أي مسيرة إصلاح هذه وأي بناء للدولة هذا الذي يقف رجل مثل فالح الفياض عثرة امامه. أما هذا الرجل هو خطر إلى درجة عجائبية بحيث يصبح معطلا لكل شئ وهذا امر لا يصدقه عاقل ولا مجنون لأنه موجود في المشهد السياسي منذ مجلس الحكم وحتى الآن وإما أن مسيرة الإصلاح وبناء الدولة من الركاكة بحيث يصبح توزير رجل مثله خطرا داهما ولكم حينها ان تتصوروا أي مسيرة هذه وأي بناء هذا؟
بلا مدح او ذم للرجل ولكن من باب الاطلاع التام عليه ازعم اني من القلة القليلة جدا الذين يعرفون فالح الفياض بدقة. فالح الفياض ليس هو المشكلة مطلقا، كما لم يكن الجعفري مشكلة من قبل في رئاسة الوزراء لأن من جاء بعده كان اسوأ بكثير مما اراد البعض وعليه بنى اعتراضه على الجعفري. وتذكرون حينها كيف اقصي الجعفري وكأن المشهد داخلي هو المعترض والحقيقة أنه كان صراع إرادات والا الجعفري لم يؤذ الأكراد ولا السنة ولا الشيعة ولا العراق ككل عشر معشار ما فعله خلفه المالكي. وهذا ليس مدحا للجعفري بل الحقيقة تقال وتذكروا مساوئ الجعفري بين الفلسفة والنرجسية والإدارة الفاشلة وبين أخطاء بل خطايا المالكي الكارثية التي أغرقت العراق في بحور الدماء واوصلته الى حافة الانهيار الكامل وقارنوا واعرفوا هل من رفض الجعفري حينها فعلا كان يريد مصلحة ام كان يهيأ الاجواء لازمة ودمار شامل؟
أقول متيقنا مما اقول بمعلومة وليس تحليلا: فالح الفياض رجل لا يملك علاقة متوترة مع أي أحد لا في الداخل ولا الخارج وقادر على جمع التناقضات في علاقاته ولم يدخل في صراع مع أحد لا من الأحزاب والتيارات ولا من الدول واذا اراد احد ان يرسل مفاوضا ناجحا يحل المشكلة ولا يوتر الأجواء ولا يقدم تنازلات جوهرية يرسل فالح الفياض فهو صاحب القدح المعلى في ذلك. الحكمة والتيار الصدري والمجلس والفتح والقانون والاكراد والقوى السنية كلها تحتفظ بعلاقات جيدة معه بل علاقات دافئة.
وفي الوقت ذاته لا ايران تريده كما يشاع ولا السعودية ترفضه ولا امريكا تخشاه. واقول لكم عن علم ومعرفة ان امريكا وتحديدا سفيرها في بغداد لم يعترض عليه بل اعلن تأييده له لتولي منصب رئاسة الوزراء حين رشح لها. كل ما يقال عن هذا الدعم والخشية هو كذبة كبيرة فهو لم ولن يدخل في تقاطع مع هذه الأطراف الثلاث لا من قبل ولا من بعد.
ولو اجريتم استقصاء بين النواب بشكل شخصي سوف تعجبون لمقدار القبول الشخصي الذي يحظى به ودليلي على ما اقول ،ان لا احد يهاجم شخصه من الشخصيات المتصدية واستمعوا لكل اللقاءات التلفزيونية ودلوني على واحد فقط تهجم على شخصه واقطع لكم لن تجدوا أحدا بل سوف تسمعون مقولة مكررة نحن لا نعترض على الشخص وهو رجل محترم ويرسل عبارات مجاملة له ويحاول هذا المتصدي المحرج التملص من حملة الرفض للفياض بأساليب دبلوماسية.
ما يجري الآن ليس رفضا للفياض ابدا بل هو ازمة جديدة يجري اعدادها من زمن بعيد وحتى من قبل الانتخابات النيابية ولان ما يجري في العراق بين الأطراف التي تتحكم بالمشهد وصل الى مرحلة تكسير عظام منذ صعود ترامب للسلطة وبداية عهد جديد في المنطقة لا يسعها هذا المقال وحلول عهد جديد انتهى فيه عصر التوافق والحلول الوسط الذي كان سيد الموقف في كل الانحناءات.
كل محاولات تهدئة الأجواء التي نشطت بعد ظهور نتائج الانتخابات بما رافقها من أحداث مخزية، كل هذه المحاولات التي توجت بتكليف عبد المهدي برئاسة الوزراء لم تقدر على إخراج العملية السياسية من عنق الزجاجة لأنه أضيق بكثير مما يمكن تمريرها منه او بكلمة ادق انه قد جرى تضييقه بتعمد وسبق اصرار الى حد لا يمكن الخروج منه.
اكرر ما قلته من اشهر بضرس قاطع ان العملية السياسية وصلت الى طريق مسدود والخشية كل الخشية ان تكون النهاية بانتشار الفوضى في الشارع وواضح جدا للمتابعين الاستعدادات التي يجري وتهيئتها للقيام بهذه الأعمال. تجربة حرق المقرات في البصرة ليست ببعيدة عن الذاكرة وما ادعي حينها انها ثورة شباب يائس محبط متهور وضح زيفها سريعا. التظاهرات من قبل الشباب الغاضب بحق والمحبط اليائس لأسباب مشروعة لا تزال مستمرة ولا أحد يعبأ له، بل يقمع والكل يتفرج عليه ببرود تام. من احرق واصطدم استثمر غضب ويأس الناس قد رجع الى ثكناته بعد ان وجه رسالته التحذيرية ونال ظاهرا بعض ما كان يريد. هذه المرة هناك مواجهة جديدة تحت ذريعة الفياض والداخلية وهي يافطة كاذبة لأن الخلاف أعمق والأصابع التي تحرك الظاهر عميقة وبعيدة ولم تظهر بعد على المشهد وسوف يتأخر ظهورها لأسباب موضوعية . انظر الى لبنان سريعا وتابع اخبار وئام وهاب وسوف تعرف تماما ما يجري هنا.