، وأثبت الحكمة في قلبه وانطق بها لسانه… ” بحار الانوار ج 70 ح 8 ص240
كذلك ورد عن الإمام الصادق إنه قال: (( إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلاً من المؤمنين فقالوا اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا قال الله تبارك وتعالى قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون))
ومن أسرار هذا الرقم هو زيارة الامام الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين، حيث روي في كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي عن ابي محمد الحسن العسكري(عليه السلام) انه قال: ((علامات المؤمن خمس: صلاة الخمسين، وزيارة الاربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم)).
ومن جل اسراره ايضا ما اوصانا به امامنا الصادق عليه السلام حول الدعاء الى الله جل علاه بدعاء العهد لمدة اربعين صباحاً عسى ان نوفق لأن نكون من انصار الحجة المهدي عجل الله فرجه الشريف..
أهمية ماورد في الروايات من الفضل لمن حفظ أربعين حديثا.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :” من حفظ عني من أمتي أربعين حديثا في أمر دينه يريد به وجه الله عزوجل والدارالاخرة بعثه الله يوم القيامة فقيها عالماً” بحارالأنوار ج 2ح5 ص154
عن الامام الحسين (عليه السلام) قال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان فيما أوصى به أن قال له: ((يا علي !.. مَن حفظ من أمتي أربعين حديثا ، يطلب بذلك وجه الله عزّ وجلّ والدار الآخرة ، حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصدّيقين والشهداء الصالحين وحسن أولئك رفيقا )).
عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام : ” من حفظ من شيعتنا أربعين حديثاً بعثه الله عز وجل يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه ” بحار الانوار ج 2 ح1 ص153
وكذلك قال الامام الصادق عليه السلام (من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاُ بعثه الله يوم القيامة عالماً فقيهاً). رواه الصدوق في اماليه باسناده عن ابن ابي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام. ونقله المجلسي في البحار في باب من حفظ أربعين حديثاً من المجلد الاول-
ويستحب في صلاة الليل الدعاء لأربعين مؤمن، وبعض الأدعية تقرأ أربعين صباحاً ، وبعض اوراد واعمال الروحانيين يدخل الرقم (40) فيها لاعتبارات يعرفونها .
ومما ذكرناه يتبين لنا اهمية العدد (40) وخصوصيته في ايات القران الكريم واحاديث النبي محمد (ص) وروايات اهل البيت عليهم السلام .  مما جعل الاستفادة منه عباديا وروحانيا دنيويا واخرويا .