23 ديسمبر، 2024 2:34 ص

بين جون كيري السني وأوباما الشيعي

بين جون كيري السني وأوباما الشيعي

تتردد القيادات العراقية الشيعية الامنية منها والسياسية كثيرا عند اتخاذ قرار ما قد يتطلبه موقف كبير بحجم تهديد االامن الوطني للبلد او صغير كزيارة بلدة صغيرة في داخل العراق والوقوف على احتياجات أهلها وما يهددهم من أخطار بيئية أومناخية أو أرهابية من قبل أعداء العراق ، ولكنهم يهرعون سراعا للسفر خارج العراق ويتحيلون الفرص سواءا وجهت اليهم دعوات او لم توجه اليهم لزيارة دول عربية واجنبية .
ولايتردد المسؤول العراقي السني من توجيه التهم لاقطاب الحكومة التي ينتمي اليها وهو جزء منها ، ولا يتوانى عن ترديد نفس موال المظلومية ونشيد التهميش ونغمة الطائفية؛ فينسب الثورية صفة للارهابيين ، وينعت المجرمين بالمنتفضين وأصحاب الحقوق.
 يتذكر الكثيرون منا ما حل بالبصرة من خراب ودمار طيلة سنوات أمتدت من (2006-2008)و تعرضها للاءسر من قبل المليشيات والأحزاب التي عبثت بمقدرات وأهل تلك المنطقة مستغلة سكوت الحكومة رغم المناشدات التي يوجهها لها المعنين بالداخل والخارج وعلى الرغم من وجود قوات محتلة لها ثقلها بالعدة والعدد ، فلم يتحرك القائد العام للقوات المسلحة العراقية نحو البصرة ليقضي على انتهاكات المليشيات ويوقف أستهتارها المتمثل بسفك الدم والفوضى وزرع الخوف في نفوس أهلها المسالمين الأ بعد خرابها. وذبح أرهابي القاعدة آلاف العراقيين من الشيعة التركمان في مناطق متعددة تابعة  لكركوك والموصل وتكريت وديالى عموما ومنطقة طوزخورماتو خصوصا وسط سكوت فاضح وتجاهل غير مبرر من قبل الحكومة العراقية ولسنوات متوالية منذ سقوط نظام صدام والى الآن.
 واليوم يتحرك عناصر من مجرمي داعش الأرهابية وبمساندة من فلول حزب البعث المنحل بقيادة المجرم عزة الدوري ليدنسوا جزءا عزيزا من تراب ارض العراق الطاهرة  المقدسة فيخرج علينا نفس القائد العام للقوات المسلحة  والذي لايفقه من العسكرية ابسط ابجدياتها ليدعي ان تلك الفلول الارهابية جاءت من الحدود مع سوريا ودخلت وفق مؤامرة من قبل أطراف داخلية.! والحقيقة أن تلك العناصر الاجرامية كانت موجودة في المناطق الجبلية من قرى الموصل وتتحرك متى ما شاءت في محافظات تكريت والرمادي وتزرع الرعب في صفوف الناس الابرياء في ديالى وكركوك وبقية المناطق العراقية الاخرى شمالا وجنوبا منذ سنوات ، والحكومة والقيادة العامة للقوات المسلحة العراقية تقتصر بياناتها على الادانة والاستنكار والشجب بعد كل عمل اجرامي تقوم به تلك المجاميع الارهابية في أفضل الاحوال وأغلب الاحيان تطنب متخذة من السكوت جوابا.
