23 ديسمبر، 2024 6:48 ص

بين صخرة سيزيف و صخرة عبعوب .. التاريخ يعيد نفسه

بين صخرة سيزيف و صخرة عبعوب .. التاريخ يعيد نفسه

سيزيف أو سيسيفوس كان أحد أكثر الشخصيات مكراً بحسب الميثولوجيا الإغريقية، حيث استطاع أن يخدع إله الموت ثاناتوس مما أغضب كبير الآلهة زيوس، فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة ، ويظل هكذا حتى الأبد، فأصبح رمز العذاب الأبدي.
تشير موسوعة الويكيبيديا  إن سيزيف اشتعل بالتجارة والإبحار، لكنه كان مخادعا وجشعاً، وخرق قوانين وأعراف الضيافة بأن قتل المسافرين والضيوف (النزلاء).و قد صوره هوميروس ومن تلاه من الكتاب واشتهر لديهم بأنه أمكر وأخبث البشر على وجه الأرض قاطبة وأكثرهم لؤماً. أغرى ابنة أخيه ، واغتصب عرش أخيه وأفشى أسرار كبير الآلهة زيوس. وكعقاب من الآلهة على خداعه ، أرغم سيزيف على دحرجة صخرة ضخمة على تل منحدر، ولكن قبل أن يبلغ قمة التل، تفلت الصخرة دائما منه ويكون عليه أن يبدأ من جديد مرة أخرى .و كانت العقوبة ذات السمة الجنونية والمثيرة للجنون التي عوقب بها سيزيف جزاء لاعتقاده المتعجرف كبشر بأن ذكاءه  يمكن أن يغلب ويفوق ذكاء زيوس ومكره. ان سيزيف تجاوز وخرق بشكل لا تخطئه العين حدوده لأنه اعتبر نفسه ندا للآلهة حتى يٌبلغ عن حماقاتهم وطيشهم ونزقهم. وكنتيجة لذلك، أظهر زيوس ذكاءه الخاص بأن ربط سيزيف بعقوبة وحيرة أبدية. وطبقا لذلك فإن الأنشطة عديمة الهدف أو اللامتناهية توصف بأنها سيزيفية.
وقد رأى ألبير كامو في كتابه المنشور عام 1942 والمسمى أسطورة سيزيف، أن سيزيف يجسد هراء وسخف ولا منطقية ولا عقلانية الحياة الإنسانية. ففي  اللحظة الدقيقة التى  ينظر فيها الانسان الى الخلف ليستعرض حياته ، حين يعود سيزيف الى الصخرة ، فى ذلك الدوران الضئيل يتأمل تلك السلسة من الفعاليات اللامرتبطة ببعضها ، والتى تصبح مصيره  الذى يخلقه هو والذى يمتزج تحت عين ذاكرته وسرعان ما يختم عليه موته… و هكذا ، فهو يستمر فى سيره مقتنعاً بالأصل البشرى تماماً لكل ما هو بشرى ، كالأعمى المتلهف للرؤية ،الذى يعرف أن الليل لن ينتهى أبداً ، والصخرة لا تزال تتدحرج .”
هذه هي صخرة سيزيف وتداعياتها التي دخلت التاريخ بسبب خداع سيزيف  لإله الموت مما أغضب كبير الآلهة  كما سبق ذكره . فماذا بشان صخرة عبعبوب التي ربما دخلت التاريخ من باب السخرية كون العراقيون اعتبروها كذبة كبرى حيث لا يُعقل أن تُحمل صخرة بوزن يزيد عن 150 كيلو غرام لتوضع في مجاري العاصمة بغداد وسط حمايتها من قبل الآلاف من القوات الأمنية المنتشرة ليلا ونهارا.
عبعوب هنا يكذب ثم يكذب ثم يكذب لكي يرضي سيده محاولا ان يجد له ذرائع تغطي على فشله ، فيختلق العشرات من الأعذار التي لا يقتنع بها الناس ما حدا به الى ان يكذب كذبته الكبرى التي رددها سيده أيضاً بسذاجة .
الإله سوف لن يترك عبعبوب يعب في جيوبه الملايين ليهّربه سيده فيما بعد كما هو حال من سبقه من السراق ، وسيُجبر على ان يخرج صخرته من المجاري ويحملها على ظهره ليسير بها في أسواق بغداد دون ان يُسمح له بوضعها على الأرض ليرتاح قليلاً  أو بدحرجتها ثم بالعودة الى حملها كما فعل سيزيف ، حينها سيذكر التاريخ هذه القصة بعد مئات السنين.