27 ديسمبر، 2024 6:11 م

بين مطرقة عبد المجيد لطفي و .. سندان الطبقة الجديدة !ّ

بين مطرقة عبد المجيد لطفي و .. سندان الطبقة الجديدة !ّ

في مدينة خانقين ولد عبد المجيد لطفي الذي يعتبر من رواد القصة القصيرة ، شأنه بذلك شأن جعفر الخليلي ، وذي النون ايوب . بلغت كتبه المطبوعة 16 كتاباً توزعت بين القصة والشعر والمسرحية والدراسة . لم التق هذا الرجل الذي رحل الى الاخرة عام 1992 . لم التقيه بشكل مباشر . فلا العمر ولا مسقط الرأس ولا الاهتمامات ، تسمح بعلاقة معرفة مباشرة . ولكن منتصف عام 1975 وردتني منه رسالة يفترض انها تؤسس لحوار يفضي للقاء مباشر ، لكنها بمضمونها تؤسس لاحتمالات اغلاقه . ولهذه المفارقة (قصة) بفيت بعض فصولها طي الكتمان . وانا الان اقرأها في اوراقي القديمة .

في الاشهر الثلاثة الاخيرة من عام 1975 ، كتبتُ عدة مقالات في جريدة الثورة . احدها كان بعنوان (الطبقة الجديدة) . نشر في تلك الجريدة يوم 5/10/1975 . كان المقال انتقادياً ، ولم يقابل بارتياح سيما وقد جاء فيه : (ان بقع التسلل المرضي تبدأ بالتجمع لتشكل ورماً يهدد باخطار جمة . اذ تجد بعض الشرائح في ظروف العمل الايجابي فرصة تعالج بها وتسد من خلالها جوعاً قديماً) . ولم يكن الوضع الاعلامي السائد أنذاك يسمح بالنقد أكثر من اشارات عن بعد ! ؟ .

كنتُ اتوقع ان عبارات (انتقادية) ولو كانت مخففة كالتي جاءت ضمن هذا المقال ، ستقابل بنظرة ايجابية ممن يعارضون (الطبقة الجديدة) وممارساتها . لكن الذي حدث لم يكن بالحسبان . فعلى عنواني بالجريدة وصلتني رسالة من الاديب عبد المجيد لطفي بعد ايام من تلك المقالة . من وجهه نظره كان مقالي تبريراً لتصرفات هذه الطبقة وليس نقداً لها . لقد اهمل الاديب عبد المجيد ، بقصد او بدونه ، كل المقاطع الانتقادية في المقالة ، وركز انتقاده على ملاحظة عرضية في المقال ، جاء فيها : ان العمل السياسي في مرحلة النضال الايجابي يتطلب وسائل عمل هي ، في جانبها الشكلي ، تبدو وكأنها امتياز مظهري . فواسطة النقل الامين والسريع ، ووسائل الاتصال المكتبي ، ليست غاية في حد ذاتها ، بل هي وسائل ضرورية لاداء العمل . لكن المزاج النفسي للجماهير يضعها في خانة الامتيازات .

تمسك الاديب والسياسي عبد المجيد لطفي بهذا المقطع ، وانهالت مطارقه على رأس كاتب المقال نقداً وتحد . كانت رسالته حادة جداً ، اذ كانت مليئة بالشتائم المقترنة بالتحدي . بصراحة كنتُ في حرج شديد ماذا افعل برسالة لا تربطني بكاتبها صلة ومعرفة مباشرة . بهدوء وصمت قرأتُ رسالة الاديب عبد المجيد لطفي واعدتها الى مظروفها . وكتمتُ الامر . وبعد رحيله وبعد مرور اربعين عاماً اتحدث عنها ولو بأقتضاب ، مسجلاً لهذا الاديب الراحل جرأته وتحديه ، واعلان موقفه من قضية ما مكتوباً بخط يده .