ربما مصادفة غريبة أن يجتمع رفيقا السياسة والمعارضة ، في طريق واحد هو طريق الحكم ، والأغرب من ذلك هو أن الاثنين ليسا من ضمن حزباً أو كتلة ، بل هما جاءا مستقلين ، وهذا الأمر بدا غريباً ولأول مرة يسير بهدوء وبانسيابية عالية ، الأمر الذي آثار تساؤلات عدة ، في كيفية تمرير السيد برهم صالح لرئاسة الجمهورية ، والسيد عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء ، حيث كانت الخارطة السياسية والتوافقات بين الكتل تسير عكس هذا المسار ، إذ لم يبرز عادل أو صالح بصورة قوية إلا بصورة مفاجئة إلى العلن ، وبعد ترشيح سائرون للسيد عادل عبد المهدي ، وتكليفه بتشكيل كابينته الوزارية ، التي ستتم وفق اتفاق بينه وبين الكتل السياسية، إذ أن عبد المهدي ابلغ الكتل السياسية بتقديم خمسة مرشحين للوزارة الواحدة أو يختار بنفسه شخصية يتحمل مسؤوليتها في حال أخفقت في مهام إدارة الوزارة،حيث من المؤمل أن تطرح الكتل السياسية مرشحيها خلال الأسبوع المقبل لرئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي لغرض الدراسة والموافقة عليها.
السيد برهم صالح ظهر ترشيحه مفاجأة للجميع ، حيث أظهرت التقارير أن مرشح الحزب الديمقراطي مرشح قوي في قبالة برهم صالح ، ولكن سارت العملية رغم المخاض العسير ، وعلى الرغم من كل الضغوط التي مورست على الكتل السياسية ، من تيار الحكمة إلى باقي الكتل ، من اجل التخلي عن ترشيحه وتبني منافسه ، الأمر الذي جعل المواقف تتغير ، نحو السيد برهم صالح والذي يمثل امتداد لمدرسة مام جلال ، وعلى الرغم من كونه شخصية مستقلة إلا انه كان من مدرسة الطالباني المعتدلة ، إلى جانب كونه شخصية تتمتع بالاعتدال والحيوية ، فضلاً عن تجربته السياسية في الساحة الكردية ، او علة مستوى العلاقة بين الإقليم والمركز .
السيد عادل عبد المهدي الذي ترشح إلى المنصب بعد مخاضات عسيرة ، حيث تم التوافق على تكليفه بين الأطراف الثلاثة (سائرون والحكمة والفتح ) ، إلى جانب كونه لم يكن مرفوضاً من قبل المرجعية الدينية ، ويحظى بمقبولية واسعة بين الكتل السياسية ، رافضاً في نفس الوقت تمديد ولايته لفترة ثانية ، وعدم ترشيحه في الانتخابات القادمة ، والحفاظ على استقلاليته ، كما أن الرجل يمتلك تجربة سياسية وتنفيذية واسعة وله رؤية واضحة في قدرته على حل مشاكل البلاد ، والمضي قدماً نحو ترشيق الحكومة ، والسعي لتشجيع اللامركزية ، والمضي قدماً نحو حكومة تكنوقراط تقدم الخدمة للمواطن العراقي .
يبقى شي مهم أن العراقيل كبيرة وكثيرة أمام السيد عادل عبد المهدي ، وأهمها الكتل السياسية ( دولة القانون – الحزب الديمقراطي الكردستاني ) فالأول منافس شرس ، وسيضع العراقيل أمام منافسه الأوحد رئيس الوزراء الجديد ، إلى جانب اعتقاده الراسخ ان رئاسة الوزراء هي حكراً عليه دون غيره ، أما الحزب الديمقراطي ، فيعتقد ان الشيعة خذلوه في تمرير مرشحه إلى رئاسة الجهورية ، إلى جانب التركة الكبيرة من الفساد والفاسدين والمافيات المسيطرة على مال الدولة ، إضافة إلى المكاتب الاقتصادية للكتل السياسية ، والتي أخذت بالتمدد وتشكيل دولة عميقة على حساب الدولة الأم ، لهذا كله فالمهمة لبست بالسهلة ، ولا هي بالكابينة التي يمكن الاعتماد عليها في حل مشاكل البلاد ، ولكنها تعتبر معبر جيد لدولة قوية قادمة .