23 ديسمبر، 2024 12:30 ص

بين تبرير الرفض ورفض التبرير ..الحشد الشعبي سيدخل الموصل

بين تبرير الرفض ورفض التبرير ..الحشد الشعبي سيدخل الموصل

ظهرت الى واجهة الاحداث هذه الايام صراع ارادات غريب بين السياسيين العراقيين من المكون السني وبين قادة الحشد الشعبي وبعض من الساسة الشيعة حول السماح او عدم السماح للحشد الشعبي من دخول الموصل وكل له مبرراته للرفض وكل له مبررات للسماح وبين هذا وذاك لا زالت مدينة الموصل تنام وتصحو تحت سطوة عصابات داعش الاجرامية وهي تعيث وتعبث بالمدينة كيفما يحلوا لها بمساعدة مجرمي المدينة المنضويين تحت عباءتها المهلهلة والممزقة ..
بعض من هذه التبريرات تحدث بها اثيل النجيفي المحافظ السابق للمدينة بأنه يخشى من تشيع المدينة بدخول الحشد الشعبي وبعض من التصريحات السياسية الاخرى تحدثت عن الانتقام والقتل والتطهير العرقي الذي سيحصل في حال دخول الحشد الشعبي وكثيرا هي الاراء التي تغرد تارة خارج السرب وأخرى داخله ناسين هؤلاء او متناسين أن كل يوم يمر على المدينة يعني قهر وحزن وسبي وقتل وآهات تزداد يوميا وتزيد الخراب والدمار النفسي للمواطن والخرب البنيوي للمدينة الكبيرة التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في العراق بعد العاصمة بغداد ولعل البعض من المتربصين يضع الشروط للتحرير ويسعى لتأخيره من أجل اجنداته وتحقيق مصالحه على حساب الناس والعراق هذه التبريرات والأسباب لمنع الحشد لاقت معارضة شديدة من قبل قادة الحشد الشعبي وعزوا تصرف اصحابه بأنهم يمثلون اوامر داعش ويتعاملون مع الحشد كأعداء وغير مهتمين بتحرير المدينة ويرفضون كل هذه التبريرات والادعاءات التي تمثل الايغال في العمق الطائفي حتى لو وصل الى ابقاء المدينة على وضعها الحالي الى آجال غير معروفة ..
في دراسة مبسطة حول الطبوغرافية السكانية لمدينة الموصل نجد أن عدد السكان يصل الى اكثر من 3,750 ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسين الف نسمة ثلث من سكان لمدينة هم الشيعة بعض منهم يتركز في مدن كبيرة وبعضهم موزع في انحاء الموصل من شمالها الى وسطها الى غربها الى جنوبها والى شرقها فهناك تلعفر التي تعتبر اكبر مدن الموصل وعدد سكانها يتجاوز الخمسمائة الف نسمة نصفهم من الشيعة وناحية قرقوش وقره قوين وعلي روش وبلاوات وتلكيف والحمدانية وبرطلة والقرى السبعة وحي الحدباء وسهل نينوى وهناك ايضا يسكن عشائر عربية شيعية مثل عشيرة الجحيش وعشائر الشريفات والجبور لا بل حتى في احياء الموصل نجد احياء كاملة هي شيعية مثل حي العطشانة واحياء نبي يونس وكراج الشمال وسوك النبي ومنطقة القاضية وقرى منطقة السادة وقرية يعويلة وكذالك هناك مكون شيعي كبير هم الشبك ومدن واحياء عديدة يعيش فيها الشيعة وهذه الميزة التي تتميز فيها المدينة التي تعيش فيها الطوائف والمكونات بصورة عشوائية وغير متركزة مثل المسيحيين ايضا في مدن وإحياء وقصبات بالإضافة الى مدن فيها التركيز عالي كذالك الايزيديين والأكراد ليمثلون بمجملهم مدينة عملاقة بمكوناتها البشرية وبمواردها المتعددة وبثراء تاريخي ليس له مثيل ..
