بحث بسيط، أردنا من خلاله بيان رأي، وكشف صورة نفسية وإجتماعية، لما تعيشه شريحة معينه من المجتمع العراقي والعربي بصورة خاصة، والمجتمع العالمي بصورة عامة، من خلال التحولات النفسية والاجتماعية، مقترنة بعاملين مؤثرين جداً، هما عاملا الزمان والمكان، حيث ان هذين العاملين يلعبان الدور الرئيسي في هذه التحولات، فما نجده اليوم جيداً، قد يكون في زمان ومكان آخرين سيئاً وبالعكس.
في عصرنا الحالي أعلن عن السمنة، بأنها مرض يجب الوقاية والعلاج منه، ولكن يا ترى ما أسباب هذا المرض؟! لست من المختصين في المجال الطبي، ولكني أبحث الموضوع من جانب نفسي إجتماعي في نفس الوقت.
بملاحظة بسيطة من خلال مجتمعنا العراقي، قبل عقد ونيف من الآن، كانت النساء بشكل خاص تبحث عن أدوية طبية تمكنها من زيادة وزنها، لأنها بذلك تكون مرغوبة من الرجال وخطبتهم، فالرجل العربي ينجذب إلى المراة السمينة(المربربة)، فاستخدمت بعض النساء الدواء المعروف بإسم(الدكسن)، الذي يستخدمه مرضى ضيق التنفس، حيث يقوم هذا الدواء بنفخ خلايا الجسم! ومضاره لا تحصى على قول المختصين، وأُخريات إستخدمن دواءاً آخر إسمه(البرياكتين)، يقال أنه يفتح الشهية للطعام، كذلك ذكر لي صديق صيدلاني: أن الأمر ليس محصوراً على النساء فقط، بل تعداه إلى الرجال، فإنك ترى أحدهم اليوم بشكل، وتراه بعد يومين بشكل آخر فلا تعرفه!
اليوم بدأت النظرة تتغير، بدأ الرجل يبحث عن الفتاة الرشيقة، ذات القوام الممشوق، وكذلك بدأت المرأة بالبحث عن الشاب الرياضي الرشيق، لكن ظهرت مشكلة اخرى، وهي بحث الأثنان عن دواء الترشيق، فدخلت الأعشاب هذه المرة، لتجد لها مكاناً بين الأدوية الكيمياوية، وهي ترفع شعار(إن لم ننفعك فنحن لا نضرك)، لكن هل هذا صحيح فعلاً؟
من جهة أُخرى، كان من المتعارف عليه بين أوساط المجتمع، أنه إذا كان أحداً ما سميناً(بدين) يقال عنه: أنه مرتاح، ذو بالٍ صافٍ وغني غير محتاج، وقد يكون أكله من النوع الجيد والكثير، وعلى العكس منه الشخص النحيف، وكثر الموروث القصصي بمثل هذه الحكايات منها هذه الحكاية:
كان أحـد المـلـوك القـدماء سـميـناً، كثـير الشـحم واللحـم يـعـاني الأمرين، من زيادة وزنه، فجـمع الحـكمـاء لكي يجـدوا له حـلاً لمـشـكلته، ويخـفـفـوا عنه قلـيلا من شحمه ولحمه. لكن لم يستـطيـعوا أن يعـملوا للمـلك شيءـ
فجـاء رجـل عاقل لبـيـب متـطبـب ـ
فـقـال له المـلـك عالجـني ولك الغـنى .ـ
قال: أصـلح الله المـلك، أنا طبـيـب منـجم دعني حتى أنظـر الليـلة في طالعـك، لأرى أي دواء يوافـقه .ـ
فلمـا أصـبـح قال: أيهـا المـلك الأمــان ـ
فلـما أمنـه قال: رأيت طالعـك، يـدل على أنه لم يـبق من عمـرك غـير شـهر واحـد، فإن إخـترت عالجـتك، وإن أردت التأكد من صدق كلامي فاحبـسـنـي عنـدك، فإن كان لقولي حقـيـقة فـخل عني، وإلا فاقـتص مني .
فـحبـسه… ثم أحتـجب الملك عن الناس وخـلا وحـده مغـتمـاً… فكلما إنسلخ يوم إزداد همـاً وغمـا، حتى هزل وخف لحـمه، ومضى لذلك ثمان وعشرون يوما وأخرجه… فقـال ما ترى؟
فقال المـتطـبـب: أعـز الله المـلـك، أنا أهون على الله من أن أعلم الغـيب، والله إني لا أعلم عمـري فكـيف أعلم عمـرك! ولكن لم يكن عنـدي دواء إلا الغـم، فلم أقدر أن أجلب إليك الغـم إلا بهـذه الحـيـلة، فإن الغـم يذيب الشـحم ـ
فأجازه الملك على ذلك وأحسـن إليه غاية الإحسان، وذاق الملك حلاوة الفـرح بعـد مـرارة الغـم .إنتهى
لكن نرى اليوم أن الدراسات الطبية تقول: إن من أسباب مرض السمنة الرئيسية، هو عامل الغم والهم، وأجريت أبحاث في هذا المجال وأثبتت ذلك.
إستهوتني الفكرة، فخرجت أبحث عن عينة من السمان، وإلتقيت بهم وتعرفت عليهم، وبعد عدة محاولات معهم من خلال طرح الاسئلة العامة، ومتابعة عملهم وحياتهم الاسرية، وجدت أن هذه الدراسة صحيحة، حيث كانت بعض النساء عوانس(غير متزوجات)، وبعضهن الاخر، جالسة في البيت لا تغادره، إلا في مناسبات خاصة، عموماً فإن أغلبهن غير منفتحات على الحياة، ولا يشعرن بالسعادة، وكذلك الحال مع الرجال، لقد وجدت بان السمان منهم، يحملون هموما وأوجاعا كثيرة.
نخرج بحصيلة من هذا البحث البسيط:
أن ما كان سببا لشفاء مرضٍ ما، في زمان ومكان معينين، قد يكون في زمان ومكان آخرين، سببا لوجود المرض، ولذلك قيل: وداوها بالتي كانت هي الداءُ.
بقي شئ…
من المفاراقات, قرأت في إحدى المواقع الالكترونية، أنهم إكتشفوا(في استراليا بالتحديد)، علاجاً لسرطان الرئتين، الذي يسببه دخان السكائر، بنوع من التبوغ التي تستخدم في صناعة السكائر!