8 أبريل، 2024 5:44 ص
Search
Close this search box.

بين جيش الحسين و جيش يزيد … مع من يقف العراقيون ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ عصر الفتن التي اعقبت وفاة النبي محمد سنة (632 م) ، لم تهدأ (القلاقل) الداخلية في تلك الدولة الفتية التي بدأ بإنشائها الرسول في المدينة ثم في مكة و انتشار الدعوة المحمدية في الجزيرة العربية و شمال افريقيا و الشرق الادنى فيما بعد ، حيث تميزت تلك الفترة بالعدد الكبير و المتنوع من الردات و اختلفت تبعاً للعصر الذي عايشته و نظام الحكم الذي يديره .
عموماً اسوء هذه الاحداث تلك التي جرت على ارض العراق بين سيدنا الحسين ابن علي (626م-680م) و اتباعه و بين جيش (عمر بن سعد) الاموي الولاء …
اصاب مقتل الحسين و صحبه الامة الوليدة بالحيرة بين ساخط على مقتله أو مهادنٌ لولاة الامر آنذاك و بين شامتٍ على خروج احد الرعية على الراعي.
استمر ما سبق قوله حتى عصرنا الحديث من دون احداث تذكر إلا من:
١-تحزّب اتباع الحسين لتكوين مذهب جديد سمي (بالمذهب الجعفري) و تأسيس دول تتبع هذا المذهب في مصر (الدولة الفاطمية 909-1171م) و في ايران (الدولة الصفوية1501-1736م) لكن كلتا الدولتين سقطتا الا من بقيةٍ ضلت في ايران الحديثة لتبقى الدولة الفارسية (المدافع) عن اتباع الحسين والذين سميوا مجازاً (بالشيعة).
٢-نشوء الدولة العثمانية (حنفية المذهب) 1299-1923م و تفككها الى الدول القائمة حالياً و اعلان المملكة السعودية 1926-1927م و بداية انتشار المذهب الحنبلي المتشدد ( الوهابي نسبة للشيخ محمد عبد الوهاب 1703-1792م).
بعد النصف الاول من القرن العشرين ، اصبح المنهج الراديكالي المتطرف في الشرق الأوسط يدور بفلك قوتين حاضنتين لفكرين (متضادين أيدولوجياً) هما السعودية (السلفي الجهادي) و ايران (الشيعي الاثني عشري) حيث استفادت القوى العظمى من تعاظم تاثير (السلفية الجهادية) و اتساع اتباعها في جزيرة العرب و كذلك من التطرف المفرط للثورة الايرانية تحت شعار (تصدير الثورة) التي تبنتها ثورة الخميني ، لتستعمل الدول العظمى الاثنين (كجنود بالوكالة) لضرب او (على الاقل إضعاف تأثير) القوى الاخرى كما في افغانستنان ، الصومال ، لبنان ، الجزائر ، العراق و غيرها .  
جاء صقور البيت الابيض و دخلوا بغداد فاتحين عام 2003 ليبدأ منها عصر الصراع  (السني – الشيعي) المباشر بين قطبي الفكر الراديكالي الاسلامي (السعودي -الايراني) في المنطقة و لينتشر هذا الصراع ليصل سوريا و اليمن و لبنان وطبعا العراق .
استفاد سياسيون العراق الجديد من هذا الاستقطاب و من حاجة امريكا (لحليف أوحد) تستطيع من خلاله واشنطن ضرب كل العصافير بحجر واحد (من حماية جنودها ، تحويل فشلها السياسي لنصر رمزي، تقليل نقمة السكان المحليين عليها و السيطرة على ثروات البلد) و الهدية لهذا التحالف مع هذا طرف الوحيد هو (حكم العراق).
اختارت امريكا هذا الطرف ألا وهو (البيت الشيعي) ليكون حاكم العراق الاوحد لكونه الاكثر عدداً و قدرته العالية في تحشيد و تحريك الجماهير و السيطرة عليهم بفضل آلية و طبيعة المذهب الجعفري الذي يتبعونه.
لتبدأ مرحلة (الفساد المطلق) في العراق انطلاقاً من الطبقة السياسية الحاكمة (الفاسدة بشكل كامل) و انتهاءً باصغر فرد في المجتمع حيث شجعت امريكا انتشار الفساد في العراق لضرورات منها:
أ-استشراء الفساد السياسي و المالي يجعل البلد ذا قدرة اتخاذ قرار وطني ضعيفة لتصبح مفاصل الدولة بسببه عرضة للاختراق المخابراتي بشكل اسهل و يكون بناء القوات الامنية و تكاملها بطيء للغاية.
ب-تُمكِن واشنطن من جمع ملفات فساد (أكثر) للسياسيين و استعمالها وقت الحاجة لابتزازهم او لفرض قرارات على العملية السياسيّة .
ج-الاجيال ال13 للحصار الدولي على العراق و ال8 سنوات للحرب مع ايران جعلت مستوى التعليم ينخفض الى 60% و بالتالي فان واشنطن تتعامل مع شعب غير متعلم و غير واعٍ و بالتالي فان بقاء التخلف و الجهل العام و ازدياده يساعدها لاكمال مهامها في العراق بيسر.
كل ما سبق جعل العراق في مقدمة البلدان الفاسدة حسب الشفافية الدولية وهو بالمرتبة 170 من 175 دولة في العالم .
بدأت الكثير من القطاعات بالاضافة الى وسائل الاعلام تتحدث عن الفساد المستشري و علاقة الساسة بالامريكان و الاختلاسات الضخمة بالاضافة الى القتل و التصفية الجسدية للآلاف من المواطنين بواسطة مليشيات الاحزاب الحاكمة و انهيار البنى التحتية للمدن و المافيات المنتشرة في البلد كل ذلك جعل الساسة يفكرون باسلوب للتهرب من المسائلة عن تلك المشاكل و ايضاً البقاء هم و مليشياتهم اطول وقتٍ ممكن ووجدوا الحل الاسهل يكمن في “الطائفية الشاملة” من خلال تسقيط ما يحدث حاضراً على ما حدث قبل آلاف السنوات و مداعبة مشاعر الشعب (الغير مثقف باكثريته) لتحويله الى انسان يقتل بدمٍ بارد لاجل اجندات طائفية (لا أن يكون انساناً فعالاً يطالب بالحقوق و محاسبة الفاسدين).
استفاد سياسيو الطائفية من الاستقطاب المذهبي المذكور اعلاه بين (ايران و السعودية) و من دخول مجاميع من السلف الجهادي التكفيري لمقاتلة الامريكان و الحكومة العراقية ، لكي تبدأ الصفحة الاكثر دموية و الاسوء طائفية في تاريخ العراق وليصبح شعبه بين فكي رحى (السعودية-ايران-امريكا). وقد بدأت فعلاً ….
فنحن “جند الحسين و هم اتباع يزيد” و “الدم بالدم”  و “نحن جنود الله” و “دولة الاسلام باقية” … “الموت الموت” … “الذبح الذبح” ودواليك …
بهذه و غيرها من شعارات الموت بدأت شلالات الدم تنهمر لتصطبغ  ارض الرافدين بالاحمر القاني  و لينعم بفضلها الطائفيون  (بالدجاجة التي تبيض ذهباً) و ليموت مئات الآلاف من اجل الموت و لا غير الموت … وليكون المذهب و الدين او نصرة الاسلام هي شماعة القتل و ليستمر شعار ( بيوتكم قبوركم) يسير مع جحافل المقاتلين ليذبحوا و يغتصبوا و (يغنموا) كأننا في فيلم عن القرون الوسطى. ومما زاد نار هذه الطائفية مقاتلي الموت الاجانب الذين جاؤوا من كل حدبٍ و صوب .
اقولها لكم واضحةً: لن يتوقف هذا السعار الدموي الاهوج إلا باستفاقة الشعب من هذا الكابوس المرعب ليقول لمن يتاجرون بدمائه ” كفاكم ارسالنا للموت” و ليبدأ العيش كما يعيش البشر بسلام و طيبة و ليربي اولاده على احترام حياة الانسان كما الحيوان حتى تَعمُر الارض و يصان العِرض و نُسّلِمَ بلدنا لاحفادِنا درةٌ من الدرر لا خربةٌ من الخرائب حتى يقولوا عنا آنذاك “اننا خيرُ خلف لخيرِ سلف”… ألا تستحق هذه المقولة ان نعمل عليها ليس من اجلنا ايها الناس بل من اجلهم !!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب