ما يحدث في الاعلام العراقي اليوم للاسف امور غريبة وعجيبة ومحزنة في ذات الوقت، فبعض الاعلاميين يذكرنا سلوكهم بقصة قرأتها في كتاب عباس بغدادي(بغداد في العشرينيات) عن شخصية بغدادية معروفة تلقب (خلف بن امين) حيث كان خلف يتمنى ان يصبح احد شقاوات بغداد المعروفين والمشهورين لكنه لا يملك اية من مواصفات الشقاوة،بسبب نحافة بنيته الجسمانية فضلاً عن عدم امتلاكه القوة والشجاعة التي تأهله ان يصبح احد الشقاوات في ازقة بغداد.
وبسبب تعدد كذباته وطرافتهااصبح مهرج ذاع صيته لانه كان يحشر اسمه في كل منازلة قتالية بين الشقاوات المعروفين وكذلك عندما يقتل شخصية معروفة نجد خلف بن امين يتساءل بين الناس فيما اذا كانت الشرطة قد عثرت على شيء يدل على انه هو الفاعل، وظل خلف حديث الاجيال بسبب كذبه وادعائه القوة وهو في غير محلها.
هذه القصة تنطبق تماماً على بعض الاعلاميين الذي يحاولون ان يضعوا انفسهم في مواقع هم ليس محل له،بحثاً عن الشهرة السريعة والقفز على المراحل، ولعل الصحفي منتظر ناصر احد تلك الشخصيات الذي ادعى انه احد الصحفيين الذين اكتشفوا وثائق بنما دون ان يقدم دليل على ذلك، فالجميع يعلم ان صحيفة “زود دويتشهتسايتونج” الألمانية والتي ومقرها في ميونخ هي من نشرت هذا الوثائق ولا اعلم اذا كان منتظر يعمل مع تلك الصحيفة ام لا، وحى اكون اكثر وضوحاً فقد قام الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بتوزيع هذه الوثائق بعد ما نشرتها الصحيفة على 370 صحفيا من أكثر من سبعين بلدا, وقد يكون منتظر احد هؤلاء الصحفيين لكن هذا لا يعني انه جزء من عملية الكشف عن تلك الوثائق الا اذا قدم الدليل الملموس او انه نشرها في صحيفته.
وحتى لا ابخس حق الزميل لا بد من الاشارة الى انه يعمل رئيس تحرير لصحيفة العالم الجديد الالكترونية وهي صحيفة نشطة وتعتمد كثيراًفي موضوعاتها على مواد مترجمة ومنشورة في صحف عالمية ولكن هذا لا يعني ان يضع منتظر ناصر نفسه في موقع هو بعيد عنه.
في حقيقة الامر انا لست في صدد التشهير بالزميل منتظر ناصر لكن الذي استوقفني انه استخدم ورقة محروقة للاسف وهي ادعائه ان شبكة الاعلام العراقي طردته لانه شارك في الكشف عن وثائق بنما وطبعاً هذا الامر يترتب عليه امور عديدة:
اولاً: اساءة لشبكة الاعلام العراقي لانه يظهر الشبكة وكانها مدافعة عن الفساد والجميع يعلم ان عمل الشبكة هو لخدمة الصالح العام ومحاربة الفساد ودعم الاصلاحات الحكومية والبرلمانية.
ثانياً: الظهور بصورة البطل الاعلامي الذي يشبه ظهور “بطل اعلامي اخر” وهو منتظر الزيدي الذي استخدم حذائه للحصول على الشهرة.
ثالثاً: وضع العراقيل امام عمل شبكة الاعلام العراقي التي تتعامل بمهنية عالية مع مواضيع الفساد من خلال تقارير اخبارية استقصائية بعيداً عن التشهير والتنكيل باي شخصية بل نقل الحقائق كما هي.
اعتقد ان منتظر ناصر راهن على الحصان الخاسر في هذه اللعبة من خلال زج شبكة الاعلام العراقي في هذه المهاترات لان شبكة الاعلام العراقي ومنذ الكشف عن وثائق بنما في مطلع الشهر الجاري اولت اهتماماً كبيراً في هذا الموضوع، وقدمت قناة العراقية الاخبارية اكثر من تسعة عشر تقرير سلط الضوء خلالها الضوء على هذه الوثائق فضلاً عن تقديم عشرات الاخبار في كافة نشراتها عن هذا الموضوع وكذلك الامر في صحفية الصباح وكافة الوسائل الاعلامية التابعة لشبكة الاعلام العراقي يضاف الى ذلك ان الوثائق نفسها لم تتطرق لاي شخصية عراقية باستثناء رئيس القائمة الوطنية اياد علاوي والامر ليس بتلك الاهمية الكبيرة التي تدفع ادارة الشبكة الى طرد منتظر.
ان شبكة الاعلام العراقي لم تطرد الزميل منتظر ناصر كما يدعي لانه ليس موظف فيها حتى تطرده بل هو منسب اليها وقد قامت بانهاء تنسيبه من قسم الرصد فيمجلس الامناء لمخالفات ادارية وقانونية وقبل التاريخ الذي كشفت فيه وثائق بنما لان اللجنة التحقيقة المركزية التي شكلت للتحقيق معه تم تشكيلها يوم 10/3/ 2016 واصدرت توصياتها بعد ثلاثة ايام أي قبل الكشف عن الوثائق، وسبب تشكيل اللجنة يتعلق بموضوع اداري وقانوني،فبعد ان رفع رئيس هيئة الاعلام والاتصالات صفاء الدين رفيع شكوى قضائية على منتظر بدعوى التشهير شكلت ادارة الشبكة لجنة تحقيق مركزية للوقوف على ملابسات الموضوع باعتباره احد موظفيها المنسبين وتبين للجنة ان منتظر المنسب من وزارة الثقافة الى شبكة الاعلام العراقي يعمل رئيس لتحرير جريدة العالم الجديد وهو ما يتناقض مع المادة (20) من قانون شبكة الاعلام العراقي رقم (26) لعام 2015 والتي تنص على ما يأتي( لا يجوز للعاملين في الشبكة الجمع بين وظيفتين او العمل بأية صفة كانت في وسائل الاعلام غير المرتبطة بالشبكة) واللجنة هي اوصت بانهاء تنسيب منتظر واعادته الى وزارة الثقافة وفق القانون ولا يتعلق الامر بالوثائق لا من بعيد ولا من قريب وحتى تاريخ صدور الامر الاداري بانهاءالتنسب كان يوم 3 نيسان أي تزامناً مع الكشف عن الوثائق ولم يكن احد يعلم اذا ما كان منتظر طرف كما يدعي في كشف هذه الوثائق من عدمه، لكن للاسف لقد استغل منتظر هذا الامر من اجل
التشهير بالشبكة اولاً والحصول على الشهرة السريعة ثانياً على طريقة سلفه منتظر الزيدي.
السؤال الذي يطرح الان لماذا هذه الحرب على شبكة الاعلام العراقي بيد انها تمثل صوت المواطن المنادي بالاصلاحات اضافة الى انها تمثل خير سند للقوات الامنية والحشد الشعبي في الحرب ضد الارهاب ولماذا هذه الحملة الشرسة ضد ادارة الشبكة بالرغم من النجاحات الكبيرة التي حققتها في اكثر من مجال؟
ادناه نسخة من الامر الاداري الذي تشكلت بموجبه لجنة التحقيق المركزية ونسخة من الامر الاداري بانهاءالتنسب للزميل منتظر ناصر.