بين رفاهية الشبع وشظف العيش

بين رفاهية الشبع وشظف العيش

عندما تستفزك إشكالية الوجود، وسؤال البداية والنهاية، تلجا الى الدائرة فمن كل نقطة من نقاطها تستطيع ان تبدأ وتنتهي، في هذه النقطة تلتقي المعاني، المعنى الكلي الذي يشرف على الزمان والمكان، والمعنى الجزئي يدور في اطارهما، تقف على ولادة المفاهيم ونموها الجدلي المتصاعد الى المفهوم الواحد.

   إن لاشكالية الوجود هذه حضورا حسيا، تجده بين اللذة والالم، السعادة والشقاء، الجمال والقبح، واخير وليس آخرا تجده بين الجوع والشبع، بل التخمة، فالدائرة نفسها، يتجاور فيها، في اية نقطة من نقاطها، الجوع والتخمة، كنت اتابع برنامجا يعرض في احدى المحطات، يتكلم عن الرقي، وبتعبير ادق عن الاشباع، على كل الاصعدة، من طعام تقدمه افخر المطاعم، ولباس تقدمه اعرق محلات الأزياء، ومنام تقدمه احكر الفنادق للنجوم، وغير ذلك من متطلبات الرفاهية المفرطة، فادرت القناة لاشاهد برنامجا آخر، يتكلم عن الموت والجوع، عن غزة، عن الأطفال الذين يخرجون من خيم مزقها عصف المتفجرات واخرقها قذف النيران، يتزاحمون للحصول على ما يسد الرمق، بملابسهم الرثة التي لم تغسل منذ امد بعيد.

   انها نقطة في الدائرة، في هذا الوجود الذي يستفزني، بين سندويج يرسمه امهر الطباخين ليحرك به شهوة متخم الى الالتهام، وقدر فارغ بيد طفل غزي جائع.

أحدث المقالات

أحدث المقالات