في الوقت الذي أحاطت الأزمات الداخلية والخارجية المختلفة، نظام الملالي في إيران، جاء قرار الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب ضد النظام الإيراني ليضيق الخناق عليه أكثر فأكثر.
وأدان الاجتماع في بيانه نظام الملالي بسبب «تدخلاته المستمرة في الشؤون العربية والتي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية» و«دعمه للإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية بالأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية» ويؤكد ضرورة مراجعة مجلس الأمن الدولي بسبب «ما قام به النظام من انتهاكات لقرار مجلس الأمن رقم (2231) فيما يتعلق بتطوير برنامج الصواريخ الباليستية» و«انتهاكات لقرار مجلس الأمن (2216)» فيما يخص اليمن و… .
يجب أن يوضع في الاعتبار أن تشديد الخناق على النظام، يأتي في وقت يكاد يختنق النظام في هذه الأيام بسبب ما تحيطه من أزمات خارجية أخرى مثل المساعي الاوروبية الهادفة لتجريعه كؤوس سم جديدة تحت عنوان «مراحل أخرى من خطة العمل الشامل المشتركة» المتمثلة في حضور وفد من الاتحاد الاوروبي في طهران، فضلا عن صدور قرارات للكونغرس الأمريكي بخصوص عقوبات جديدة على النظام وعلى الإرهابيين المرتبطين به من أمثال حزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية و… .
وعلى الصعيد الداخلي، فان عجز النظام في إيصال الإغاثة إلى ضحايا كارثة الزلزال الذي ضرب كرمانشاه بقوة 7.3 درجة على مقياس ريختر مع آلاف القتلى والجرحى ومائة ألف مشرّد، مقابل العمل التطوعي الشعبي لايصال المساعدات مستقلا عن الحكومة إلى الضحايا، بات رمزا يعكس الحالة التي يعيشها النظام وعلاقاته مع الشعب والمجتمع الإيراني. مما فاقم الأزمات الداخلية للنظام بشكل غير مسبوق، في مجالات الفقر والفساد والبطالة والإدمان والعتالة وبيع الأعضاء البشرية والتظاهرات والاحتجاجات للمواطنين المنهوبة آموالهم و… بحيث يبدي قادة النظام بشكل واضح خوفهم وهلعهم وتعترف عناصر النظام والاعلام التابع له تحت عنوان «عدم ثقة الشعب بالحكومة» وينذرون بعضهم بعضا، منها كتبت صحيفة «مردم سالاري» كتبت في 21 نوفمبر: «… السؤال هو لماذا لا يثق المواطنون بأي جهة حكومية أو سلطة حكومية لايصال المساعدات إلى المتضررين؟ …». كما كتب موقع حكومي آخر باسم «بايشكر» في اليوم نفسه من خلال طرح السؤال «لماذا أصبح المواطنون غير واثقين؟» يقول: «ما الذي حدث اليوم حيث يفضل المواطنون ايصال الإغاثة إلى المناطق المنكوبة أنفسهم بدلا من المسؤولين ليوزعوا التبرعات بينهم؟ …وأظهر الزلزال والمساعدات المباشرة من قبل المواطنين إلى المصابين الأكراد رأيهم فيما يتعلق بالحكومة والسلطات؟» كما كتب موقع حكومي آخر يدعى «تجارت امروز» : «… ان عواقب هذه الأحداث (الزلزال) تجعل المواطنين يشعرون بفقدان الحكومة وهذا الأمر قد يكون بداية فوضى اجتماعية واقتصادية في المجتمع …. وهذا لا يمكن مقبولا».
ان تفاقم الأزمات واضح جدا حيث أشار اليها حتى خامنئي في تصريحات موجزة أثناء زيارته شبه السرية للمنطقة المنكوبة بالزلزال قائلا: «كانت مشاكل عديدة قبل الزلزال، واضيف الزلزال اليها…».
وباختصار، رأينا خلال الأيام القليلة الماضية التي تلت الكارثة في كرمانشاه، أن موضوع الزلزال ونظرا إلى الوجود الفاسد للحكم، قد أبرز الصراع الواضح والخفي ولكن الحاد للغاية بين الشعب ونظام الارهاب الحاكم باسم الدين، وأضعف النظام أمام جبهة الشعب وجعله في توازن القوى في موقع أدنى بكثير.
وفي هكذا حالة، فان الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب يشكل مشهدا لمحاكمة النظام وعرض جبهة شكلتها السعودية مع الدول العربية ضد النظام، بالتركيز على الآلام المشتركة لجميع الدول العربية وهي التوسعية ومحاولات نظام ولاية الفقيه لاشعال الحروب والفتن. الجبهة التي تحظى بتأييد دولي قوي وبدعم من الولايات المتحدة من جانب والاتحاد الاوروبي من جانب آخر حيث التجأ النظام إلى الأخير خوفا من أمريكا، ولكن من الواضح أن كلمة اوروبا الموجهة للنظام هي المرحلة الثانية والثالثة لخطة العمل الشامل المشتركة، أي في واقع الأمر فرض الكؤوس السامة المتعلقة بملف الصواريخ وملف تدخلاته الاقليمية وملف حقوق الانسان والتي هي أكثر اثارة للرعب والخوف للنظام من الاتفاق النووي.
وقد اعترفت صحيفة «اعتماد» من جناح روحاني يوم 21 نوفمبر بذعر كبير بهذا الأمر وكتبت تقول: «الملفات الضخمة المتعلقة بقضايا المنطقة مثل سوريا واليمن والعراق ولبنان وافغانستان ومحاربة التطرف هي أيضا من جملة الموضوعات التي تم تضمينها في اطار المحادثات بين إيران واوروبا». كما كتبت صحيفة «كيهان» من جناح خامنئي في اليوم نفسه «تشهد المنطقة تحولات هائلة وبسرعة غريبة، بحيث يمكن القول اننا نمر بمنعطف تاريخي خطير للغاية».
وبما أن الحل الحقيقي لإنهاء الحرب والإرهاب والأزمات في المنطقة يكمن في إسقاط نظام الملالي، ومن أجل تحقيق ذلك فمن الضروري أن يتم تكملة مواقف وزراء الخارجية العرب بما أكدته قرارات مؤتمر القمة في الرياض (في ابريل 2017) و اجتماع قادة منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول (أبريل 2016) وعلى شكل الخطوات العملية التالية:
طرد نظام الملالي من منظمة التعاون الإسلامي وكل المؤسسات والأجهزة الاقليمية وإحالة مقاعد إيران إلى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
قطع الدول العربية والإسلامية كامل العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع النظام الإيراني.
اتخاذ تدابير ضرورية اقليميا ودوليا لطرد قوات الحرس والميليشيات العميلة لها من دول المنطقة
الدعم الشامل للمعارضه الديموقراطية السورية
إدراج قوات الحرس في قوائم الإرهاب وحظر كامل الصفقات مع الشركات التابعة لها.
إدانة جرائم نظام الملالي ضد الشعب الإيراني لاسيما عمليات إعدام 120 ألف سجين سياسي ومنها مجزرة 30 ألف سجين سياسي في العام 1988
يجب الانتباه أن الإرهاب والتطرف وعلى شكله الحالي ظهر في المنطقة منذ مجيء حكم الملالي وأن هذه السياسات المدمرة والمميتة لا تنتهي إلا بإسقاط هذا النظام. الأمر الذي هو ممكن وفي متناول اليد، بسبب الكراهية والنفور العام حيال النظام ووجود مقاومة شاملة وبديل قوي ومنظم له.