22 ديسمبر، 2024 11:45 م

بين منهجي داعش: الحوكمة, والذئاب المنفردة

بين منهجي داعش: الحوكمة, والذئاب المنفردة

أمن العراق إلى أين؟
إن مما لا شك فيه أن المرحلة التي ستعقب القضاء على داعش في العراق، ستكون مرحلة لا تقل خطورة عن مرحلة احتلاله لأراضي واسعة في بلدنا؛ ومع أن الفرق بين المنهجين واضح جدا، إلا ان موارد الخطورة لا يمكن إلغائها عن واحدة مقارنة بالأخرى، وذلك بسبب التركات والنتائج السلبية التي سيخلفها التنظيم الإرهابي على الصعد الأمنية والاجتماعية والسياسية والعسكرية. لذلك بات من المهم اليوم وضع تصورات مستقبلية لمختلف السيناريوهات, التي يمكن تواجهها الدولة بغية وضع وصياغة خططها الإستراتيجية، بما في ذلك إستراتيجيتها العسكرية، بغية تنظيم مؤسساتها العسكرية والأمنية وتقويتها، بهدف حماية مصالحها الوطنية والقومية، والتخطيط لإدارة العمل الأمني والعسكري.
لا يمكن لنا أن نتيقن من أن الحلول العسكرية ستكفي مرحلة ما بعد الاحتلال الداعشي للأراضي العراقية، خاصة وأن الطريقة الجديدة لهم، ستقوم على أسس جديدة تعتمد على النشاط الفردي، الذي لا يحتاج كثيرا إلى تمويل أو تنظيم تسلسلي مع خلايا العصابات الإرهابية أو القادة بالتدريج, فمثل هذه الطريقة لعصابات داعش, تحتاج إلى يقضه استخباراتية وأمنية عالية، وتحتاج إلى مراقبة وإمساك الحدود مع دول الجوار (خاصة الدول المتهمة بتصدير الإرهابيين لنا من خلال حدودهم)، وهذه تحتاج إلى اتفاقات أمنية مع هذه الدول, بعيدا عن حروب التسقيط الإعلامي.
منهج داعش في احتلاله للأرض العراقية كان قائما على مبدأ محاربة الجيوش العسكرية, بشكل مواجهات مباشرة وزخم سريع، وقد تمكن مع ما حصل عليه من دعم عسكري تسليحي ودعم مالي من دول معادية للعراق، أن ينجح في إحتلال الكثير من الأراضي العراقية والسورية، ورفع شعار التمدد لعصابته المشؤومة، فأصبح كالسرطان الذي يحاول ان ينهش جسد الأمة، ولولا فتوى مباركة من مرجعنا ومرجع المسلمين آية الله السيد السيستاني، ونخوة أهل العراق وشجاعتهم في تلبية نداء هذه الفتوى، لكان عصابات داعش قد احتلت وتوسعت بشكل سرطاني يبتلع كل العراق والدول المجارة.
بعد فشل داعش ودحره وتحطيمه من قبل قواتنا الأمنية والعسكرية وحشدنا الشعبي المبارك، تحولت فلوله وجرذانه إلى نشاطها الإجرامي القديم القائم على الغدر والتفجير والجبن في المواجهة، فيجب على قوانا الأمنية والإستخباراتية أن تبذل جهودا مضاعفة من أجل كشف هذه الخلايا؛ وقد قسم المختصون بالإرهاب أنواع مجرمي داعش إلى ثلاثة أصناف، صنف مغرر به التحق بهذه العصابات نتيجة الخداع الإعلامي الذي رغبهم للانتماء، فاكتشفوا أن واقع هذه العصابات مخزي وحقير، فيحاولون الهرب ولكنهم لا يقدرون، وصنف جاء مغرر به ولكن بعد فترة تأقلم مع الإرهاب، وقسم من النوع الذي تشبع بكفر وانحراف الفكر الداعشي الإرهابي.
المكافحة الأمنية الإستخباراتية يجب عليها أن تركز على النوع الأول، لتستفاد مما لديه من معلومات، من أجل القضاء على الخلايا النائمة، ويجب عليها أن تحارب المنابر التي تصدر الفكر الداعي لهذا الفكر، وتتبع أصحاب تلك المنابر، ومحاولة القضاء عليهم.
مرحلة ما بعد داعش تحتاج من القوات الأمنية أن تكون صديقة للمواطن , وليست قوة قاهرة متسلطة عليه, فتحقيق الأمن ضد الخلايا الداعشية النائمة, يكون للمواطن دور كبير فيه, لذا نحن نحتاج إلى تعاون بين قوات الأمن والمواطن.