في أحد الايام وتحديدا في مثل هذا الوقت من العام الماضي ، كنت في طريق العودة من أربيل الى بغداد برا وقد نهاني بعض الاهل والاصدقاء من أن أسلك تلك الطريق لانها بمثابة المجازفة بسبب سوء الأوضاع الأمنية وفقدان الحماية لعدم تأمينها من قبل الجيش أو الشرطة فكانت مسرح لعمليات القتل اليومي والاختطاف والسلب والنهب والتعدي الاجرامي على الانسانية من خلال زرع العبوات المتفجرة على طول الطريق الممتدة من كركوك حتى شمال  العاصمة بغداد ، وكان يجلس معي في نفس السيارة شرطي من الأخوة الأكراد بملابسه المدنية قادما من أربيل. وقد روى لي كيف أن دوريتهم ، وهو يعمل ضمن أحد تشكيلات شرطة الموصل ، كانت تخرج مع موظفي الكهرباء لكي تؤمن لهم الحماية في سيارة بيك أب مكشوفة ومع مالديهم من اسلحة خفيفة تقتصر على رشاشات كلاشنكوف قد فرت لينجوا من فيها من الموت أثر تعرضها لاطلاق عيارات نارية من رشاشات ثقيلة كانت بحوزة الارهابين في أطراف الموصل ، وكان ذلك الشاب الشرطي يصف لي كم كان الفرق بين أسلحة الارهابيين القوية وبين أسلحتهم التي أكل عليها الدهر وشرب ، وحجم أعدادهم وأنتشارهم في مناطق نائية متخذين من صحراء وجبال الموصل ملاذا آمنا لهم ينطلقون ساعة شاءوا ليتنقلوا بين القرى ومدن الموصل وتكريت وكركوك  لينصبوا السيطرات في الطرق الخارجية ويقوموا بسلب ونهب وازهاق أرواح العراقيين الابرياء بحرية تامة وأعين أجهزة الأمن الحكومية بعيدة عنهم. وقد يعرف القاصي والداني بأن مجاميع داعش الارهابيه تعشش في تلك المناطق منذ زمن ليس بالقريب حيث جاءت تلك المجاميع من شرذمة شذاذ الآفاق لتجد لها حاضنة وبيئة تعزز ديمومة بقاءها وحرية أقامتها مدعومة من قبل مجرمي النظام البائد قبل السقوط وأستمرت مع وجود المحتل التي سالمته ولم تكن تتعرض لقطعاته ، بل كان جل جهدها منصبا على النيل من العراقيين وخاصة الشيعة منهم في البداية ومن ثم أخذت تزرع الموت والدمار بين جميع أبناء العراق لاحقا لاتفرق بين شيعي أو سني أو كردي وعربي متخذة من ضعف الأجراءات الحكومية حافزا لها في بسط نفوذها ومد سيطرتها ، حيث ليس من المعقول أن تجد هناك غير سيطرة واحدة للجيش العراقي  يقف فيها بالعراء جنديين جل مهمتهم أن يمنعا مرور السيارات القادمة من بعد منطقة تازه حتى الساعة الخامسة صباحا.
 أن الحكومة المترددة في أعدام المتورطين في أعمال أرهابية أستهدفت أرواح الابرياء من العراقيين ومن المحكومين بالاعدام قضائيا ، والمرتبكة في تقديم الخدمات لمواطنيها طيلة سبع سنوات عجاف أذا ما خصمنا فترة أنتظار تشكيل الحكومة لنكون أكثر عدالة ، والمتسببة بهدر مليارات الدولارات من أموال الشعب العراقي بسبب الفساد في جميع صفقات توريد الكهرباء أو السلاح أو المواد الغذائية والاستهلاكية ، والمتورطة بعرقلة بناء منظومة أمنية دفاعية فاعلة ، والمتكأئة على عناصر حزب البعث المنحل الذين أعادتهم للعمل في مناصب عليا والعاجزة عن محاسبة العديد من الفاسدين والمتاجرين بأرواح وقوت الشعب العراقي ، والمنتهكة للدستور في طريقة تعاملها مع الجهات الرقابية والتشريعية والمستحوذة على كافة صلاحيات الهيئات المستقلة ، والعابثة بمقدرات  البلد والمستهينة بطاقاته البشرية