23 ديسمبر، 2024 12:26 ص

بين داعش وداعش …داعش

بين داعش وداعش …داعش

يوم ولدت داعش على أرض العراق والشام وأعلنت دولتها تشابكت خطوط اللعبة وتراجعت الأماني في عدد من العواصم التي رعت هذه البذرة لغير هذا الإتجاه أو ربما له ولكن على غير الصورة , ويوم ظهر بعض من أفرادها يذبحون البشر بسابقة غريبة دون أن يرف لهم جفن أو يقشعر بدن زاد الإرتباك , ولا شيء يقابل الفاجعة غير تحالف دولي وعربي ينتزع هذه البذرة الخبيثة من أرض هشة وتداخل جغرافي فيه من التعقيد بقدر ما فيه من الصعوبة , وبقدر ما لداعش من خطر على العراق لها خطورة مضاعفة على تركيا .
تركيا صاحبة أكثر الخيوط تعقيدا , هي أساس ما يحصل في سوريا بعد أن ظلت تناهض النظام ليس حبا بالشعب السوري وإنما حبا بمصالحها وتأسيس لون ديني يمكن أن يكون تابعا لعدالتها وتنميتها لهذا فتحت كل أدودها للمتشددين الاوربين والأمريكين ورعت حضور المعارضة السورية ويومها كان أبوبكر أحد الوجوه التي حظيت بلقاء أكثر من مسؤول دولة كانت تشاطر تركيا الرأي .
ولأن داعش لا تؤمن أصلا بأحزاب دينية ولا بدول ذات نهج ديني ما لم يكن يحمل عقيدتها , لأن فلسفتها مستندة “على تحريم تعدد الجهاد وتحريم تعدد التوجهات الدينية ” لذلك تقرر “على قاعدة “الجديد يتبع القديم” بل تذهب الى أبعد من ذلك بمناداة ” قتل من ينادي بتعدد الجماعات الإسلامية مستندة حسب رأيها على صحيح مسلم إذا بويع لخليفتن فأقتلوا الآخر” .
أرغم ان تركيا كانت بوابتها للعراق وسوريا ما أن تمكنت من الإستيلاء على الموصل حتى إعتقلت موظفي القنصلية التركية لأسباب إحترازية مستقبلية وهكذا جعلت تركيا بموقف حرج وخطير فهي دولة ضمن حلف شمال الأطلسي والحلف يشن غاراته بمعونة دول خارج الحلف وهي ما زالت تتجرع الكأس بمرارة .
إن الواقع الجغرافي لساحة المعركة خاصة في عين العرب وألتي أسمتها داعش “عين الإسلام” تجعل من تركيا مغامر لا يستطيع تقديم أحد رجليه للأمام فلو ساندت الحلف وشنت غاراراتها حالها حال دول الحلف فستقوم داعش بتحريك الخلايا النائمة بل المتيقظة داخل النطاق التركي الملاصق للحدود السورية , وتركيا تعرف كم لداعش من أنصار وأعوان بسبب التسامح والخدمة التي قدمتها لهم قبل أن يسمون انفسهم دولة الخلافة ولعل داعش تنظر إلى هذه الخطوة بعين الإرتياح , فهي تعد ” محاربة إلمرتدين المقصود بالإرتداد كل حاكم لا يتوافق وخلفاتها مقدم على قتال الكفار
الأصليين “على قاعدة دفع الضر الأشد بإزالة الضر الأخف ,وإذ ذاك ستلتهب الجبهة الشمالية وهي الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا وسيكون لداعش إمتداد من الموصل فالرقة فدير الزور فحلب ومثل ما أعلنت عن كسر معاهدة سايكس بيكو بين سوريا والعراق ستزيل حدودها الأخرى بين تركيا وسوريا , وستعلن ثانية عن حدود إسلامية جديدة وهذا ما يعطيها بعدا دوليا غير طبيعيا وقد تحتفل بولادة داعش ثالثة في بلد ثالث لأنها ستجد في سهول سروج الخصبة ضالتها خاصة وأغلب سكانها هجروها . إنها مستمية على دخول عين العرب لتكوين المثلث الداعشي المنشود .