23 ديسمبر، 2024 3:30 م

الفتنة الكبرى التي وقعت اواخر خلافة عثمان بن عفان وادت الى مقتله على يد ثوار من مصر واخرين شاركوهم الاحتجاج بسبب اعتراضات على سياسته في تقريب حزبه وعشيرته اللذان واعني الحزب والعشيرة تعاملوا مع الحكم على انه ملك خاص بهم وسنوا لاجل ذلك  لذلك القوانين الخاصة التي جعلتهم يتحكمون بالاموال ومواقع الحكم والسلطة بطريقة بغيضة بما نسميه بمصطلحات اليوم بالفساد الاداري والمالي.وهذا الفساد دفع كثير ممن آمن بالدين الجديد على انه ثورة اجتماعية وفكرية جاءت لتلغي الظلم الاجتماعي وتلغي التفاوت الطبقي وتنصف المستضعفين من العبيد والنساء والفقراء الذين انضموا للدين الجديد لانه كان يدعو لتحقيق احلامهم المكبوتة في صدورهم. هذا الفساد الاداري والمالي والاخلاقي  دفعهم للثورة لانهم اكتشفوا ان الحكم الجديد ما هو الا صورة معدلة عن الدين القديم الذي نبذوه لانه كان سبب كل مصائبهم وتخلفهم وثاروا دفاعا عن احلامهم التي اطلقها الى الواقع الدين الجديد الذي آمنوا به وضحوا بارواحهم واموالهم لاجله لانه انصف احلامهم بالعيش الكريم قبل ان يؤمنوا به لانه ترك الاصنام فقط وامنوا بالنبي الجديد لانه صاحب الخلق العظيم العادل حتى مع اشد الناس عداوة له وايقنوا ان الحكام الجدد ليسوا منه ولا على دينه وان صعدوا منبره وتحدثوا بحديثه وادوا نفس الطقوس التي كان يؤديها. ففعلهم لا يمت له بصلة بل انه نفس فعل اعداءه الذين قاتلهم وصلاة وصوم هولاء ليس بها روح صلاة وصوم النبي الصادق الامين ولاجل تلك الروح كانوا يلتفون حوله ولان صلاة وصوم وحج هولاء طقوس خالية ويزاحمون بها الفقراء فيسلبون المقاعد الامامية حين التدافع وهي مظاهر ابهة وتفاخر لا مظهر عبودية وذلة للخالق . لاجل هذا ثار الثائرون ولكن وبكل عجب عندما تتصفح الموروث الديني تعجب من ان كثير جدا ممن كتب تاريخ المسلمين يعزو هذه الثورة الى شخص يغلفه الغموض اسمه عبد الله ابن سبا يهودي العقيدة جاء من مكان بعيد وخطط بمفرده لاشعال الفتنة بين المسلمين وعندما يذهب الباحث للتحقق من صحة دوره المزعزم يرى نفسه بين امرين اما ان يقول ان هذا الرجل اليهودي ليس الا وهم كبير واختلاق من بعض المؤرخين و رجال دين السلطة لتشويه معارضيهم ووصفهم بانهم ينفذون مخطط صهيوني معادي للامة او على هذا الباحث ان يصدق ان هذه الامة التي يبالغ رجال الدين كثيرا في ذكر فضائلها بل يكاد يتفقون على انها افضل الامم وان رجالها خير الرجال وكلهم اي رجالها بل لعله حتى نساءها واطفالها او اغلبهم الساحق في اقل الاحتمالات واحسنها كلهم عدول ولا ينبغي التعرض لهم ولا تخطئتهم ولا ذكرهم الا بالتبجيل والاحترام والتقديس ,على الباحث ان يصدق ان هذه الامة العظيمة استغفلها رجل واحد وأوقع بينها حروبا وفتنة لم ولن تنتهي اذ انها حتى يومنا هذا تزداد ضراوة وكلما مر عليها الزمن تزداد تأصلا والجثث مجهولة الهوية خلف السدة او الذبح المقدس على طريق الاردن خير شاهد ويسلم بان هذه الامة طيبة القلب لكنها ساذجة الى حد البلاهة والسخف بشكل اسطوري.واذا اراد هذا الباحث ان يحترم الامة ويشكك بوجود هذه المؤامرة الصهيونية الامبريالية وينفي وجود هرتزل عصره ابن سبا ويعزي الثورة والاحداث الى اسبابها الطبيعية سيكون في حالين اما علماني كافر فهو لا يحترم المقدسات ولا يؤمن بالدين لذلك تصدر منه هذه المقولات التجديفية او انه رافضي خارج الملة لا يغرنكم تظاهره بالاسلام.