والطبيعية وتبديدها لمن لايستحق ، والمتخبطة بسياسات عوجاء ليس لها مثيل في قاموس السياسة ، والمفرطة بحدود وتربة الوطن ، لهيّ الأضعف في ان تجد حلا جذريا لمشاكل العراق وهي غير مؤهلة تماما ولايمكن الائتمان بها والاعتماد عليها في الحفاظ على وحدة واستقرار البلد وسلامته بايجاد خطط حكيمة وفعالة وطرق ناجعة للاخذ بزمام الامور نحو الرقي والازدهار وبناء مستقبل مشرق للعراق والخلاص من عقد الظلم والتهميش التي يتحجج بها المتخبطون من الشركاء في العملية السياسية . بل أكثر من ذلك ، أنها لاتحسن التعامل مع الخيارات التي تتطلبها المرحلة في ايجاد أرضية مشتركة تقوم على ثوابت مصيرية لترسيخ صيغة تفاهم مع الشركاء وتنزع بأستمرار بدلا من ذلك   الى البقاء على نفس المنهج المتزمت والعقلية المتحجرة التي تؤطر التأزيم حلا لجميع  المشاكل العالقة ومستخفة بكل شي سوى التشبث بالبقاء فترة أطول بالسلطة . هذا الى جانب ، والى جانب آخر نرى أن معظم الشركاء في العملية السياسية واقصد العرب السنة يتسابقون في تبعيتهم لبعض الدول الاقليمية والعربية وهم أوفياء بتنفيذهم مخططات تلك  الدول أكثر من وفائهم لبلدهم وأنتمائهم لشعبهم وحريصون كل الحرص على التمسك ايضا بمناصب تؤمن لهم التحكم بالقرار للتنكيل بأي حكومة تنبثق ويترأسها شيعي وسيبقون يلعبون هذا الدور الذي يعتبر بمثابة الخياينة العظمى للوطن والشعب لانهم يهبطون لمستوى التآمر. ويبقى مسلسل التآمر يتواصل للدرجة التي نرى فيها وزير خارجية اكبر دولة عظمى ترعى الأرهاب وتدعي محاربته ، يخرج بتصريحات تكشف عن نفس المضمون الذي يصرح به ساسة الأحزاب السنية من أن توجهات رئيس مجلس الوزراء العراقي طائفية . أوليس أن من يصف المرتزقة من عصابات قاعدة آل سعود الذين أصبح أسمهم بين ليلة وضحاها داعش بالثوار هو الطائفي؟؟!
بل أن المتتبع لتصريحات أهل المناطق السنية والقابعين في عمَان وأربيل لايجرأ أحدهم على تسمية داعش بالزمر الارهابية ، بل يسموهم الجماعات المسلحة !!
 وكذلك الحال بالنسبة للرئيس الامريكي الذي عرف بتردده  وكشف عن عدم جدية الولايات المتحدة في مساعدة العراق في محاربة الأرهاب طوال سنين وفي هذه المرة ينحدر أنحدارا لم يتوق من رئيس اكبر دولة في العالم عندما يصرح بأنه سينسق مع ايران للتوصل الى طريقة يساعد فيها العراق في محاربة الارهاب ويكشف عن زيف ادعائه وان هناك أمر دبر بليل بأشراف البنتاغون بين اطراف مشتركين في العملية السياسية في العراق وآل سعود ومسعود البرزاني الذي كان يتحالف مع صدام في ضرب حليفه الرئيسي في اقليم كردستان حزب جلال الطلباني في منتصف التسعينات.
 قد يتسائل مهتم وما هو الحل أذن في مثل هكذا ظرف عصيب يمر به العراق ، وللاجابة على هذا السؤوال هنالك جواب واحد فقط لابد أن يفهمه جميع العراقيون بمختلف أنتماءاتهم العرقية والمذهبية والسياسية ، وهو أن العراق أكبر وأهم من نوري المالكي ومن النجيفي أو مسعود برزاني ومن آل سعود ومرتزقتهم وأن العراق بلد الجميع ولابد من أن تقف جميع مكوناته بوجه الارهاب السعودي والمخطط الصهيوني الامريكي الذي يريد بالعراق الفوضى والدمار وسوف لن ينجو أحد اذا تعرض العراق الى شيء من هذا القبيل لا سامح الله .