تتمتع منظمات المجتمع المدني في الكثير من دول العالم بالنشاط والحيوية التامة التي تكاد ان تضعها في عداد القدرة على مساعدة النهوض بعمل الحكومة بل هي مكملة ومقومة في بعض الأحيان للكثير من نشاطات الجهات التنفيذية ويكون الاعتماد عليها امر حتمي لحل بعض الإشكالات التي يمكن ان تقع في المجتمع وتسبب ربما مشاكل هنا او مشاكل هناك فيأتي دور تلك المنظمات التي أخذت على عاتقها الاهتمام بالفرد قبل الاهتمام بمكون الدولة والمؤسسات التابعة لها اي انها تقوم بدور البديل عن تلك الدوائر الخدمية.
من خلال المتابعة والتحقق عن وضع منظمات المجتمع المدني في الغرب تجد انها بشكل او اخر مسؤولة بشكل كبير عن القيام بدور مسؤولية الدولة بل انها تكاد تكون هي الصوت المسموع من قبل المواطن نفسه بسبب التصاق هذه المنظمات مع ابسط المواطنين وإحساسهم بكل ما يعانونه في حياتهم اليومية وفي المقابل نرى ان الدعم الحكومي والسياسي لتلك المنظمات يصل الى مراحل متقدمة بل أحيانا كثيرة يغطي الكثير من نشاطاتهم التي تعني برفاهية الانسان والوقوف على احتياجاته الاجتماعية والفكرية والتعليمية من خلال الندوات والدورات المتسلسلة كنشاطات عامة تمارسها تلك المنظمات الغير حكومية.
ولذلك فان دور فعاليات المجتمع المدني مهمة وتأتي اهميتها في المشاركة الواسعة في صناعة السياسة الى جانب الدولة التي تعتبر هي الاساس في صناعة سياسية البلد وتوجهاته مع دول العالم مع ان السياسة هي نتاج ديناميكي ما بين الحكومية والغير حكومية فالكل يشارك في صناعة هذه السياسة وكلما كانت الجماعات منتظمة ولها ادارة ذاتية
وتمتلك الخبرات والمنهج الاداري الصحيح كلما كان التفاعل مع مؤسسات الدولة التنفيذية قائما على الحلول الصحيحة والوصول الى قواعد المجتمع بأبعاده جميعا مهما اختلفت فكريا او اجتماعيا او سياسيا المهم انها سوف تحدث جوا من التفاهمات الصحيحة لإقرار الكثير من المشاريع المهمة والناجحة لخدمة الفرد في المجتمع وربما سمعنا من رئيس الوزراء الحالي الدكتور العبادي ما يمهد لتوجه تقوية هذه المنظمات حتى تكون فاعلة مثلها مثلما موجود في دول الغرب وهي تجربة ربما مرت بحياته قبل ان يكون مسؤولا في الدولة العراقية.
في العراق هناك حالة من التراجع الكبير لتلك المفاهيم والثوابت التي تحصل في دول اخرى مثل دول الغرب فلم نشهد ذلك التأثير الذي يمكن ان تمارسه منظمات المجتمع المدني لكي يبرز دورها الحقيقي الفعلي في صناعة الحدث السياسي والاجتماعي مع ان الطاقات القادرة على ذلك موجودة في صفوف الشعب العراقي وخصوصا الطاقات الشابة من المثقفين والجامعيين وغيرهم ويرغبون في اداء هذا الدور المهم الذي يكون على تماس كامل مع الفرد في المجتمع ولكن هناك العديد من الاسباب التي تقف عائقا أمام هذا الجهد قد يكون منها تأثير بعض المسؤولين الذين لا يطيقون عمل تلك المنظمات المدنية ونشاطاتها مما له تأثير على مناصبهم خصوصا عندما يكون هذا المسؤول متقاعسا في عمله فيجد المواطن ضالته عند اولئك الذين يعملون تطوعا فيعمدأمثال هذا المسؤول الى عرقلة عمل تلك المنظمات سواء على مستوى ترخيصها ام على مستوى المضايقة في عملها على الارض .
لقد لاحظنا إن منظمات المجتمع المدني بعد كل تلك الحروب وسقوط النظام السابق ازدادت بشكل ملفت للنظر البعض منها اتخذ غطاء شكلي فقط للعمل بصورة رسمية والبعض الاخر فعال ومستمر بالعمل بشكل كبير وناشط
اغلب المعوقات التي تواجه المنظمات المدنية هو عدم توفر الدعم الحكومي ومن اهمها عدم توفر مقر لكل منظمة لكي تمارس نشاطها وكذلك عم توفر الدعم المالي للمنظمات
للقيام بواجبها بشكل صحيح ومستمر علما ان اغلب أعضاء المنظمات يعملون بشكل طوعي دون مقابل
ولا بد أن نعلم ان منح شهادة التسجيل لكل منظمة صعبة جدا و لايمكن منحها بسهولة الا بتوفر شروط كبيرة منها المقر وعقد الاجار السنوي حتى يثبت به تاجير المنظمة تلك البناية ومؤيدة بكتاب تأييد من قبل مجلس المحافظة
لابد من التشبث والعلاقات من اجل الحصول على الدعم سواء كان حكومي او غير حكومي وهذا بالتاكيد يجعل المنظمة تعمل بشكل او اخر لصالح الجهة الداعمة وهنا يكون المقتل فيب عمل تلك المنظمات حين تبتعد عن الاستقلالية لأنها رسالتها ستكون ناقصة وتصبح بوقا للجهة الداعمة لها وتبتعد عن الروح الانسانية التي بنيت عليها القيم الأخلاقية في الدفاع عن المظلومين ومساعدتهم ولذلك أجد ان مسمى منظمات المجتمع المدني في العراق لا زالت ناهضة ببطئ كأنها مثل الليل الذي ما زال مثل طفل يحبو حتى تشرق شمس النهار.