19 مايو، 2024 10:37 م
Search
Close this search box.

تأبين المبدعين

Facebook
Twitter
LinkedIn

تنتابني مشاعر متابينة من الفرح والحزن وانا أتابع أخبار طبيب عراقي يجري عمليات نادرة في بلاد الغربة، ويحصل على براءات إختراع، فيما تتسابق وكالات الأنباء العالمية، والفضائيات المختلفة، في تغطية إنجازاته الطبية، وتتبارى الدول في ما بينها في تقديم العروض له، والمغريات، إضافة الى توظيف كل الإمكانيات المادية والمعنوية لممارسة تخصصه في أجواء تناسب مكانته العلمية، بينما آخر من يفكر فيه، إن كان يفكر فيه اصلاً، بلده ووطنه.وينشغل العليل العراقي الذي لم يجد فرصته في العلاج في العراق، لهروب أصحاب التخصصات بسبب التهديدات التي طالتها، والإنتهاكات التي إرتكبت بحقها، في ترتيب حقائب السفر، ويضطر بسبب قراره هذا الى بيع ” اللي عنده واللي ماعنده”، مع أني لم أفهم حتى الآن الذي يعنونه بـ ” اللي ماعنده”، المهم أن يصل الى ذاك الطبيب العراقي ويجد عنده ضالته في العلاج.إبداعات عراقية متنوعة علمية وأدبية وفنية تناثرت بين الدول، ملأت الدنيا وشغلت العالم، دوننا طبعاً، ووضعت بصماتها في عوالم الطب والهندسة والفلك والفنون والآداب، وكان شرفاً سامياً لتلك الدول أن تمنح الجنسية لهؤلاء المبدعين، الذين وجدوا أنفسهم فيها، بعد أن جار عليهم وطنهم تحت مسميات : السلطة، والميليشيات، وأعداء الإبداع.لكن، ما إن يموت الشاعر، الكاتب، الأديب، الفنان التشكيلي، النحات، الطبيب، المهندس، المعمار، ونقصد كلا الجنسين، حتى تتعالى الروح العراقية لتأبين فقيدها الراحل في بلاد الغربة، وتستنفر الحكومة هيئاتها الدبلوماسية لنقل جثمان الفقيد على نفقتها الخاصة ليدفن في أرض العراق التي رفضت في يوم ما أن يعيش على ظهرها ويقدم خلاصة تجاربه الإبداعية بإسمها وتحت سمائها، وتستحضر الدوائر المعنية في السلطة العلية مراسيم وداع الفقيد المبدع الى مثواه الأخير، وتنجز مهمتها بحفل تأبيني يحضره كبار المسؤولين لتذكر فيه عبر فلاشات الكاميرات مآثره وإنجازاته ويسلط ” الزووم” على قسمات الحزن البادية على السيد المسؤول، عالي الجناب، فيما كنا نصر إلحاحاً، أو نلح إصراراً، على محاربة الفقيد بكل الوسائل ” الوطنية” التي تمثل سر قوتنا، و” إبداعاتنا”.سؤال من ” خبيث” يدّعي دائماً البراءة في طروحاته : لماذا كل أولئك الذين عادوا الى الوطن وتسلموا زمام حكمه، وهم يحملون أرفع الألقاب العلمية، لم يتركوا أثراً إبداعياً واحداً عندما كانوا في بلاد الغربة، والجواب من منافق : ربما حسهم الوطني كان يمنعهم من تقديم إبداعاتهم خارج الوطن، لتبقى في الحفظ والصون حتى عودتهم الميمونة لتظهر كما هي عليه الآن ؟!!!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب