23 ديسمبر، 2024 1:56 ص

بين حلم في العين، ونار في القلب

بين حلم في العين، ونار في القلب

حين كانت الانظار تتجه صوب الامل والتغير المرتقب، بعد اكثر من ثلاثون عاماً قد مضت، من الظلم والاضطهاد والدكتاتورية، كنا جميعا نرتقب وصول المنقذ، رئيس الدولة العراقي الجديد بعد عام 2003، شخص سيكون اقرب الى الشعب من غيره، ربما كان سيعدل كفة الميزان، ويجعل من العراق دولة اخرى، دولة يسودها الاعمار والتطور، كانت العيون تترصد بريق الكنز المكنون تحت اقدامنا، نفط العراق الخام، والذي لطالما سمعنا عنه حكايات وحكايات، وما يقدمه هذا السائل من ثروات تغني وتترف جميع أبناء ذلك الشعب المظلوم، ومشتقات نفطية كفيلة بسد حاجة البلد منها.
وبعد ان طُرزت احلامنا بالوعود والتصريحات، وعلقت قلوبنا على بوابة العبور، وتجاوز خط الفقر والتضعضع المعيشي، حين وصفوا لنا مستقبلاً زاهراً، يمنح كل فرد عراقي منزل وسيارة ومرتب بالمجان بدون تعب او توظيف، سرت انا كما سار الآخرين، نحو صندوق الاقتراع، وتلون شمال العراق وجنوبه باللون البنفسجي، كانوا كائنات ظريفة تملئ سيمامهم الابتسامة، عيونهم تتلألأ بالحب والسلام، وبعدما عبروا الى جزر البرلمان، واغترفوا من نهر الخضراء، وملئت بطونهم باموال الفقراء، سقطت جميع اقنعتهم، وبانت ملامح الذئب لليلى، وقد علمنا ان جدة ليلى قد التهمها الذئب، وما من سبيل للعودة، كنا كل ليلة نعض على سبابة اليد البنفسجية ندما وحسرة، ونعد الساعات حتى تنقضي وتأتي دورة انتخابية اخرى.
لم تنجح الكرة، وفي كل مرة، نجد ان المسؤول غير المنتخب، قد علا دكة الحكم من خلال الشخص المنتخب، كانت قوانين الانتخاب والتحايل على الدستور، تحاك تحت سقيفة البرلمان، لم تبصر قرارتهم النور الا بعد ان يأخذ كل حزب غنيمته، وتتم الموافقة بحسب المحاصصة والمحسوبية، انجبت جدران البرلمان صفقات فساد ونهب وسلب لو افسح المجال للافصاح عنها، لتقيحت الحروف من شدة دنائتها وخستها.
الم يتعلم الشعب العراقي كيف يختار مرشحيه وممثليه في الحكومات السابقة! سنقول كلا، في كل مرة يتم اختيار شخوص جيدين وفيما بعد تئول الامور الى وجهة اخرى، حيث يشغلهم دفيء ولذة أمن الخضراء، عن اولئك الذين صوتوا ليس لأجلهم بل لأجل العراق، لأجل اسرهم، لأجل اطفالهم، لأجل حياة مترفة او شبه المترفة حتى لا اكون من المبذرين.
وبعد طول الفراق، واشتياق السبابة لصندوق الاقتراع، لابد من اتخاذ الاجراء اللازم، وانجاب السياسي الصالح بعملية قيصرية، يخرج من صلب الفساد الحالي، حتى لو لم تكن الامور جيدة لولادة طبيعية، وتأجيل موعد الانتخابات هي قد تطيل من مدة المعترك السياسي، نار وقودها المواطن العراقي.