ولكن الامر لا ينتهي الى هنا لسوء الحظ فالقضية اعمق من رجال سلطة في زمن ما حاولوا الصاق تهمة بمعارضيهم بل تجد هذه المؤامرة الصهيونية حاضرة في كل اضطراب سياسي او اجتماعي يصيب الامة ولن اتعب القارئ بمزيد من الامثلة التاريخية بعد هذه المقدمة الطويلة بل احيله الى الواقع المعاصر فكلما خرج صوت هنا او حدث حراك اجتماعي او سياسي هناك تتوالى التحليلات والاتهامات بان هولاء المحتجين والمعترضين تدفعهم السفارة الفلانية او الامبريالية العالمية او ايادي مجهولة ويحضر حديث دائم عن طرف ثالث لا تعرف له اصلا ولا فصلا وهو ابن سبأ العصر. اذكر هذا اليوم مع تزايد الحديث عمن وراء هذه الاحتجاجات الشعبية وكيف نسجت قصص خيالية سمعتها بنفسي من اشخاص في ارفع مواقع السلطة عندما خرجت تظاهرات 2011 وعاتبوني بشدة على خروجي معهم سمعتهم يرددون التهمة الجاهزة انهم بعثيون وتحركهم السفارة الامريكية وانهم اشتروا كل مقص حديد من السوق لانهم ينوون سرقة كل المحلات في منطقة باب الشرقي وربما في كل بغداد وتبين بعد ذلك ان اي صاحب بسطية لم يتعرض له اي متظاهر فضلا عن سرقته. وعندما تجددت التظاهرات حضرت التهمة انهم يريدون اسقاط الدين وان شعارهم باسم الدين باگونا الحرامية شعار ماسوني صهيوني ليس ضد الفاسدين المتاجرين باسم الدين بل انه ضد الدين ويريد ان يقوض الدين مع ان الكل يعترف ان الفساد اصبح متلازمة مع العراق وليس استثناءا وسببه هذه الاحزاب الحاكمة وعندما سخر الساخرون من جمعة النستلة وخارطة طريق صرف المئة الف دينار في ظل الازمة الاقتصادية واستشراف القائد الهمام لها ,قالوا عنهم انهم يستهدفون العمامة المجاهدة التي حمت اعراض العراقيين وان هولاء المستهزئين همج رعاع اولاد بهائم بعثيون لا يعرفون ابائهم وان جهات معادية للدين والامة تقف وراءهم. واليوم تخرج نفس هذه الاصوات المشككة لتشكك بثورة الطلاب الجامعي الواعي وتتسائل لماذا استهداف الشهرستاني دون غيره وكيف خرج الطلبة فجاة في كل مكان ومن يقف وراءهم ولابد من وجود اياد عميلة تحرك هذه الاحتجاجات ولابد انها عميلة الصهيونية و الامبريالية .سوف اصدق هولاء المشككين واقول لهم ببناءا على زعمكم وتصديقنا بهذا الزعم اي امة هذه التي منذ اربعة عشر قرن واكثر يتلاعب بها اليهود واعداء الامة .ان هذه امة لا تستحق الحياة لانها عبارة عن مجموعة كبيرة من المغفلين المزمنين وانهم يلدغون من الجحر ليس مرتين بل الف مرة ويقولون هل من مزيد.او انكم ايها المشككون وهو الحق انكم في غفلة عما يعتمل في صدور الثوار الذين سيطوقوا قصر الخليفة وسيقتلوه وحاشيته حتى لو كان في محرابه يقرا القرآن وحينها ستدركون من هو اليهودي أهو ابن سبأ المزعوم ام انتم بافعالكم الخرقاء؟