(إعداد اللاعب مقدم على بناء الملاعب)
في الثمانينات تمكن أحد أبطال العراق من الوصول الى احدى البطولات الاولمبية وقبل السفر تنافس الفنيون والاداريون – واللوكية -لإدراج اسمائهم ضمن الوفد المرافق للبطل العراقي بغية السفر – المجاني – بمعيته ، ولشدة المنافسة بينهم فإنهم قد بذلوا جهدهم ، وركزوا جل إهتمامهم على مخصصاتهم ، ومكافآتهم ، وأماكن اقامتهم ، وتأشيراتهم اكثر من تركيزهم على كل ما يخص البطل نفسه ، وكان الرجل فقيرا الا أنه موهوب ، حتى أنهم كادوا أن يذهبوا الى البطولة من دون – البطل نفسه – لشدة اهتمامهم بالديباجات ، والمظاهر ، وبالعناوين من دون المضامين ، اكثر من اهتمامهم بالسبب الرئيس لسفرتهم – وأعني به البطل الاولمبي شخصيا – !
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فالحقيقة كنت أظن واهما والى قبل دقائق من انطلاق كأس العالم بأن قطر قد أعدت منتخبا لايمكن مجاراته وسيصل الى نهائي البطولة حتما بعد 12 عاما من الاعداد المتواصل ، الا أن ما حدث في مونديال 2022 بخصوص المنتخب القطري ،قد صدم الجميع على خلفية المستوى الهزيل جدا ، وغير المتوقع بالمرة الذي ظهر به – العنابي – وكنا في العراق وخلال البطولات الخليجية أخشى ما نخشاه بعد الازرق الكويتي ، والاخضر السعودي ، هو العنابي القطري لما يمتلكه من قامات وخبرات وقدرات كبيرة وما تزال مهارات القطري ، منصور مفتاح ، محفورة في اذهان عشاق المستديرة في العراق !
الجهات المعنية بكرة القدم ، وعلى ما يبدو قد اهتمت بالبناء والاعمار ، وانشاء الملاعب والمرافق الرياضية ، والسياحية اكثر من اهتمامها بمنتخبها لكرة القدم – وهو الاساس – حيث قدم المنتخب القطري اداءا باهتا ، ومخجلا للغاية ، بثلاث مباريات متتالية أمام الاكوادور والسنغال وهولندا ، وبما لا يليق بسمعة العنابي ، ولا بمنتخب دولة مضيفة ، اذ لم تخسر منتخبات الدول المضيفة في مباريات الافتتاح على ارضها وبين جمهورها منذ انطلاق منافسات كأس العالم على حد علمي ، وأقل ما يقال عن المنتخب القطري الذي ظهر في المونديال بأنه لايصلح حتى كناد من الدرجة الثانية ، وفي أي دوري من دوريات العالم الثالث باللعبة !!
وكان المنتخب ضائعا ، ومفككا ، ومشتتا ، ولايجيد الاحتفاظ بالكرة اكثر من 5 ثواني ، ولا يتقن التسديد من خارج منطقة الجزاء ، ولا المراوغة ، ولا المناولة ، ولا حتى الدفاع عن مرماه ، وكأننا بمنتخب لم يتدرب ، ولم يدخل اية معسكرات تدريبية ، ولم يلعب أية مباريات خارجية ، ولا داخلية مع منتخبات قوية ومنذ مدة ليست بالقصيرة ، مراهنا على التأييد الاعلامي الضخم الذي يحيطه ، وبهجة استضافة المونديال ، وهنا تكمن الطامة لأن ” اعداد اللاعب ، مقدم على بناء الملاعب ” .
وكم كنت أود أن يحقق المنتخب القطري ما حققه منتخب نسور قرطاج التونسي ، حين تعادل في مباراة ، وخسر بأخرى ولكن خسارة مشرفة بطعم الفوز ، لينتصر وبجدارة في الثالثة والاخيرة على منتخب الديوك الفرنسي الذي يعد واحدا من أقوى فرق العالم باللعبة فضلا على كونه بطل كأس العالم 2018 …وكم كنت أتمنى لو أن العنابي فاز على احدى الفرق القوية ، بما يغطي على خسارتيه التاليتين أو السابقتين ، تماما كما صنع الآخضر السعودي الذي فاز في أولى مبارياته على الارجنتين ليطلق مشجعوه هتاف صدع اركان الملاعب ” ها ميسي وينو ..كسرنه عينو !” وبما لم يؤثر على معنوياته ، ولا على سمعته إثر خسارته المبارتين اللاحقتين ..وكم كنت أطمح بأن يتعادل العنابي على الاقل في جميع مبارياته، أو أن يحقق ما حققه منتخب أسود الاطلس المغربي من تأهل رائع بعد فوزه على المنتخب – البلجيكي – الافضل في العالم بحسب تصنيف الفيفا ، اضافة الى فوزه على منتخب كندا ،ولكن وعلى قول الشاعر ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ..تجري الرياح بما لاتشتهي السفن ،حيث واصل العنابي اداءه المرتبك وغير المقنع في كل المباريات التي خاضها قبل خروجه مبكرا من البطولة والتي أحسنت بلاده تنظيمها بشهادة الفيفا وكل المتابعين والمختصين .
وأقترح على الاتحاد القطري لكرة القدم بـ “الكف عن اللعب بالمجنسين” لأن كرة القدم اساسها ” اللعب بغيرة شديدة نابعة من الولاء للجمهور ، ولسمعة اللاعب ، ولتاريخ اللعبة ، والوطن ” ، الرياضيون المجنسون ولا أذيع سرا بما أقوله ” ليس لديهم من ذلك شيء ، ولو بالحد الادنى ، فهؤلاء يلعبون من أجل المال ، والجنسية ، والاقامة ،وليكن بعدها الطوفان !”.
