27 ديسمبر، 2024 11:55 م

بين وزارتي الخارجية والموارد المائية، ضاعت الزراعة

بين وزارتي الخارجية والموارد المائية، ضاعت الزراعة

هناك مثل يستخدمه المزارع العراقي يقول “صير فلاح في السدور ولا ملاك في البزايز”، وهي نصيحة من مزارع الى مزارع آخر بأن إذا أردت العمل في مجال الزراعة فوافق ان تكون فلاح (او عامل) في سدور الأرض (والمقصود هنا مقدمة الأرض والقريبة على مصادر المياه) ولا تكون ملاك بزايز (أي لا تمتلك مساحة ارض زراعية وهي بعيدة عن مصادر المياه).

الاخوة في وزارة الخارجية، السياسة هي فن الممكن، وهو إيجاد الحلول للمشاكل مع دول مصادر المياه، قبل حصول الازمة المائية وليس عند وقوعها، فقد تعودنا على الحلول الآنية “المكرمة” من دول الجوار من خلال زيادة عدد الأمتار المكعبة المجهزة للعراق من المياه “المفروض هي مكفولة باتفاقيات ومعاهدات دولية” لجهة أو شخصية سياسية قامت بزيارتهم، وهنا نود ان نذكر وزارتي الخارجية والموارد المائية “على سبيل المثال” بمشروع الـ (GAP ) مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول، اذا كانت لديهم معلومات عنه وما هو التنسيق مع الجانب التركي بخصوصه، المخطط لهذا المشروع هو إنشاء 22 سد و 19 محطة توليد كهربائية، اقرأوا عنه في صفحات “الانترنيت”، بعدها نستطيع معرفة هل بإمكاننا التفاوض للحصول على نصف حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات “بدون مقابل”؟.

الاخوة في وزارة الموارد المائية، ان الفشل في تحقيق نتائج إيجابية في السياسة المائية لا يبرر استعانة دوائر وزارتكم بالجهات الأمنية في ردم بعض المنافذ “الرسمية” بحجة رفع التجاوزات، انهم يستخدمون المياه لسقي مزارعهم وليس “لبيعها”، وفي المقابل هناك بعض بحيرات الأسماك، على سبيل المثال، وفي مناطق زراعية، منع فيها انشاء هذه البحيرات، نجدها تعمل بكامل طاقتها..!، وليس من الصعب تحديد نقاط التجاوز على المنظومة الاروائية من خلال استخدام طيران الجيش فوق مسارات قنوات المياه وتثبيت تلك التجاوزات، وهذه هي حلول الازمة “الآنية” داخل البلد، وليس خلق مشاكل جديدة معتقدين بأنها تحل مشكلة تتكرر في كل سنة.

عندما “يتجاوز” الفلاح للحصول على المياه لسقي مزروعاته من الخضراوات والحبوب لإنتاج الغذاء وتسويقه للمواطن بعد عناء اشهر البرد والحر، لا يعتبر تجاوز لأنه ينتج غذاء، في وقت يمر العالم بأزمة غذاء، وفي نفس الوقت ان عملية الردم هذه لن تحل مشكلة إيصال الماء الى المناطق البعيدة، وهذا يعتبر سوء تخطيط في إنشاء المشاريع الاروائية، حيث لا تتناسب أطوال قنوات المياه مع مساحات الأراضي الزراعية التي يتم اروائها من تلك القنوات، وان ردم منافذ المياه ستنهي او تقلل من جودة المنتوج الزراعي، وفي نفس الوقت عدم إمكانية إيصال المياه الى المناطق البعيدة والتي هي أصلا تكون نسبة الأراضي المزروعة فيها قليلة اذا لم تكن غير مزروعة، كون أصحابها اعتمدوا على الآبار لإرواء حيواناتهم وارواء مساحات قليلة مزروعة بالأعلاف لحيواناتهم.

وأخيرا … بين وزارتي الخارجية والموارد المائية، انتهت الزراعة في العراق.