18 ديسمبر، 2024 11:52 م

تأخر زواج الشباب معضلة في مجتمعنا تنتظر الحل!

تأخر زواج الشباب معضلة في مجتمعنا تنتظر الحل!

يعتبر العراق على مستوى الوطن العربي من اكثر الشعوب عزوفاً عن الزواج ، وتنتشر بشكل كبير هذا الظاهرة التي وصلت الى مرحلة خطيرة، ويتحجج بها الشباب اليوم، ويرمون سبب زيادة هذه الظاهرة الى قله المال وضيقه العيش رغم ان الرواتب تختلف عما كانت عليه في ذلك الزمن، والمخصصات والدرجات التي ينعم بها الكثير تغدق عليهم اموال جيدة، وان ترك الزواج او الابتعاد عن الفكرة يعني وجود مشكلة حقيقية وعدم حفط وصيانة الانسان نفسة …
وتتنوع الاسباب عن تأخر الزواج مع زيادة هذه الظاهرة واستفحال الامر مما يتطلب وضع حلول لتجاوز هذه المعضله واهذا كان هذا الروبرتاج لسماع اراء من تهمهم هذه الحالة واقوالهم:
* تعطيل الشباب
تقول ص.غ البالغه من العمر 41 عاماً ان الحروب أحد الاسباب الرئيسية في العنوسة وذلك لكثرة الوفيات من الرجال وعزوف البنات عن الزواج بسبب المشاكل الأسرية بين الوالدين، حيث تشكل للابناء نوعاً من العقدة والخوف من ان تحدث لها نفس المشاكل، وتعود سبب عنوستي الى كثرة المتقدمين لطلب يدي للزواج عندما كان عمري ثلاثة وعشرين عاما فلقد تقدم لخطبتي شاب ادعى انه من عائلة محترمة وقد ثبت العكس تماما، ومن ثم تقدم لخطبتي رجل كان عمره اربعة وخمسين عاما وحينها كانت في السادسة والعشرين عاما مما تم رفضه من قبل العائلة للفرق الكبير بالعمر بيننا وبقي الحال على ماهو عليه الى هذه اللحظة .
كما قال س.ت البالغ من العمر السادسة والثلاثين عاما ان سبب تأخري بالزواج هو عندما تقدمت لخطبة إحدى النساء بالغ ذويها بالمهر والتجهيز وحتى في حفل الزفاف مع انني اعمل في كراج للسيارات ومرتبي لا يتجاوز 400 الف دينار .
ع .ا حاصل على ماجستير عمره في الخمس والثلاثين حدثنا قائلا : نرى الشباب اليوم لايملك شيء داخل مجتمعه فهو أما عاطل عن العمل أو من ذوي الدخل القليل الذي بالكاد يلبي خمس حالة الشاب اضافة الى الظروف الاقتصادية الصعبة مع ارتفاع متزايد في كل مستلزمات الحياة من أسعار وغرف النوم والذهب وباقي الحاجات، ناهيك عن الاطعمة والاشربة اضف لذلك شرط البيت المستقل للحياة
الجديدة وهذا بحد ذاته عبئا لايشجع على الاقدام على الزواج ، وان مطالبة الشباب من قبل بعض العوائل التي تريد ان تؤمن مستقبل ابنتهم بمهور عالية وتوفير المسكن والملبس والعيش الرغيد للزوجة يعد واحدا من اهم الاسباب التي تحول بين الزواج عن طريق القاء الشرعي وهنا تحرم البنت التي باتت تنتظر زوج المستقبل نهائيا وهناك من الفتيات اللواتي تاثرن تأثرن سلبيا بما تبثه بعض وسائل الاعلام البعيدة كل البعد عن واقعنا فتراها ترفض الزوج من الفقير الغير متمكن وتشترط املاء طلباتها ولا تقبل مثل هؤلاء الازواج وتظل تنتظر كانتظار حتى يمضي قطار العمر ولاتستطع ان تتعكز على ما كانت تراه من شاشات التلفاز وتتمنى والتمني راس مال المفلسين .
* قول الشيخ
الشيخ محمد الجبوري يقول:
لقد شرع الله الزواج في الشريعة لمقاصد شريفة وغايات نبيلة منها اعفاف النفس وطلب النسل والتالف بين المسلمين فردا واسراً وجماعات فإذا تعثر الزواج وانحسر عن المد الاجتماعي، ضعفت فاعليته وقل النسل وكلت جدواه الاجتماعية والنفسية. والمجتمعات تنهض على مبدأ الزواج وتترابط فيها الأسر ويترابط افرادها وتكون من نمط المجتمعات المتقدمة في سبيل التمدن والتحضر في الاتجاهين الضروريين لبناء الحضارة اعني الاتجاه الروحي الآخذ بزمام النفس نحو مكارم الأخلاق .
والانسان بفطرته وغرائزه ورغباته ونزاعاته ميّال الي اشباع هذه الغرائز وتلك الرغبات والاستجابة لنداءاتها وتوجهاتها التي توظف في الفاحشة ويستوي في ذلك الرجال والنساء . يذكر العلماء ان تاخر سن الزواج يؤدي إلي انحرافات ومن اسباب هذه الانحرافات تأخر سن الزواج منها الحرمان رغم الزواج والانفصال والطلاق والترمل . ولذلك لابد للانسان من اشباع غرائزه وتحقيق العفاف ولابد مع ذلك من امن النفس وهدوء الاعصاب واستقرار الضمير وفراغ البال وسبيل ذلك الزواج الشرعي في إطاره الأخلاقي والسعيد .
