(كارلوس غصن) ، رجل أعمال فاحش الثراء ذو أصول لبنانية ، أنقذ شركة سيارات (رينو Renault) الفرنسية الشهيرة من الإفلاس ، بعد أن قام بإعادة هيكلة الشركة عام 1990 ، ثم إنقذ شركة سيارات (نيسان ) اليابانية الشهيرة للسيارات من الإفلاس عام 1999 وسموه اليابانيون (حلال المشاكل) وأعتبروه بطلا قوميا ، وإحدى إنتاجاته الثورية سيارة (نيسان Nissan GTR) ، التي تغلبت على سيارة (بورش Porsche) في أصعب مضامير السباق وبنصف كلفتها ! ، وكان الراعي الأول لصناعة السياررات الكهربائية بعد أن قام بتحالف إستراتيجي بين (رينو- نيسان) ، وأنفق بذلك مبلغ 5 مليار يورو لأجل هذا التحالف وهكذا أنتج سيارة بأسم (نيسان Nissan Leaf) وقد أعتبرت أول سيارة كهربائية عديمة الإنبعاث عام 2005 ، يملك هذا الرجل 100% من شركة نيسان و100% من شركة رينو و21% من شركة ميتسوبيشي (Mitsubishi) ! .
قبل حوالي الشهر ، أعلنت جميع الفضائيات تقريبا عن مشاكل قانونية أدّت إلى حبس هذا الرجل في اليابان ، والتهمة (الكسب غير المشروع لمبلغ 8 ملايين دولار) ، فانتهت بذلك كل إمتيازات الرجل وأقصي عن جميع مناصبه ! ، وبدأ المحللون يبدون آرائهم ما بين التهرب من الضرائب ، أوالإستثمارات الخاصة ! ، ثمانية ملايين دولار ، ربما هي بقدر (الخردة) التي يحملها هذا الرجل في جيب بنطاله الخلفي ، أو بقدر صفقة صغيرة بين السياسيين العراقيين ، لكن رغم كل ذلك لم تسعفه (أفضاله) في إنعاش واحدة من أرقى رموز الصناعة اليابانية !، لأن اليابانيين لا يساومون على الحق كَبُر أم صَغُر ! .
أقول هذا بحسرة من نار وأنا أتذكر قول الإمام علي (ع) ، (والله لو اُعطيتُ مُلكَ الأقاليمِ السّبعةِ بما تحتَ أفلاكِها ، على أن أعصِ اللهَ في جلبة شعير أسلبها من بين فكّي نملة ، ما فعلت) ! ، و(القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحقّ منه ، والضعيف عندي قوي ، حتى آخذ الحقّ له) ، لقد وصل اليابانيون إلى ما وصلوا إليه فقط بالعمل بهذه الحِكَم الذهبية ، أعَرَفَهُ اليابانيون أم لم يعرفوه ، حتى غدت جزرهم النائية ، كوكبا من الفردوس ، صحيح أن لدى الصينيين واليابانيين حكماء على درجة عالية من الرقي مثل (بوذا) و(كونفوشيوس) ، لكن عليا ، قد بلغ به الرقي الإنساني والفكري والأخلاقي والعدل والتسامح والتواضع والزهد ، ما تقزّم أمامه كل الفلاسفة والمصلحين ، اليابانيون ليس لديهم (علي) ، نحن مَن يتبجّح أن عليا منا ، وهو منا براء ، أتصوره وهو يشيح بوجهه عنا ، فنحن لا نعرف عليا نهجا وفكرا ، إنما مادة للرثاء ، والإثراء الذي كان عدوّه الأول ! ، وإلا ما صرنا أضحوكة ومرثاة بنفس الوقت أمام كل سكان الكوكب ، خصوصا ممن يدّعي الوصل به وأستغلّه ، فكرا ، أو نسبا ! .