26 نوفمبر، 2024 1:41 م
Search
Close this search box.

تآمروا على بعضكم البعض كما ترغبوا لكن ليس على حساب الوطن

تآمروا على بعضكم البعض كما ترغبوا لكن ليس على حساب الوطن

من المؤكد أنّ زيارة عادل عبد المهدي و أحمد الجلبي إلى أربيل ولقائهما بمسعود البارزاني السبت الماضي , ليس من أجل دفع مسعود بالموافقة على تسليم نفط حقول إقليم كردستان إلى الحكومة الاتحادية وحل الإشكال الذي تسبب بتعطيل إقرار الموازنة العامة للبلد حتى هذه اللحظة , ومن المؤكد أيضا أنّ هذا اللقاء هو من أجل إعادة بعث الحياة مجددا بتحالف أربيل , وهذه المرّة يبدو أنّ هنالك جهودا حثيثة لتحويل هذا التحالف لكتلة سياسية كبيرة بعد الانتخابات النيابية العامة القادمة , من أجل تشكيل الحكومة القادمة على قاعدة الكتلة الأكبر في البرلمان , فالمالكي في نظر قوى أربيل السياسية أصبح هو الغاية والهدف , وإزاحته عن المنافسة ومنعه من تشكيل الحكومة القادمة , بات هو المحور الوحيد في كل توّجهات هذه الأطراف السياسية .

وفي ظل النظام الديمقراطي يمكن لمثل هذه التحالفات أن تنبثق , ويمكن للقوى السياسية أن تلتقي على هدف سياسي محدد , سواء كان ذلك لإسقاط الحكومة أو لتشكيل حكومة جديدة , وهذا بحد ذاته يمثل جوهر اللعبة الديمقراطية , وليس هنالك من إشكال على مثل هذه التحالفات , ولكن في حالة تحالف أربيل , الأمر مختلف تماما , فلو كان الأمر يتعلق فقط بمنع المالكي من توّلي الحكومة القادمة , فلا غبار على تشكيل مثل هذا التحالف , لكنّ يجب أن لا يكون ذلك على حساب الوطن , فليس من المقبول تقديم وعود أو التنازل عن شبر واحد من الأراضي العراقية تحت ذريعة المناطق المتنازع عليها , أو القبول بشروط مسعود البارزاني بالتصرف بنفط العراقيين بعيدا ودون إشراف وزارة النفط العراقية , وبيع هذا النفط خارج شركة سومو , فتقديم مثل هذه الوعود خيانة عظمى للوطن , ولو كان الحاكم هو الشيطان بنفسه وليس نوري المالكي , فسوف يقف الشعب مع هذا الشيطان من أجل صيانة وحدة هذا الوطن و عدم التفريط بأرضه والحفاظ على ثرواته وثروات أجياله القادمة .

والجميع يعلم أنّ هنالك خلافا شديدا بين بغداد و أربيل حول العديد من الملفات العالقة , والجميع يعلم أنّ الحكومة برئاسة نوري المالكي لها رأي في هذه الملفات العالقة , سواء تلك التي تتعلق بالمناطق المتنازع عليها أو تلك التي تتعلق بالتصرف بالنفط والثروة أو تلك التي تتعلق بالسيادة والأمن , فأربيل تعتقد أنّ للإقليم حق في التصرف في النفط دون الرجوع إلى بغداد , وتعتقد أيضا أن للإقليم حق في أن يكون له جيشه الخاص به وسياساته الخاصة , وليس من الضروري أن تكون هذه السياسات منسجمة مع سياسات الحكومة الاتحادية في بغداد , فمن هذا المنطلق وبناء على السياسات التي تنتهجها حكومة الإقليم على أرض الواقع , والمتمّثلة بالانفصال الكامل عن سياسات الحكومة الاتحادية في بغداد , تصبح مثل هذه اللقائات والتحالفات موضع شّك وريبة , خصوصا أن الطرف العربي في هذا التحالف يسعى بأي شكل لمنع المالكي من توّلي تشكيل الحكومة القادمة , حتى لو كان ذلك على حساب الوطن .

وعلى ما يبدو أنّ هذه الأطراف جميعا أصبحت تلهث وراء تقسيم العراق من خلال تحويله إلى ثلاث دول كونفدرالية مستقلة عن بعضها , وهذا ما يسعى ويخطط له مسعود البارزاني , والمشكلة أنّ الشعب يغطّ في سبات عميق ولا يعي ما يدور حوله من مخططات جهنمية , فهذه الأطراف تخفي حقيقة نواياها , وتعلن للرأي العام إنّ الهدف من هذه اللقائات والتحالفات , هو صيانة النظام الديمقراطي والتصدي للديكتاتورية , لكنّ المتابعين للشأن السياسي العراقي يشمّون رائحة الخيانة والتآمر على الوطن , فالتحالف مع مسعود ضد نوري المالكي أمر ينبغي التوّقف عنده , ليس من أجل نوري المالكي , بل من أجل الوطن و دماء شهدائه الذين ضحوّا من أجله , وليكن في علم الجميع أنّ الصراع على كرسي الحكم يجب أن لا يتعدّى للتفريط بتراب الوطن وثرواته , ومثل هذه الصفقات المشبوهة لن تنطلي على الشعب ولن يسمح بتكرارها كما فعل أياد علاوي حين تصرّف بغفلة عن هذا الشعب و وهب مسعود بما لا يملك , فهذه المرة سيقول الشعب لكم لا و ألف لا للتفريط في الحقوق .

أحدث المقالات