18 ديسمبر، 2024 8:24 م

تأخر إكتمال الكابينة الوزارية.. الأسباب والغايات

تأخر إكتمال الكابينة الوزارية.. الأسباب والغايات

كثيرة هي المشاكل التي تعترض سير العملية السياسية في العراق، ولكن الأصعب فيها هو تكرار نفس المشكلة في كل ولاية لحكومة جديدة، إلا وهي موضوع البعبع المعضل ( الكابينة الوزارية) وما يصاحبها من مزايدات سياسية وقد تكون مادية نفعية، وكأن ساسة العراق ولاة أمر هذا البلد، متناسون إنهم وكلاء هذا الشعب وليسوا ولاته، فمن المفترض إن هذه الوكالة( النيابة في البرلمان) تلزم النائب بتحقيق مصالح الشعب، وإلا عد النائب ناكل بشروط العقد وحانث باليمين، وكل هذه التصرفات السلبية تزعزع الثقة، إن لم تكن الثقة قد أعدمت بين الفرد والسياسي.

وبالعودة لأسباب تأخر إكمال الكابية الحكومية، فهنالك أكثر من عائق يقف وراء هذا الأمر، الذي أصبح علامة فارقة لكل الحكومات المتعاقبة، والأسباب حسب أهميتها عديدة منها:

1_ عدم تنفيذ المادة 76 أولا” والتي تشير إلى وجود كتلة برلمانية أكبر، يتم تكليف مرشحها من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل الكابينة الحكومية، وقوام هذه المادة الدستورية، يكون أساس حقيقي لتفعيل النظام البرلماني، الذي يقوم على وجود حكومة حقيقية ومعارضة حقيقية وليست صورية كما هو الحال طوال عمر الحكومات السابقة وحتى الحالية.

2_ غياب الإرادة الحقيقية للطبقة السياسية، في تفعيل أدوات النظام السياسي الديمقراطي، حيث عمدت على عدم إحترام الدستور والمدد الدستورية، في موضوعة تشكيل الحكومة الحالية، بالإضافة إلى التقاطعات الحزبية نتيجة التصارع من أجل تحقيق مصالح الأحزاب، على حساب المصالح الوطنية، فكانت المزاجية الحزبية هي الضابط لإيقاع العملية السياسية، وهذا ما يصعب عملية الإتفاق في إكمال الكابينة الوزارية.

3_ المحاصصة التي عدت سببا” سلبيا” في هذا الأمر، أعتقد فيها مغالطة كبيرة لحقيقة النظام السياسي الديمقراطي، القائم على (القاسم الإنتخابي) والذي يعني وزن الكيان السياسي داخل العملية الإنتخابية أي(المحاصصة)،
إذن أين الإشكال في هذا الأمر( المحاصصة)؟ بكل بساطة الخلل كونها (مُطلقة)بتسكين الطاء، فلم تقييد المحاصصة بقانون، يضع تفصيلات دقيقة لإختيار الوزير والدرجات الخاصة، لكي يتم تحجيم الإرادة الحزبية أمام
الدولة وليس العكس.

4_ الإنقسام الداخلي للفرقاء السياسيين، وإرتباط أحزاب وشخصيات بالخارج، أعطى فسحة كبيرة للتدخلات الخارجية، وهذه التدخلات أثرت سلبا” في سد النقص للوزارات الشاغرة.

5_ حالة الإنقسام للمكونات السياسية الرئيسية، عادت من جديد لتطفو على السطح، حيث الخلاف الكردي_ الكردي على وزارة العدل، وكذا الحال داخل المكون السني على وزارتي الدفاع والعدل، وأما الشيعة معضلتهم كانت وزارة الداخلية ومن هو وزيرها؟.

هذه الأسباب الخمسة، تقف عائقا” أمام حكومة السيد عادل عبد المهدي، وعدم قدرته إقناع الكتل السياسية، بإستيزار الوزارات الأربعة المتبقية، وذلك ما يعقد المشهد السياسي لحلحلة مشكلة الهيئات (المستغلة) المستقلة، وأربعة آلأف درجة خاصة، عمومها لازال يدار بالوكالة.

أما الغايات التي تقف وراء ذلك، فمما لا شك فيه تنحصر في أمرين هما:
أولا”_ إن الأحزاب السياسية المتسيدة للمشهد السياسي، تريد الإبقاء على حكومة السيد عادل عبد المهدي ضعيفة، أمام إرادة تلك الأحزاب، للظفر
بأكبرعدد من الهيئات والدرجات الخاصة.
ثانيا”_ الجهات الخارجية تريد الإبقاء على هذه الفوضى السياسية، لتحقيق مآرب كثيرة سياسية وإقتصادية وأمنية، على حساب مصالح العراق وشعبه.

لذلك اليوم الطبقة السياسية عليها أن تعٍ، إن هذه التوجهات المأزومة، سوف تدخل العراق في نفق مظلم ومتاهات، تنعكس سلبا” ليس على الشعب العراقي فحسب بل على الطبقة السياسية برمتها، فالوعود الإنتخابية ذهبت مع الريح،
تاركة البلاد تكتوي بنار الأزمات وغياب الخدمات وتفشي الفساد المالي والإداري، والسبب غياب الرقابة الحقيقية، من قبل البرلمان وباقي الجهات
والمؤسسات ذات العلاقة، عليه فالديمقراطية لا تعني إنتخابات فقط، بل لا بد من إمتداد لتأثير السياسي، أن يكون لها وجود إيجابي على حياة الفرد والمؤسسة العراقية، عبر إرساء قواعد العدل والمساوة، وتحقيق إنتعاش اقتصادي، وواقع صحي وتعليمي متطور يوازي ما تشهده دول الجوار، ويتناسب حجم الموازنات العامة الإنفجارية، وإلا فإن الديمقراطية كما وصفها الإستاذ الإيطالي (لوتشيانو كانفورا) إنها كانت تعني في الإزمنة الرومانية” السيطرة على الشعوب”.