الإنسداد السياسي والفشل في إختيار مرشح رئاسة الجمهورية في العراق تعود أسبابه الرئيسية للتدخلات الدولية والإقليمية في الشأن العراقي مما ينعكس سلبا على وضع العراق ويشكل ضغطا على الأحزاب والطبقة الحاكمة وحدوث الإنشقاقات الحاصلة في البيتين الشيعي و الكردي حصرا لإصرارهم على إتباع نفس الآليات غير الدستورية في تقاسم المناصب بعيدا عن مصلحة البلد والتفكير مليا الى ما وصلت اليه الامور من انهيارات وتردي في كل مناحي الحياة، ولكل بيت و خيمة يستظل بها اصحابها مجموعة قواعد هشة وأسقف متصدعة لم يعد يدركون خطورتها لأنهم قد وصلوا نقطة اللاعودة وقد أعمت الأطماع بصرهم وبصيرتهم وانغمسوا الى أذقانهم في البحث عن مصالحهم والبقاء اطول فترة ممكنة في مناصبهم.
فالبيت الشيعي للأسف فقد أصبح جليا بأن مخططيه و بُناته هم ليسوا بعراقيين ولا من شيعة العرب الأصلاء وهم دخلاء عليه في وسط بلد عربي عاش لقرون متمسكا بعقيدته ومتماسكا ويعرف معنى التشيع الصحيح المبني على الإيثار والزهد والتسامح مما انتج في حينها عراقا مستقرا فاعلا في محيطه الاقليمي ينعم بالأمن والآمان لا يعرف للطائفية معنى ولا للإرهاب سبيلا، حتى اجرمت امريكا بحقه وغزته حقدا وطمعا.
إن من بنى قواعد ذلك البيت بعد احتلاله قد وضع نصب عينيه مصالحه وتعمد في انهاك العراق وجعله تبعا له وإذلال أهله إنتقاما وثأرا، ورغم رفضنا واستهجاننا لتلك البيوت الطائفية لكن لو ادرك الحكام هذا المنزلق الخطير وسعوا في بناء بيت عراقي و بسواعد عراقية وأُسست قواعده وفق حياة مدنية تجعل الجميع متساوون و يتعايشون مع بعض بعيدا عن الأطماع والغاء الآخر والانتقام منه، وانصهروا في كل مناحي الحياة كما كان اسلافهم في التجارة والنسب والصهر لقرون لما وصل بنا الحال الى ما نحن عليه ،
ان ما حصل من تفكك وتناحر تتحمله أمريكا ومن تحالف معها من قريب وغريب بإجرامها الذي لن يغتفر وتحطيمها لأواصر الحياة الكريمة فيه وتمزيق نسيجه الاجتماعي، ولن ينصلح حال العراق إلا بتفكيك هذا البيت وتحطيم أعمدته وجدرانه وهدم سقفه ونقل أنقاضه ورميها داخل حدود جارة السوء ،ثم إعادة بنائه وفق ثوابت التسامح والتعايش وان لا يكون فيه الولاء لشخص مهما علا شأنه ولا لدولة مهما كان قربها وتأثيرها وقوتها، بل يكون الولاء فيه للوطن والمواطن وخدمته والدفاع عنه وعن الشعب العراقي والسهر على مصالحهم بعيدا عن العقائد الفاسدة والشعوذات والاحزاب المؤدلجة والاطماع الخارجية والحرص على تقريب و تولي الكفاءآت .