افرغت لمدينة تقريبا من المكون الشيعي في الاعوام 2005 الى 2007 بسبب ظهور بوادر الاحتراب الطائفي مما عزى بأبناء المكون الشيعي بالخروج من المدينة والتوجه الى مدن وقرى اخرى ذات طابعية شيعية او وجود شيعة فيها كثر هربا من القتل والاستهداف حتى وصل الامر الى منع ابناء المكون الشيعي من الدخول الى الموصل للتسوق او لبيع محاصيلهم ومنتجاتهم ويفضل البعض منهم الذهاب الى دهوك او الى الاقليم من التوجه الى الموصل حتى صار استهداف المدن الموصلية الكبيرة واضحا من قبل عصابات القاعدة وبعدها العصابات الطائفية لمحاولتهم تهجير الناس من دورهم كما هو الحال في تلعفر وبرطلة والقبة التي تعرضت الى هجمات شرسة بالمفخخات والانتحاريين والسيارات الملغمة من أجل افراغ المدن تلك من مكوناتها وابناءها ..
اليوم وفي ظل هذه الظروف ظهرت الى العلن فصائل الحشد الشعبي في المدن المحيطة بالمدينة من قبل ابناء التركمان والشبك والعرب الشيعة على شكل فصائل مدربة وتتدرب هدفها اخراج داعش وعودة النازحين الى مدنهم وممتلكاتهم ,,طبعا كل هذا يشير الى أن ابناء المكونات الشيعية اليوم يناضلون للعودة وهم كما يعتقد البعض لهم الحق بالدفاع عن اراضيهم والعودة الى بيوتهم فهم عراقيون من الموصل وفصائل الحشد الشعبي القادمين لتحرير المدينة من مدن الوسط والجنوب هم ايضا عراقيون واصلاء وواجبهم الوطني يحتم عليهم الدفاع عن اهالي المدينة بكافة مكوناتها فمنعهم من التحرير أمر غريب ينم عن خلط الاوراق وتمرير اجندات حان وقتها لإيقافها وعدم التعامل فيها في ظل عودة المدن العراقية الى حاضرة العراق وطرد داعش ..
الحقيقة ان الجيش العراقي اغلبه من المكون الشيعي وهو جيش عراقي وأن الحشد هو من الشيعة والعشائر السنية وهم عراقيون فمنعهم من تحرير المدن كما هو الحال في تكريت وديالى والرمادي وبيجي يعني البقاء تحت وطأة وثقل قوات داعش لكن الهدف الكبير والأول والأخير من محاولة منع الحشد الشعبي لتحرير الموصل هو الخوف والخوف الكبير من تشخيص ومعاقبة المجرمين والقتلة من المجرمين اللذين تبعوا داعش وانضموا له وسرقوا البيوت وقتلوا الناس وهجروا العوائل وسيطروا على ممتلكات الناس من المكونات الاخرى الايزيديين والمسيحيين والتركمان والشبك والشيعة فهؤلاء يخشى من عودة قوات الحشد والأخذ بإنزال القصاص العادل بالعابثين واخذ الثار ايضا من هؤلاء المجرمين منذ العام 2005 الى يومنا هذا وبالتالي يعتقدون أن منع الحشد من التحرير ربما سيفوت الفرصة او يؤخرها من عودة هؤلاء المقاتلين الى مواطنهم وتشخيص القتلة والأخذ بثأر ابنائهم او العودة ثانية الى مرحلة مابعد داعش وبالتالي يعني ثانية العودة الى المربع الاول مربع الطائفية والقتل والتهجير لكن هذه المرة من قبل ابناء الحشد الشعبي الذي وجدوا أن عودتهم لا تتم الا بالانضمام الى فصائل الحشد لمقاتلة داعش ..
اذن ان الحق كل الحق لكل مكونات المدينة وطوائفها الانتفاض لمقاتلة داعش بشتى الوسائل فالجميع عراقيون والجميع يريد ان ينعم ويعيش بسلام بمدنهم وقراهم بعيدين عن الاحتراب والتدخل في الشأن العقائدي للبعض الاخر .