7 أبريل، 2024 10:38 م
Search
Close this search box.

بين ضحكة طفولتي وشيبةٓ لِحيتي خمسون عام مضت

Facebook
Twitter
LinkedIn
في البداية لانعرف من الطفولة معنى وعندما نجتاز الستة سنوات الاولى تبدأ رحلة الحياة ننزل أول محطة وهي التسجيل في المدارس ..تتحول من بيتك لتجلس على رحلة خشبية وربما تكون خائفاً من هذه الحياة الجديدة فالمعلم الذي تكلم لك عنه أبناء قريتك واخوتك شخص غير عادي ومخيف أحياناً لأنه سوف يعلمك مالم تعرفه .نعم انها اللحظة الأولى لدخول المعلم الا الصف وبصوت يهز الرحلات والطلاب سوياً يطلق كلمة صباح الخير وعلى الجميع أن يجيب بصباح النور .كان اللقاء الأول هو الاصعب فبيده مسطرة خشبية كبيرة أتت معه لتعلمنا أن العقوبة تنتظرنا وان دار.دور..داران..لم تكن بلا ثمن تعلمنا الحروف شيئاً فشيئا وتعلمنا من القراءة الخلدونية بعض الكلمات التي لو سألنا عليها في اي وقت حتى الممات لكنا حافظين لها فمن ينسى قدوري دق بابنا ونوري بزاز .ومن ينسى الى متى يبقى البعير على التل.وغيرها تعلمناها من درس القراءة ..وفي الرياضيات كان الأمر أسهل فلقد كان المعلم يأتي لنا أما بالرطب اوبعض الاشياء الاخرى ليعلمنا العدد مقابل اعطاءنا مما يحمل في حقيبته ولكوننا طبقات كانت تعيش في الحرمان .كانت ماتحمله حقيبة المعلم شيء طيب ولذيذ ..عبرنا الاول الابتدائي والصف الثاني والثالث ووصلنا الصف الرابع الذي بدأنا نعرف اسماء المعلمين ويعرفون تفاصيل حياتنا اكثر وتحولت العلاقة الى طابع الميانة بعض الشيء واختلفت مناهجنا الدراسية فدخلت مادة العلوم ومادة الاجتماعية والتربية الإسلامية إضافة إلى المواد القديمة القراءة والرياضيات والأخلاقية أو كما يسمونها الحياتية ومادة الرياضه .
أصبح المعلم في هذه المرحلة يكلف الطلاب لشراء حاجيات الريف مثل بيض المائدة على اعتبارنا نعيش في قرية ريفية ويربي أهل القرى كافة هذه الانواع من الطيور اقصد الدواجن .
وفي موسم الربيع يحثوننا على جمع نبات بري يسمى البيبون والذي كنا نسميه في القرية النوار وهو نبات يمكن غليه وشربه للعلاج من السعال والزكام ..
وعندما تجاوزنا الرابع الابتدائي وصلنا الى الصف الخامس كانت هناك مواد تدريسية مختلفة تماماً والإمتحانات التي كانت مرتين كل العام الدراسي أصبحت امتحانات شهرية وأصبحت المناهج والمعلومات كثيرة ولكن الأهم من كل هذا هو دراستنا لمادة جديدة هي اللغة الإنجليزية التي نقش حروفها في مخيلتنا معلم المادة مثلما نقش معلم القراءة الخلدونية في الاول الابتدائي فتعلمنا اي بي سي دي وحفظنا كل حروف اللغه الانجليزيه واستطعنا أن نجمع الكلمات عن أي جملة من هذه الحروف والاشوق في هذا الدرس كان معلم المادة يجمع من الطلاب مواد غذائية بسيطة ليعلمنا معناها في اللغة الإنجليزية مثل خبز ولبن ودهن الحر وغيرها .تعلمنا هلو ليلى .هلو زكي .وتعلمنا الكثير وعشقنا هذه المادة وبسرعة ومازالت احرفها نتكلم بها مع أي شخص يتكلم هذه اللغة.كان الصف الخامس يشبه إلى حد كبير مواد الصف السادس الابتدائي إلا أن الفرق هو الامتحان النهائي الذي يؤديه الطلاب في مركز الناحية ويسمونه الوزاري والتي لم نفهم هذه الكلمة حتى كبرنا وعرفنا المقصود كل مدارس البلد واسئلتها تصدر من وزارة التربية وسميت وزاري نسبة للوزارة ..تعلمنا في الصفين مواد ومعلومات قيمة وشيقة
فلقد تعلمنا من المواد الأخرى الخارطة في الجغرافيا واين يقع كل من بيروت .دمشق ..الخرطوم ..وتعلمنا في التاريخ من هو ابو العباس مؤسس الدولة العباسية وفي مادة الإسلامية طاعة الوالدين .. والاعتصام بحبل الله ..وجداول الضرب والقسمة في الرياضيات وفي العربي القواعد والانشاء والشعر والنثر.واتذكر قطعة نثرية يامعشر الناس اسمعوا وعو .واذا وعيتم فانتفعو .الى آخرها علمونا في قواعد اللغة الإنجليزية مسرحية تاجر البندقيه التي تدرس حاليا اعتقد في الاعداديه ..
كبرنا مع مواد الابتدائيه وعبرنا معها العقد الأول ومع قدوم ألمشيب أصبحت ذكريات جميلة يحن لها القلب وتنزل لها الدموع والمؤسف في دراستنا الابتدائيه عندما كبرت بنا الليالي اننا لم نجد البعير على التل ولم يأت المساء عليه ولم تعتصم الدول العربية بحبل الله بل تفرقوا جميعا ولم تعد ليلى تقدم الهلو لزكي.ولم يكتب أبناءنا انشاء عن تأميم النفط لان الشركات النفطية عادت إلى ماضي عهدها.والغيت مادة التربية الوطنية لانها اصبحت معيبة والغيت مادة الأخلاقية لعدم الحاجة لها .ولم نقدم للمعلمين الذين علمونا الحروف الاولى الشكر والعرفان.ولانعرف العيب فينا ام في زماننا.واين ذهبت تحية العلم وعش هكذا في علوً أيها العلم .
انها مجرد ذكريات كتبها مواطن ريفي عربي بقلمه وهو عاجز عن تغيير أي شيء .ويحمل من الهموم كل شيء .هموم المستقبل الغامض أو الحاضر المخيف..فبين ضحكة الطفولة واختلط الرأس شيبا خمسون عاماً مضت .بمرارتها وفقرها ومآسيها..وغناها وملاذتها ومفانيها .دبكات القرى في افراحهم وعويل النساء في احزانهم .نتذكرها وكأنها لحظات مررنا بها اوحلم سعيد كنا نحلمه .وانتهى

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب