وفاة الزعيم الوطني الافريقي البارز نيلسون مانديلا و الصدى الکبير الذي خلفه من ورائه، تعطي أکثر من درس و عبرة لکل قادة و زعماء العالم(وبالاخص فيما يتعلق بالمنطقة و العراق بوجه خاص)، وتوضح لهم ماهية و معنى الزعامة.
مانديلا الذي قضى معظم حياته مناضلا و قبع في السجون لأکثر من ثلاثين عاما دفاعا عن آمال و تطلعات شعبه، هو غير اولئك الذين کانوا يسرحون و يمرحون في الفنادق و البارات و الشقق المفروشة في مختلف عواصم العالم و يملئون بطونهم المترهلة بأموال مقبوضة على حساب شعوبهم، وان مانديلا الذي أنتخب من جانب شعبه و کان بحق قائدا و زعيما مخلصا و فيا لشعبه لکنه و على الرغم من حب شعبه المفرط له لم يستغل ذلك وانما ترك السلطة طوعيا و تفرغ لمهام إنسانية جعلت خالدا في قلوب معظم شعوب العالم، أما نوري المالکي الذي عاد بفضل الاحتلال الامريکي للعراق فقد تم إنتخابه في غفلة من الشعب للدورة الاولى من ولايته، ولکن بعد أن عرف الشعب العراقي معدنه فإنهم لم يمنحونه أصواتهم لولاية ثانية فکان ان تم فرضه من جانب النظام الايراني رغما عن نتائج الانتخابات و قبل ذلك رغم إرادة الشعب العراقي!
مانديلا الذي قضى حياته کزعيم کبير يشار له بالبنان وقد الکثير من العطاء لشعبه و الانسانية، في الوقت الذي نرى المالکي فيه رجلا قضى شطرا من حياته في شقق و فنادق طهران کي يضمن حياته هناك و يحصل على رغد العيش، فإنه قد قضى الشطر الاخر من حياته بعد الاحتلال الامريکي للعراق في اللهاث بين طهران و واشنطن کي يحظى برضاهما تارکا شعبه في آخر قائمة إهتماماته، أما بخصوص الذي قدمه المالکي للشعب العراقي فإنه تجلى في إذکاء حرب طائفية مستعرة و قتل الالاف خلال دورتين”غير مبارکتين”له بالاضافة الى جعل العراق مجرد تابع و ظل للنظام الايراني و الولايات المتحدة، ناهيك عن الفساد الاداري و المالي الفظيع الذي إستشرى في العراق بفضل برکة سياساته، وبعد أن کان العراق يتحدث في فترة النظام السابق عن فضائح عدي صدام حسين، فإن الشارع العراقي مشغول اليوم بنقل فضائح حمودي نوري المالکي التي باتت على کل شفة و لسان!
مانديلا الذي کان يحيط به شعبه و يحمونه بأرواحهم و انهم يبکونه الان بحرقة، هو غير المالکي الذي يحيط به فوج حماية “لايعرف أبوه”کما يقول العراقي و هو لايجرؤ على الذهاب الى أي مکان إلا بصحبة هذه الحماية و هو يعلم يقينا بأن الشعب ليس لايحبه فقط وانما يتوق للحظة التي يسمع فيها انه لم يعد محسوبا عليه کرئيس وزراء!
[email protected]