أما البيت الكردي فذلك في حقيقته عبارة عن بيت بطابقين منفصلين بأبواب خارجية وكل حزب يعيش فيه مستقلا عن الآخر ولا يلتقون الا عند الدخول والخروج منه نادرا، ولا يربطهم رابط سوى تقاسم نصيبهم من الميزانية الاتحادية والمناصب السيادية، ولكل واحد منهم أجندته وحكومته وعلاقاته الخارجية ولولا الضغط الأمريكي والأوربي والخوف من الغول التركي والإيراني لتفكك هذا العقد الهش بينهم منذ امد بعيد، والحقيقة التي مهما حاولوا اخفائها أن الطرفان يجمعهم ويفرقهم الطمع في كركوك والإستحواذ على ابار نفطها ونفط الاقليم عموما والتصدير خارج سلطة الدولة ومسك المنافذ الحدودية، ومن تكون له منهم الكلمة العليا، والتوسع خارج الإقليم مع ضعف وتراخي الحكومة المركزية وقضم الاراضي والتمركز فيها ، فهم يسعون لكامل حقوقهم في الحكومة الإتحادية وعدم السماح بالإقتراب من كل وارداتهم وحدودهم ، لكن ما طغى على السطح مؤخرا هو سعي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة السيد مسعود البارزاني بإنتزاع منصب رئاسة الجمهورية من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومقرهم في محافظة السليمانية، والذي بقي منذ الاحتلال من نصيبهم مقابل ان تكون رئاسة اقليم كردستان بيد السيد مسعود بارزاني وعشيرته وحزبه،. لكنه حصل تطور جديد بنقض السيد البارزاني لذلك الاتفاق لقطع الطريق على تولي السيد برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني لولاية ثانية وهو مرشح الاطار التنسيقي( الجناح الإيراني) الذي لا يستغنون عنه لانه مرشح ايران وممهد لتواجدها وتوسعها!.
وهذه تمثل ورقة ضغط وشرط من شروط التحالف الثلاثي لتمرير مرشحهم ولتحجيم الإطار وقادته ودفعهم الى تشكيل جناح المعارضة، وسيستمر الاحتدام بين البيتين ومن يسكنها ومن الصعب التنبؤ بما ستؤول اليه الأمور لأن كلا الطرفين لديه مؤيديه ومليشياته وداعميه من الداخل والخارج ويمتلكون المال السياسي الذي تشترى به الاصوات وتلوى من خلاله الاعناق و الإرادات وتعبد للحكومة المقبلة الطرقات.
أما البيت السني فلا وجود له أساسا وهو متلاشٍ بين البيتين وهم كالبدو الرحل يتنقلون حيث الكلأ والماء والعشب ومعهم انعامهم الهزيلة التي قد اهلكها الجوع والعطش لكون الرعاة جلفين قساة قلب لايهمهم سوى مصالحهم.
أما ما يسمى بالمستقلين من جميع الكتل فذلك فرية كبيرة فهم في العلن متحالفين مع التيار لكن كثيرا منهم خلسة قد إنسلوا وإصطفوا من باب التحوط بإتفاقات سرية مع الإطار بغية الحصول على مناصب وزارية ومواقع مهمة في الحكومة المقبلة، فرِجل هنا ورجل هناك وهم لا يعول عليهم بتاتا.
لذا فإن الخيمة أو البيت السني فهو بيت مهلهل ولا وجود له أساسا وهو كبيت العنكبوت فهو أوهن البيوت رغم أن فيهم شخصيات مستقلة مرموقة لكنهم ومع انضوائهم تحت زعامات فاسدة متمرسة في التلون وهمها الأول هو كيفية الحصول على المناصب والمكاسب فلا تأثير لهم في المشهد..
وإن بقي الحال على ماهو عليه فلا نستبعد أن تتقد النار في جذوة إنتفاضة تشرين من جديد (وقبيل إنتهاء مهلة السيد مقتدى الصدر واللتي ستنتهي في التاسع من شوال والتي امهل فيها خصومهم بالتفاوض مع الجميع عدا تياره) لحرق هذه الخيام وهدم هذه البيوت الآيلة للسقوط فجميعها بُنِيت تجاوزا على ارض العراق وهي متصدعة وآيلة للسقوط وستنهار من صوت هديرها و حتى قبل وصول آلة الهدم حدودها لأنها بنيت على باطل..
رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير..