ليس ببعيد عن الجغرافية ، لا سيما الجغرافية السياسية، فما بين القاهرة وبغداد الاف الكيلو مترات .لكن هناك وحدة موضوع بين ما جرى سياسيا في البلدين، جعل من الاف الكيلومترات تلك تبدو وكانها بضعة امتار ليس الا ، فطريقة ادراة البلدين ، في حينه ، كانت متشابهة فهي قد انتهجت الاسلام السياسي ، لكن بأسوأ صوره ، فهناك مقاربة واضحة بين ” المرسيين “، فكلاهما استغل مشاعر المواطن البسيط ، فمرسي القاهرة جعل الاسلام هو الحل ، اما مرسي بغداد فكانت الطائفية هي الحل ، عبر هذا الخطاب البائس والعائم ، مع التزوير الخرافي الذي تفرد به مرسي بغداد ، ومن خلال هذا وذاك ، نفذ المرسيان الى صناديق الاقتراع وخرجا منها فائزين، لكن من الممكن ان يطلق عليهما ” بافشل الفائزين بصناديق الاقتراع ” . هناك ملامح شخصية مشتركة بين المرسيين ، فكلاهما لا يحبان الابتسامة ويلغيان الاخر ويرتديان ربطة العنق (والاخيرة مغلوبة على امرها) بحجة الوسطية وليس السلفية ، والمتشددون في كلا المذهبين ، والبلدين، لا يلبسون ربطة العنق ايمانا منهم بانها تقليد غربي ، بحسب وجهة نظرهم ، وفي جلساتهم السرية منها والعلنية ،ان الغرب كافر ، وبالتالي ” خالفوا اليهود والنصارى ” ، وفي هذا تتم عملية اختزال الاسلام بربطة العنق ، كما حجاب المرأة ، وللتأكيد مجددا، فان هذا الاعتقاد موجود لدى متشددي الطائفتين. اذن هناك مقاربة واضحة ما بين مرسي القاهرة وجوقته ومرسي بغداد وفرقته ، احتاج الاول لسنة تقريبا لينفر الشعب المصري من الاخونة ومن الاسلام السياسي ، فخرج ضده اكثر من 30 مليون متظاهر .. يرددون ارحل ، وتم احالته الى القضاء، لكن هذا المرسي اخوان لم يحاكم بسبب سرقة مال اوفساد ، والحق يقال ، لكن بسبب اسلمة الدولة بالاكراه ووضع معايير وضوابط يقودها قادة تنظيم الاخوان العالمية من خارج مصر . اما مرسي بغداد، فهوكارثة الكوارث، فقد اتحفنا، ايما اتحاف ، خلال الثمان سنوات الماضية عبر ظهوره على التلفاز وخطاباته الصقورية من قبيل ” انهوا قبل ان تنهوا ، وبيننا وبينكم بحور من الدم “، وفي اثناء خطاباته تلك ، كان جنوده الفضائيين يرفرفون باجنحتهم فوق كتفيه ، وكان اشباه القادة يتعرون من شرفهم العسكري ، رتبهم ، ويرموها على الارض ، ويسلمون تراب العراق الى داعش ، كأن مرسي العراق، من حيث يدري او لا يدري ، قد اشرف على تتويج الخليفة الداعش عشر ولاية على اكثر من ثلث اراضي وشرف العراق. مرسي القاهرة وجوقته وضعوا في السجن ليس لانهم افسدوا او سرقوا بل لانهم قوضوا امن مصر القومي وهددوا كيان المجتمع المدني المصري . لكن مرسي بغداد لم يقوض الامن القومي العراقي فحسب بل نسفه نسفا ومحاه من الوجود اصلا ، لذا هو اولى من مرسي القاهرة بالمحاكمة ،اذ سجل التاريخ ان في زمن حكمه ،الاظلم ، احتلت اكثر من ثلث اراضي العراق من قبل المغول والتتار الجدد، وان نساءه سبيت ،وان اكثر من مليوني انسان عراقي نزح وهجر من دياره ، وان 700 مليار دولار ذهبت هباءا منثورا، فهل يعقل ، ان يحاكم الاول ويمكث خلف القضبان ، والثاني في الطائرة يرفرف وعلى الارض حر طليق ؟!! ونقطة راس سطر.