23 ديسمبر، 2024 5:41 ص

بين يوغسلافيا وجيكوسلوفاكيا

بين يوغسلافيا وجيكوسلوفاكيا

لاتوجد دولة في العالم في شماله وجنوبه أو في شرقه أو في غربه لايوجد فيها تنوع عرقي , وان كان أبناء دولة ما من عرقآ واحد فأننا سنجد التنوع الديني والمذهبي في تلك الدولة وكذلك التنوع في المعتقد السياسي . ولا يوجد جواب أو تفسير واضح حول أسباب او ماهية التنوع . فالقران الكريم يشير أن الباري هو الذي خلقنا وجعلنا شعوبآ وقبائل لنتعارف … فهو جعل الهي . هذا من جانب ديني , يضاف اليه تراكمات السنين حيث منذ خُلق أدم والأنسان يهاجر ويُهجر فرادآ او جماعة , تارة بحثآعن لقمة العيش بسبب الجوع أو النقص في الموارد , وتارة الهروب من الحروب والبحث عن الآمن والسلام . ولهذة الأسباب وجدت أقليات عرقية ودينية ومذهبية في أغلب دول العالم , قد يكون حجمها كبير وملموس فتسعى الى أثبات هويتها ضمن أطار الدولة وحدودها ونتيجة لرفض هذا المطلب تنشاء الحروب ويقتل الأبرياء . في منطقة الشرق الأوسط وفي العراق يوجد تنوع عرقي وديني ومذهبي  ويوجد العديد من المعتقدات السياسية , فهذة المنطقة هي مهبط رسالات السماء ومولد الحضارات .  وبعد موجة الربيع الذي ضرب دول عديدة في المنطقة ورفرفة أجواء الحرية والديمقراطية, ولكونها ديمقراطيات ناشئة لا تمتلك خبرات فن الممكن . تعثرت الكثير من الدول في الأنطلاق الى بناء أنسانها الذي خرج للتو من ضغط الديكتاتورية وحكم الفرد وأخذت تنشغل بالمناكفات والصراع على السلطة وفرض راي الأكثرية وإقصاء الأقلية تحت شعار الإستحقاقات الأنتخابية . ونتيجة لهذا الفعل أخذت الأصوات تتصاعد من أقليات مختلفة وفي دول عديدة الى أنشاء أقاليم كردة فعل من أجل الحفاظ على الهوية أومن أجل الحماية من الإبادة الجماعية أوالإقصاء من المشاركة في دائرة صنع القرار , وصل الأمر في بعض المناطق الى ترويج فكرة الإنفصال. لا أريد أن ألوج في أحقية هذا المسعى فالسناريوات متعددة وكل منها له خصوصيته , و القرار بيد من يريد الأقاليم أو الإنفصال . ولكن أود طرح نموذجان للإنفصال وليكون نبراس نهتدي به أذا ما فشلت كل المساعي للحفاظ على الوحدة الوطنية في بلدان المنطقة .
يوغسلافيا الأتحادية …. أتحاد يتالف من صربيا , كوسوفو , مقدونيا , الجبل الأسود , البوسنة , كرواتيا و سلوفينيا . أعراق وأديان مختلفة تعيش في هذة الدول من القارة الأوربية وتسمى بدول البلقان نسبة الى سلسلة جبال تحمل هذا الأسم . أحتل العثمانيون هذة المنطقة 1499 بعد حروب دامية , وتغيرت الخارطة السياسية بعد أندحارهم على يد الأمبراطورية الروسية . وأسس الصرب مملكتهم بينما أصبحت مناطق كرواتيا والبوسنة وسلوفانيا تدريجياً تحت امرة الأمبراطورية النمساوية/ الهنغارية . وبعد تحرير هذة الدول من الأحتلال النازي 1945 ,  تأسست جمهورية يوغسلافيا الأتحادية الأشتراكية وأصبح جوزيف تيتو رئيسآ لها. 1990 وبعد أنهيار الأتحاد السوفيتي وبعد أجراء أنتخابات حرة في كل من كرواتيا وسلوفينيا تصاعدة الأصوات للإنفصال عن الأتحاد ومعها بدات الحرب بين الصرب من جانب وكرواتيا وسلوفينيا من جانبآ أخر . 