23 ديسمبر، 2024 9:04 م

بين موقفين

بين موقفين

مرور اليوم الثاني و السبعون على إضراب المئات من ساکن مخيم ليبرتي عن الطعام إحتجاجا على تلك المجزرة التي وقعت في معسکر أشرف في 1/9/2013، حيث يطالب المضربون بالافراج عن الرهائن السبعة المختطفين من قبل قوات تابعة لرئيس الوزراء نوري المالکي، يقابله موقف يعکس تجاهل حکومة المالکي و نفيها الکامل لضلوعها بتلك المجزرة، وبين الموقفين تکمن الحقيقة التي يدعيها الطرفان.
الفرقة الذهبية التي قامت بإنجاز مهمة الهجوم على المائة المتبقين من سکان أشرف، وقتلت 52 وإختطفت 7 آخرين منهم عنوة، هي الفرقة المقربة من المالکي ولاتتحرك إلا بأمر خاص منه، وان الادلة و الشواهد أکثر من کثيرة، بل وأن السفارة الامريکية في بغداد و ممثلية الامم المتحدة في العراق، يمتلکان الادلة الدامغة التي تدين حکومة المالکي، لکن يبدو أن الالاعيب و المناورات السياسية تؤدي دورها في الوقت الحالي و تمنع من تسمية الکثير من الامور بمسمياتها الحقيقية، والاهم و الاخطر من ذلك، هو أن مسؤولين في حکومة نوري المالکي نفسها و من ضمنهم على سبيل المثال لا الحصر، الناطق بإسم وزارة حقوق الانسان، و الناطق بإسم حکومة المالکي نفسها، حيث أکدا وبطريقة لاتقبل الجدل و النقاش بأن الحکومة بنفسها تقف خلف الهجوم.
الناجون من مجزرة أشرف و الذين يبلغ عددهم 42 فردا، أدلوا بدورهم بشهادات تدين و تفضح دور حکومة المالکي في إرتکاب تلك الجريمة، کما ان مانقل و ينقل عن جهات محايدة تؤکد أيضا تورط الحکومة من دون أدنى شك في إرتکاب تلك المجزرة،  غير أن الحکومة مازالت تصر على موقفها بالنفي الکامل لأي دور لها في تلك القضية و ترفض التهمة جملة و تفصيلا، ومن الجدير بالذکر هنا، هو أن حکومة المالکي و في الايام الاولى لإرتکاب هذه المجزرة قد إدعت بأن قتل 52 من سکان أشرف انما حدث بسبب صراعات داخلية بين السکان أنفسهم، وهو زعم أثار سخرية و استهزاء مختلف الاوساط السياسية و الاعلامية وهو مادفع بالحکومة لإبتلاع زعمها السخيف هذا و الادعاء بعد ذلك أن عراقيين ينتمون للإنتفاضة الشعبانية”على حد زعمها”، قد إقتصوا من سکان أشرف، لکن الحکومة الرشيدة لنوري المالکي لم تعط تبريرا و لاتوضيحا لماذا أن هذا الاقتصاص قد حدث مباشرة بعد الامر الذي أصدره مرشد النظام خامنئي الى قوة القدس للتحرك ضد سکان مخيم أشرف و بعد أن إلتقى قاسم سليماني قائد قوة القدس في بغداد بنوري المالکي في اواخر شهر آب/أغسطس الماضي أي قبل أيام قليلة جدا من إرتکاب المجزرة؟ والذي يلفت النظر هنا أن طاهر بومدرا کبير موظفي الامم المتحدة في العراق سابقا و الذي کان مسؤولا لملف حقوق الانسان في معسکر أشرف، قد أکد في تصريحات هامة له انه ليس بإمکان أحد إختراق الطوق الامني المفروض على معسکر أشرف إلا بموافقة من الحکومة العراقية نفسها، ساخرا من مزاعم حکومة المالکي و مؤکدا بأنها متورطة في إرتکاب المجزرة من دون أدنى شك.
بإمکان أي کان الاصرار على موقفه و فض التزحزح عنه، لکن هناك ثمة عارض او معوق يجب أن يحسمه صاحب الاصرار هذا وهو: هل ان موقفه هذا يستند على الحق و الحقيقة؟
[email protected]