23 ديسمبر، 2024 6:44 ص

بين ساعة معلمتي اللماعة وذات نقاب الأسود

بين ساعة معلمتي اللماعة وذات نقاب الأسود

لايمكن ان نبخس الهيئات التعليمية حقها اليوم، في كونها تواجه مشكلات عديدة؛ جعلتها عرضة للكثير من النقد السلبي .ورغم هذه النقود المتباينة فأنها أعطت الكثير من التضحيات في زمن تغيّر فيه كل شيء ، ابتداءاً من التلميذ والجو العام حتى الطباشير والسبورة. لا يُنكر أن بعض التغيرات كانت ايجابية، ورفعت قدرة المعلم على أستعاب وسائل الاتصال الحديثة ، ونمت فيه القابلية على الاطلاع بعدما كانت محدودة ، لاسباب سياسية ومادية وثقافية . ومع كل هذه النقاط الايجابية التي تصب في صالح المعلم، لابد من القول ان هناك تفاوتاً كبيراً بين الهيئات التعليمية في الامس عنه اليوم ؛ ربما الاوضاع الاجتماعية والمالية كانت تصب لصالح اعضاء هذه الشريحة فيما مضى ؛ ما جعلها تنزل الى المكانة التي تستحقها اجتماعيا لدرجة القداسة التي تفضى على معلم الامس . قد يكون للامية ومحدودية التعليم دوراً كبيراً في زرع هذه الصورة الملائكية عن المعلم واعطاؤه نوعاً من هالة التميّز الاعتبارية والعنوية. ولكن فقد المعلم اليوم هيبته التي تعتز بها ، وسنوات مجده التي ناضل وجهاد في سبيلها. يمكن تشخيص هذا التفاوت بين الجيلين من خلال استذكار صورة معلمتي الاولى الست ابتسام ومقارنتها مع بعض زميلاتها اليوم ؛فأني قد اظلم تلك المرأة الجميلة ، لان الاختلاف كبير جداً . معلمتي ، كانت رائحة العطر تفوح منها على مبعدة مائة متر ، تختال في مشتيها كأنها الظبي الذي يفر من صياده ، شفافة كأنها الماء والهواء ،وأجمل ما فيها شعرها الذي يحاكي بصفرته خيوط الشمس الذهبية . اما هندامها ، لايمكن ان يوصف ، حتى كنت وانا وزملائي التلاميذ نغني لها “

ست ابتسام ياعيوني ، لابسة قاط زيتوني ، لابسة ساعة لاماعة، تسودة كل الجماعة ” . واستطيع ان التمس الغدر لذلك التلميذ في الصف الاول عندما خاطب امه بكل عفوية ” ماما، اريد ان اكون في صف المعلمة الحلوة ” . اذا الهندام ،وسمة الجمال هي من اثارة هذا الصغير،وحركت فيه الغريزة الفطرية في الاجتذاب نحو الجمال ، والملابس الأنيقة التي تسحر الافئدة والعيون ،قبل الالباب . ثم أنني اعود تارة اخرى الى صلب الموضوع ، فتذكر المعلمة ذات النقاب الاسود التي حولت نفسها الى كتلة بشرية لا تظهر منها سوى العينان مع ظلام دائم لايعرف صفره من ربيعه الاول .