1992 أعلنت البوسنية أستقلاها من الأتحاد فكانت الحرب بينهم وبين الصرب والكروات . ولم تتوقف حتى قامت أمريكا بقصف صربية وشلت حركتها وأعلن أستقلال البوسنة والهرسك ولكن كان الثمن باهض جدآ لجميع الأطراف المتصارعة حيث راح ضحيتها مئات الالف من الأرواح وتدمير كبير جدأ للبنية التحتية وأنهيار في الأقتصاد , حيث لا زال الدمار شاخصآ حتى يومنا هذا في العاصمة بلغراد نتيجة القصف الأمريكي .  حيث يرفض الصرب أعادة بناء ما تم تدميره كي يبقى شاخصآ للأجيال ويستعمل أداة لشحذ النفوس لأعادة البوسنة للحضيرة الصربية وتسمع هذا من أغلب الصربين . أما عن الوضع الأقتصادي فهو متردي جدآ في صربية بالذات وكذلك في البوسنة نتيجة للحرب المدمرة بينهم . ولم يبقى في الأتحاد الأ صربية والجبل الأسود وهو قائم حتى الأن .
جيكوسلوفاكيا أو شيكوسلوفاكيا ……. بعد سقوط الأمبراطورية النمساوية/ الهنغارية تأسس أتحاد بين الجيك وسلوفاكيا عام 1918 , فبلأضافة الى الأختلاف العرقي هناك إختلافات مذهبية كثيرة في هاتين الدولتين . وأستمر حال الأتحاد حتى أحتلتها ألمانية النازية عام  1939 وأبقت عليه بعد أن أقتطعت بعض الأراضي هنا وهناك . وأبان الحرب العالمية الثانية وبعد أندحار النازية على يد السوفيت عام 1945 في هذة المنطقة أصبحت جمهورية جيكوسلوفاكيا من منظومة الدول الشيوعية التي يترأسها الأتحاد السوفيتي وعضو في حلف وارسو. 1991 وبعد إنهيار الأتحاد السوفيتي , بداءت بوادر إنفصال بين الدولتين وبعد مناقشات يسيرة جدآ أتفق الجانبان على الإنفصال وحصل ذلك عام 1992 وعندها أنتهت جمهورية جيكوسلوفاكيا . وتم تقديم طلب الى الأمم المتحدة بأسم جمهورية الجيك و طلب أخر بأسم جمهورية سلوفاكيا وتمت الموافقة دون أسالت قطرة دم ودون تدمير أي بنية تحتية في كلا البلدين . وليس هذا فقط بل أصبحت الجمهوريتان أعضاء في الأتحاد الأوربي ( حيث يضم 27 دولة وتعداد سكاني بحدود الـ 500 مليون نسمة ويستطيع أبناء كلا الدولتين العيش في أي من دول الأتحاد ), أعضاء في حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) أعضاء في منظمة التعاون والتنمية الأقتصادية , منظمة التجارة العالمية , ويعتبر أقتصاد سلوفاكيا المتصاعد من أفضل دول الأتحاد .
نموذجان من القارة الأوربية سعا الى الأنفصال . يوغسلافيا قتل , دمار , كراهية وأقتصاد مدمر وحصل الأنفصال , مما أدى الى ضيق الأفق والتحالفات السياسية والأقتصادية . جيكوسلوفاكيا تفاهم ومدنية وأحترام متبادل فكانت النتيجة إنفتاح على باقي دول أوربا مما منحهم مساحة أوسع للتعامل والأنتساب . فهل شعوب يوغسلافيا تم إستغفالها من قبل ساستهم وكانت النتيجة الدامية . وهل كان ساسة جيكوسلوفاكيا أكثر وطنية وحرص على شعبهم فكانت النتيجة أستقلال وحرية ورفاه وبناء وحياة كريمة .
فاذا ما تعالت الأصوات في أحدى دول المنطقة فما هو خيارنا وأي النموذجين نختار والمنطقة تعج بالتنوع العرقي والديني والمذهبي والأصوات تتصاعد هنا وهناك بان الإنفصال هو الحل والأرواح و الدماء جاهزة ورخيصة من أجل الأستقلال …….
[email protected]