كما ان المجتمعات غالباً ترتفع فيها نسبة العنوسة والعزوبة وتكثر فيها الجرائم غير الاخلاقية وهذه الجرائم لابد لها من مكافحة ومقاومة لكيلا تنغص معيشة المجتمع ولا تتم هذه المكافحة وهذا التهذيب والتأديب إلا بمجهود ضخم تنفق فيه الاموال كما تنفق الأوقات والأفكار والجهود فتبين من ذلك ان المجتمع الخالي من العوانس او الذي تنخفض فيه نسبة العنوسة والعزوبة اوفر اقتصادا واعظم أمنا لهذا الاعتبار وهو ان الاموال المنفقة في مكافحة الجريمة وقمع المجرمين تستثمر في مرافق اخرى تعود على المجتمع بالخير والنفع الوفير فينمو
اقتصاده وتزدهر حضارته وتتهذب عوائده ويكون المجتمع بذلك اخذ في مدارج الحضارة والرقي .
* رأي علم النفس
الدكتوره في علم النفس نبراس عماد تقول: ان المجتمع العراقي مجتمع اسلامي ويلتزم بعاداته وتقاليده الإسلامية والحضارية، وإن ظاهرة الابتعاد عن الزواج تخل في المجتمع ويسببٌ بنسبة في العنوسة والعزوف عن الزواج وذلك يرجع الى عدم التزام البعض بالشريعة في مجالات شتى منها السلوك والاخلاق والملبس والخروج عن مالوف العادات الاسلامية لكثرة التاثر بالفضائيات والاعلام كل هذا يترك صورة سيئة في مخيلة الناس، فينشاء الضياع والانحلال والابتعاد عن الاحتشام ونتيجة لذلك تراهم لا يفكرون بالزواج ولا يرضون حتى بفكرة الارتباط اصلا .
ماهو الحل لهذه الظاهرة؟ لقد تمكن المفكرون والمحللون والباحثون في مجال علم النفس وعلم الاجتماع لوضع حلول كثير من مشاكل ظاهرة العنوسه والعزوف عن الزواج وهي:
ينبغي على أهل الفتاة البحث عن رجل مناسب يستطيع أن يسعد ابنتهم وعدم النظر إلى غلاء المهر وإنما البحث عن رجل مسلم رشيد وصاحب أخلاق طيبة يحافظ على ابنتهم ويصونها ويسعدها.
وعلى الفتاة ألاّ تعتذر عن الزواج بحجة مواصلة التعليم فيضيع عمرها وتصل إلى مرحلة العنوسة، ولكن يمكن أن تتفق مع الزوج على مواصلة التعليم وهي متزوجة فبعضهن يتعلق بحجة إكمال الدراسة أو الخوف من المصاريف زاعمات أن الزواج يحول بينهن وبين ما يرومون من مواصلة التحصيل فمتى كان الزواج عائقاً عن التحصيل العلمي، بل لقد ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن وصفاء النفس وراحة الفكر وأنس الضمير والخاطر، والله عز وجل يقول : (وَأَنكِحُواْ الأيَمَى مِنكُم وَالصَّلِحِينَ مِن عِبَادِكُم وَإمَآئِكُم إن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغنِهِمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمُـُ) .
وكذلك تيسير سبل الزواج وتزويج الأكفاء وترسيخ المعايير الشرعية لاختيار الزوجين ومجانبة الأعراف والعادات والتقاليد الدخيلة التي لا تتناسب مع قيم ديننا الحنيف.
* رأي اصحاب محلات الذهب
يقول محمد مرزه صاحب محل صياغة الذهب : ان نسبة عزوف المشترين عن الذهب في أسواقنا المحلية وصلت إلى أكثر من النصف تقريبا كون الطقم الخاص بالعروس وبحسب الأوزان ارتفع إلى أكثر من خمسة ملايين . و يضيف مرزه أن أغلب الشباب لا يستطيع توفير ذلك المبلغ في الوقت الراهن لقلة فرص العمل، هذا الارتفاع سبب إرباكا للمتزوجين مثلما أدى إلى ركود في عملنا إلى حد ما. مع ان بعض المتزوجين من الأقرباء وبالاتفاق مع عائلة العروس قام بشراء خاتم الزواج وتراجي وربما خاتم صغير لأجل إتمام الزواج، فيما رفضت الكثير من النساء القبول بهذه الحالة لاسيما من اللواتي سبق وان تم الاتفاق مع عوائلهن على شراء طقم كامل من الذهب أثناء إبرام عقد الزواج وهو ما خلق مشكلة لبعض المتزوجين.
كان هذا رأي بعض اصحاب محال بيع المصوغات الذهبية في محافظات العراق مؤكدين ان ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية أدى إلى تراجع نسب البيع لأكثر من النصف، ونتيجة ذلك تزايدت أعباء الشباب المقبلين على الزواج على اعتبار أن شراء الذهب للعروس يعد أحد التقاليد الأساسية في مراسيم إتمام الزواج كما ويبدي البعض خشيته من تدهور البنية المجتمعية في البلاد فيما إذا استمرت أسعار الذهب مرتفعة، وإصرار الأسر على الحفاظ على هذه التقاليد التي تقضي بفرض مهور عالية على الزوج .
بقي لنا ان نقول ان الاسلام ونبي الرحمة محمد يحث على الزواج بقوله من بلغ الباءة منكم فليتزوج وفي حديث اخر صلاة المتزوج تعادل صلاة العازب اربعين مرة وبعدما فكر العازب ان يبني دارا ويؤسس عائلة تلاقفته يد الايام واعتصرته الطلبات دون ان تتدخل الدولة لحمايته وتسهيل امره فما كان منه الا ان يعود ادراجه فائزا بخفي حنين ونترك الامر لمن يهمه الامر، ليفكروا بحل جذري يعيد بعض ما خسرناه جراء المحن والحروب التي تعرضنا اليها.