كما اقترح تهيئة منتخب قطري 100% من الان فصاعدا كل عناصره قطرية أصيلة وليس دخيلة – تجنيس – اذا فازوا قيل أن المنتخب الوطني القطري قد فاز ..ولايقال كما حدث مرارا وتكرارا بأن – منتخب المجنسين- وعلى قول البغادة منتخب – من كل جدر كباية – قد حقق الفوز ، اذ لاقيمة تذكر لتحقيق أي فوز ، وفي أية بطولة ، وفي كل لعبة بالرياضيين المجنسين .
والاقتراح ليس حكرا على كرة القدم ، وانما يتجاوزها الى كل الالعاب الرياضية الاخرى ، درب مواطنيك في المدارس ، في الثانويات ، في المعاهد ، في الجامعات ، في النوادي الرياضية واصنع فرقا ومنتخبات وطنية بكل الالعاب الرياضية من مواطنيك لا من مجنسيك لأن ظاهرة فرق ومنتخبات المجنسين الرياضيين سابقة غير معهودة ، فضلا على انها غير صحيحة ، ولا تصلح للاستنساخ والاعمام والتقليد …رياضيا ولو كان الامر كذلك لوجدت ” محمد صلاح ، ورونالدو ، وهالاند، يلعبان لصالح المنتخب الانجليزي ، وكريم بنزيما ،وجونيور ، يلعبان في صفوف المنتخب الاسباني “.
وكان للدكتور خالد العبيدي ، رأي آخر فيما حصل للمنتخب القطري قائلا “إن هذا الفريق قد أعد إعدادا لم يحصل في تاريخ المنتخبات.. فبعد إحرازهم كآس آسيا 2019 ،بعد فوزهم على نظيرهم الياباني بثلاثة أهداف ،مقابل هدف واحد في المباراة النهائية التي أقيمت في الإمارات العربية المتحدة وعن جدارة واستحقاق ، فازوا بعدها على أعتى منتخبات القارة ، وشاركوا في بطولات دولية كبرى مثل كوبا أمريكا ، وبعض البطولات الأوربية ، ومباريات دولية على أعلى مستوى ، وحققوا نتائج مميزة وبأداء أكثر من رائع ، الا أن غلطة اتحادهم تمثلت بتجميع المنتخب قبل ٦ أشهر في معسكر خاص مع ايقاف الدوري القطري ،الذي ستعاضوا عنه بمباريات ودية ، فكانت النتيجة هي ضعف الجانب الفني والبدني مع تخمة بالشحن النفسي ما أسفر عن هذا الظهور الباهت..”
وتابع العبيدي ” أما عن التجنيس فلا ضير خصوصا مع ضعف ومحدودية الموارد البشرية علما بأن التجنيس تمارسه دول أوربية كفرنسا وهولندا والسويد والمانيا ، وغيرها ولكن بصيغ مختلفة عما هو في الخليج ، ولا أجد فيه أي ريب أو عيب أو حرج ” .
أما الاعلامي اياد الدليمي ، فكان له وجهة محترمة كذلك قائلا “ربما أختلف معك زميلي العزيز، فهذا الفريق هو نفسه الفريق الذي حقق لكرة القدم القطرية أغلى انجاز في تاريخها وهو الفوز بكأس آسيا ، وبتقديري فإن القضية لا علاقة لها بالتجنيس، لأن الأغلب ينظر للأمر من وجهة نظر وسائل الإعلام والتي غالبا لا تدقق بكثير من التفاصيل، فغالبية لاعبي فريق منتخب قطر هم من العرب الذين ولدوا في دولة قطر، لأن شرط الولادة أساس الانتساب لأكاديمية إسباير التي كانت مسؤولة عن إعداد المنتخب منذ عام 2010، فقط بعض اللاعبين لا تنطبق عليهم هذه الشروط، ولعل ما تعانيه قطر هو مشكلة متراكمة تعود إلى ما بعد بطولة آسيا 2019 يوم أن فاز المنتخب بها ، اذ كان من المفترض أن يتم تغيير المدرب بعدها لكونه مدربا لم يسبق له أن درب منتخبات من قبل ، وكل إنجازه أنه درب هذه المجموعة منذ أن كانت صغيرة وتنقل معها” .
بدوره أدلى الصحفي المعروف ، مهند النعيمي بدلوه قائلا ” إن الربح والخسارة غير محزورة في كرة القدم، فعندما خسرت ألمانيا أمام اليابان لم يكن ذلك لضعف إستعدادات الماكينات الالمانية ، ولا لإجتهاد فريق الساموراي الياباني اكثر ،الا أن الكرة المدورة هي أم الحظوظ ، تماما كإمتحانات البكالوريا !!
أما عن الإعداد والتنظيم والإدارة، فهذا ما قد سجلته قطر بحروف وضاءة، ولعلها ستكون مدعاة لبناء فريق يصل إلى نهائي المونديال في قابل السنين” .
أما الدكتور طه الزيدي ، فقد لخص مجمل الموضوع بعبارة أكثر من رائعة ، ومثيرة للاعجاب قال فيها ” الانسان قبل العمران ، فلسفة الارتقاء”.
وختاما أقول ” محزن جدا الخروج المبكر لمنتخب قطر من بطولة كأس العالم ” ، وولكن والحق يقال ، مفرح جدا حسن تنظيمها لكل تفاصيل ، وحيثيات البطولة العالمية على أرضها ، ودخولها الى قلوب كل العالم ” اودعناكم اغاتي.