11 أبريل، 2024 5:55 م
Search
Close this search box.

تأكل الطبقة الوسطى يضر بالتطور التأريخي للعراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

لو أمعن أي مؤرخ محاييد في مسيرة العراق خلال قرن لوجد أن التطور الملحوظ لم يكن نتاج رموز وحكام العراق ، إنما كان بفعل وجهد الطبقة الوسطى . بتعبير اخر كانت الرموز تتصارع باستمرار على السلطة ، ولم يك ذلك قد أثر سلبا على مسيرة أجهزة الدولة التي كانت بمرور الزمن بعهدة الطبقة الوسطى .
الدور السياسي للطبقة الوسطى .
تولت الطبقة الوسطى المتمثلة ببعض الأحزاب السياسية وبعض الأشخاص المستقلين دورا مهما إلى جانب الدور الرئيسي للحزب الشيوعي العراقي تحريك الاحداث السياسية منذ أواسط الثلاثينات من القرن العشرين بالدعوة إلى زوال الاحتلال البريطاني وتسخير مقدرات الدولة لصالح الفقراء ، ورفع الحزب الشيوعي آنذاك منسوب مقارعة الإقطاع ونصرة الفلاحين المعدمين ، وقد تماشت افكار الحزب الشيوعي العراقي مع توجهات الطبقة الوسطى لتوفر عاملين أساسيين الأول يتمثل بتشابه ظروف المعيشة لكل من العمال ومنسوبي الطبقة الوسطى ، والثاني تمثل بالتوجه الوطني التلقائي تجاه وجود المحتل وذيوله من جنرالات العهد العثماني وشيوخ الإقطاع ، وهكذا تمازجت التوجهات وصار الهدف واحدا والوسائل مختلفة ، ولكن ظلت الطبقة الوسطى متأثرة بأفكار الحزب مما دفع بالكثير منها للحصول على عضوية الحزب ، وقد توجت ثورة ١٤ تموز جهود الحركة الوطنية وكانت تلك الحركة وراء التغييرات الجذرية التي أصابت المجتمع العراقي بعد قرارات الثورة ، غير أن شيوع تلك المكتسبات وتراجع الإقطاع أمام الثورة وسؤ إدارة البرجوازية العسكرية للبلاد ، أدى كل ذلك إلى توحيد صفوف أعداء الثورة وفي المقدمة شريحة الضباط المغامرين وشيوخ العشائر وضباط مخابرات الدول الأجنبية أدى كل ذلك إلى قيام انقلاب شباط الاسود عام ١٩٦٣ الذي راحت ضحيته كل أطراف الحركة الوطنية ومنها الطبقة الوسطى، غير أن صمود تلك الحركة ولضرورة إدامة الحياة في الدولة والمجتمع عادت الطبقة الوسطى المتمثلة بالمدرسين والمعلمين والمهندسين والأطباء وأساتذة الجامعات والمحامين والمثقفين وغيرهم من حملة الفكر ، عادت لتأخذ دورها في تنمية البلاد ، خاصة بعد إجراءات التأميم التي اتخذت في تموز عام ١٩٦٤ ، حيث شكلت هذه الطبقة نواة توسع القطاع العام الذي أدى بدوره إلى قيام نقلة اقثصادية ملموسة تمثلت بأكثر من ٣٠٠ منشأة صناعية وزراعية وتجارية وسياحية حتى عام ٢٠٠٣ وكانت تشبع غالبية حاجة المجتمع ، غير أن الاحتلال ومن جاء معه ناصب العداء للقطاع العام وشل من حركة بعض منشأته واوقف البعض الآخر وباع الجزء الثالث بيعا تعسفيا للقطاع الخاص ، مناصبا العداء بالمقابل للطبقة العاملة في هذا القطاع ، بعد أن تركت جانبا الطبقة الوسطى ليحل محلها شرائح اجتماعية مغمورة جاهلة بأمور الدولة الإدارية والفنية والمالية ليعم بعدها الفساد الذي أخذ يحارب بدوره البقية الباقية من الطبقة الوسطى ، وليعمل منذ السقوط حتى هذه اللحظة على أهانتها والتعدي عليها سييما المعلمين والمدرسين والأطباء والمهندسين واخيرا المحامين ، وفي كل يوم يتصدر الموقف تعديا مشهودا أما على طبيب أو على معلم أو على مديرة مدرسة ، دون تحرك جدي من قبل أجهزة الدولة لحماية هذه الملاكات الثمينة، وهكذا بدأ تأكل هذه الطبقة وانكفائها على نفسها او جنوحها تدريجيا نحو طبقة الكادحين بفعل ضألة الرواتب وانعدام العدالة الاجتماعية في توفير أسباب العيش والسكن اللائق،
أن مناصبة العداء للطبقة الوسطى وإحلال البديل المزور للشهادة والأمي الأخذ بدور الريادة ما هو الا عمل مشين سيلحق الضرر بالتطور التاريخي للعراق وسيعمل على ايقاف تقدمه ( ،مثلما هو واقف حاليا ) ما لم يتم تدارك الموقف وإيجاد البديل المناسب بالعودة إلى تنمية الطبقة الوسطى واحترام دورها إلى جانب العمال في صنع التاريخ الحديث لهذا البلد العريق…..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب