18 ديسمبر، 2024 10:44 م

بين غلو التفاسير والمذاهب وبين عصرنة

بين غلو التفاسير والمذاهب وبين عصرنة

المعتقد

1 . من الضروري أن نقر أولا ، أنه ليس من أجماع في تأويل أو سبب محدد وموضح ل” تفسير الآيات القرآنية ” ، فالكل يدلي بدلوه وفق مذهبه وفرقته ومرجعيته .. ، وذلك لأن الرسول ذاته ، لم يفسر القرآن / سور وآيات ، ألا القليل منها ، وقد قال د . علي جمعة – مفتي جمهورية مصر السابق ، بهذا الصدد ، التالي ( إن القرآن الكريم لم يفسر كله على عهد رسول الله ، وإنما فسر لهم النبي  بعض الآيات التي أشكلت عليهم ، وبلغت نحو 200 آية فقط . وأضاف جمعة خلال لقائه ببرنامج « والله أعلم » ، أنه لو فسر الرسول القرآن لن نحيد عنه وسيكون كلامًا نهائيًا لا اجتهاد في تفسيره مرة أخرى / . نقل من موقع الجمهورية ) ، ولا بد لنا أن نبين الآتي : هل من وثيقة تؤكد أن الرسول قد فسر 200 آية فقط ، علما أن عدد آيات القرآن ، أكثر من هذا العدد بكثير ، وأصلا غير متفق على عددها ، ومن موقع / موضوع ، أنقل التالي بصدد عدد آيات القرآن ( اتّفق العلماء على أنَّ عدد آيات القرآن 6200 آية ، لكن تعدّدت آراؤهم ، فقالوا : 6204 آية ، ومنهم من قال : 6214 آية ، ومنهم من قال : 6225 آية ، ومنهم من قال 6236 آية .. ) .

* أي أن الرسول لم يفسر ألا اليسير منها ، وبقى جلها دون أي تفسير – عرضة للأجتهاد ، هذا أذا تأكد قول المفتي ! .    

2 . وحتى صحابة الرسول ، لم يكن لهم القدرة الفقهية ، على تفسير بعض الآيات القرآنية ، مثلا ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا / 31 سورة عبس ) ، فقد جاء في موقع / القرآن ، بصددها { وفاكهة ( يريد ألوان الفواكه ( وأبا ( يعني الكلأ والمرعى الذي لم يزرعه الناس ، مما يأكله الأنعام والدواب ).. ومثله عن قتادة ، قال : الفاكهة لكم والأب لأنعامكم } . ولكن الصحابة قد عصي عليهم التفسير ، بينما فسره الاخرون . { وروي عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن قوله : ” وفاكهة وأبا ” فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم . وروى ابن شهاب عن أنس أنه سمع عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية ثم قال : كل هذا قد عرفنا فما الأب ؟ ثم رفض عصا كانت بيده وقال : هذا والله” لعمر الله التكلف ، وما عليك يا ابن” أم “عمر أن لا تدري ما الأب ، ثم قال : اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب ، وما لا “ تبين”  فدعوه } .

* الصحابة ، الذين كانوا مرافقين للرسول ، يجهلون معنى وتفسير الآيات / وهم الأولى بذلك ، فكيف للعامة أن يفسروها! .

* وللعلم أن كلمة أب سريانية ( في الأصل السرياني “ أبَا ” ومعناه: ثمرة الفاكهة الناضجة ، والفعل في الكلدانية القديمة “ أبابا ” أي أغلت الأرض وأثمرت { وفاكهة وأبا / 31 سورة عبس } نقل من موقع رصيف 22 ) ولأجله جهل الصحابة والتابعين وقوم محمدتفسيرها ، وذلك لأنها سريانية ، وغير مستخدمة كمفردة في كلام العرب ، وكذلك باق الآيات .  

                         

3 . ولأختلاف أجتهادت تفسير الآيات القرآنية ، وكثرة التأويلات ، برزت العشرات من كتب التفاسير ، ومن أشهرها / وفق موقع المرسال ( جامع البيان في تفسير القرآن : المعروف بتفسير الطبري – تفسير الكشاف : او تفسير الزمحشري ، تفسير القرآن الكريم لابن كثير – تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .. ) ، والأشكالية ، أن عدد كتب التفاسير ، قد فاقت المتوقع ، فقد جاء في موقع / ملتقى أهل التفسير ، حول عددها التالي { وذكر من وجود 5000 تفسير لكتاب الله ( لعله يقصد أي جزء تفسيري ) ، وأن الموجود منها 500 . وهذا رقم كبير ، يدل على عناية علمائنا بكتاب ربنا ، ولم يتركوا جزئية أو مسألة إلا وألفوا فيها . وأن الموجود من التفاسير بما فيها القطع التفسيرية المطبوعة حتى الآن تقارب 200 }.  * وكالعادة شيوخ وفقهاء المسلمين ، يعللون ويرقعون ذلك بقولهم ، أن كثرة التفاسير هو ل “عناية علمائنا بكتاب ربنا .

4 . وأشارة للأشكاليات في التفاسير ، يضاف أليها الخلافات العقائدية والفقهية والفكرية ، والظروف السلطوية والسياسية و التغيرات الزمكانية للواقع المجتمعي ، نشأت المذاهب الأسلامية { ومن بين مذاهب فقهية عديدة ، فإن المذاهب الفقهية الأربعة في أوساط أهل السنة هي الأكثر انتشارا وحضورا في العالم الإسلامي ، وهي على التوالي : المذهب الحنفي – الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت (80- 150هـ) ، والمذهب المالكي – الإمام مالك بن أنس (93- 179هـ) ، والمذهب الشافعي – الإمام محمد بن إدريس الشافعي (150- 204هـ) ،والمذهب الحنبلي – الإمام أحمد بن حنبل (164- 241هـ) }. * وهناك العشرات من المذاهب غير ما ذكر ، منها مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن حزم ، الإمام زيد ، والمذهب الجريري والأوزاعي والظاهرية والثوري ويمكن أن نضيف المذهب الإباضي .. / نقل من موقع المكتبة الشاملة الحديثة “.

                                                                                                                                   

5 . وبالرغم من رأي أهل السنة والجماعة ، بأن الشيعة بالعموم / وينجر الأمر على المذهب أيضا ، هي بدعة دخيلة على الأسلام ، ووفق مقال محمد عبد الرحمن – موقع اليوم السابع ، جاء التالي ( يتفق علماء أهل السنة والجماعة قديمًا وحديثًا على أن التشيع أمر طارئ وغريب على الإسلام ، وأنه بدعة في الدين الإسلامي ، ولم يوجد في عصر الرسول ولا في عصر خليفتيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب .. ) . ولكن لشيوخ الشيعة رأيا أخرا ، حيث جاء في موقع / الشيخ محمد القطيفي ، التالي ( إن الذي تعتقده الشيعة الإمامية أن مذهب أهل البيت نشأ في عصر النبي الأكرم محمد ، وأن أول من وضع بذرته وغرسها وقام برعايتها والمحافظة عليها هو النبي . وكان ذلك من خلال النصوص التي كانت تصدر عنه وتشير إلى لزوم متابعة أمير المؤمنين علي ، وأن الملازمين له هم الفائزون يوم القيامة ، وأنه هو وأصحابه خير البرية ).                             * شيوخ تقول أن التشيع / وهذا ينجر على المذاهب الشيعية أنه بدعة ، وشيوخ تقول أن التشيع وضع بذرته الرسول .

6 . في العقود الاخيرة ، برز تفسيرا جديدا للنص القرآني ، يعتمد على القرآن ذاته ، سميت هذه الجماعة بأهل القرآن ، رائد هذه المجموعة هو ، د . أحمد صبحي منصور ” (1 مارس 1949 -) هو مفكر إسلامي مصري . كان يعمل مدرسًا في جامعة الأزهر ، لكنه فُصل في الثمانينيات بسبب إنكاره للسنة النبوية القولية ، وتأسيسه المنهج القرآني الذي يكتفي بالقرآن مصدرًا وحيدًا للتشريع الإسلامي ” والقرآنيون ، يبينون أن ” الأحاديث مهما بلغت صحة سندها فهي ظنية الثبوت بإقرار الفقهاء ، و القرآنيون يرفضون  فهم الدين و بناء تشريعات دينية على مصادر ظنية .. / نقل من موقع سريالي ” . * هنا ضربت مجموعة أهل القرآن الحديث والسنة معا بمقتل ، وأقتصر أمر التفسير لديها ، بأن القرآن يفسر نفسه بنفسه .                  

القراءة :                                                                                                                                 * أشارة لكل ما سبق في أعلاه ، يتضح أن للقرآن مئات الكتب من التفاسير ، وذلك لأن الرسول لم يفسر القرآن ألا اليسير منه ، وفي موقع أبن باز ، يبين ( كان الرسول يوضح لهم شيئًا كثيرًا ، وكان يقرأ عليهم القرآن ويبين لهم معناه تارة في المجالس ، وتارة في الخطب ، وتارة يقرئ عليه القرآن ، ما يحتاج الناس إليه ) .. والتساؤل هنا : كيف كان الرسول يقرأ لهم القرآن وهو ” النبي الأمي ” .. من جانب أخر ، أن أختلاف الأجتهادات وتعدد التفاسير ، فرقت المسلمين على عشرات المذاهب والفرق والجماعات ، الأمر الذي جعل الرسول أن يقول ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قيل : من هي يا رسول الله؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي وفي بعض الروايات هي الجماعة رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم ، وقال صحيح على شرط مسلم) . وكل جماعة أو فرقة تقول : نحن الفرقة الناجية ! .

* مما سبق يتضح أن المعتقد الأسلامي والمسلمين معا ، لا زالوا في قوقعة الماضوية القبلية ، لم يخرجوا منها طوال القرون الماضية ! . ولا زال المتأسلمين / أحزابا وجماعات وشيوخ ودعاة .. يؤمنون بأن الأسلام صالح لكل زمان ومكان . والأسلام أصلا خرج عن نطاق الزمان والمكان ، وعن التاريخ والتحضر ، وبقى لوحده يصارع أشكاليات متعاقبة ! .

* الختام :                                                                                                                               شيوخ ورجال ومفكري ودعاة المعتقد الأسلامي ، يحاولون دوما أنتاج وأستحضار الأسلام الماضوي ، غافلين أن الأسلام يحتاج الى عصرنة المعتقد نصوصا وسننا وأحاديث ، بغض النظر عن التفاسير والتأويل وأسباب النزول ، وذلك حتى يواكب المعتقد ، العصر والتمدن المجتمعي ، ولا يحتاج المعتقد لتهذيب أو أصلاح الخطاب الديني / كما يشاع ! كي يكون مقبولا . كما أن المعتقد الذي سبت في شرنقته دهرا من الزمن ، ستخنقه الشرنقة .. نقطة رأس السطر .