9 أبريل، 2024 3:21 ص
Search
Close this search box.

بين بغداد وسان بطرسبورغ

Facebook
Twitter
LinkedIn

في نهاية العام الماضي حملتني الاقدار بعيدا عن مدينة بغداد لاعتلي السحاب حيث لاأثر لاشعة الشمس مطلقا قاصدا المدينة التي لاتنام ؟ نعم ففيها اسبوعين من كل عام لاتختفي الشمس منها صباحا وصباحا وهي من معجزات الخالق عز وجل , المدينة التي لاتنام كما يطلق عليها سكان اوربا وهي مدينة سان بطرسبورغ والتي كانت تعرف قديما باسم لينغراد , هذه المدينة التي تعتبر العاصمة السياحية و ثاني اكبر مدينة في جمهورية روسيا الاتحادية وتقع شمال غرب اوربا شرق خليج فلندا وتحديدا في بحر البلطيق و تبعد عن بغداد الحبيبة بكثير من الاميال وحتى في السنين , فسكانها المتعاونين جدا مع أي مخلوق حتى لوكان ( كلب حراسة ) لطيفين ومحبين جدا وخصوصا مع المغتربين , اتذكر جيدا عند دخولي مطار تلك المدينة حاولت تغير العملة من الدولار الى الروبل كون المصارف لاتفتح في ايام العطل ولايحق لاحد في روسيا ان يغير العملة الا عن طريق تلك المصارف الحكومية طبعا فالقانون الروسي يحرص على ان تكون العملة الصعبة من الدولار بيد الدولة حصرا , فلو حاولت ان تجول روسيا كلها على امل ان تستطيع تغير عملة معينة بالروبل فلن تفلح نهائيا !؟ اعتقد انها شعوب تحب ان تعيش باخلاص او انها تحب وطنها كثيرا فتخلصه لها , فحب واحترام القانون جميل جدا لدى الروس فهم يطبقونه بانفسهم دون تهديد او وعيد من موظف السلطة الذي رايته متكترا بعيدا عن حركة الناس فيها , فهم لايحتاجون لاحد يعلمهم العبور من الشوراع او التقييد بالذوق العام فكل هنالك هم رجال قانون بانفسهم , وروسيا تعاني حاليا من ازمة مالية تعصف بها ( تقشف ) لكنهم يختلفون عن الاخوة في بغداد كثيرا فهم يحاولون استثمار كل شيئ في بلادهم خدمة للصالح العام , فهم متعاونون فيما بينهم كثيرا على الرغم من ان تلك الازمة ومن الواضح انها ارهقت كاهل المواطن الروسي كثيرا لكنها لم تقلل شيئا بقدر حبه لوطنه و من خوفه عليها وعلى مستقبلها وفي رحلتي تلك قررت ان استخدم المترو لغرض الانتقال من منطقة لاخرى , فقبل ان تستقل مقعدك فيه انت ملزم ان تهبط لغرض الوصول الى المترو بسلم كهربائي لمسافة 300 متر تحت الارض وربما أكثر , تلك الالة العجيبة المحرومين منها جميعا في بغداد تنطلق بك بسرعة هائلة وبتقنية رائعة وهي تسير تحت نهر كبير يخترق تلك المدينة ليربطها بشبكة نقل رائعة حتى وانت تحت النهر ! يسير ذلك المترو وانا ارى بتعجب سكان اوربا لاول مرة , صانتون لايتحدثون فيما

بينهم فهم يعتقدون ان الكلام قد يخدش حرية الاخر ! غادرت تلك الالة المتطورة التي صنعت عام 1861 ميلادية كما مبين بلوحة الارشادات الخاصة بها , فتسائلت مع نفسي وانا اسير اين كانت بغداد في ايام صناعته ؟ وحقيقة لم املك قدر عالي من المعلومات لاعرف الاجابة , فبادرت عند عودتي الى محل سكني بتفقد صفحات منظومة الانترنيت لمعرفة احوال بغداد في تلك الفترة حتى حصلت على النتيجة الصادمة ان بغداد كانت افضل واكثر تقنية من اليوم الذي نعيشه الان .. فكم تخلفنا وارجعنا في زمن الحكام الجدد على مر العصور الحديثة كما يسمونها مؤرخي التاريخ تجولت بعدها كثيرا وفضلت السير على الاقدام حتى ارى ماصنعته الالة الروسية , فوجدت مساحة واسعة لل المتاحف , متاحف , ومتاحف كل مايميز تلك المدينة , ففعلا من اراد ان يصنع مستقبلا زاهرا له لابد ان يحتفظ بماضيه , انهم يخلدون الماضي ويهتمون بالحاضر كثيرا فيئتيهم دون عناء مستقبل واعد , كل شيئ رايته اجبرني ان اتذكر بغداد المسكينة بغداد التي تغنى عنها الشعراء كثيرا , فتمنيت وتراجعت عن امنياتي فلو كان في بغداد المتاحف القديمة مثلا التي تضم خلاصة فكرنا وحضارتنا التاريخية لكنني ترددت وتذكرت ماتعرضت له اثارنا العزيزة اثارنا النفيسة التي ضاعت كما تسقط الاحجار في قاع البحار , وقلت لا في روسيا استطاع رجالها من حماية تلك المتحاف على مر عقود وعقود من السنوات دون ان يمسها شر او يتعرض لها احد بالرغم من الحروب الكثيرة التي خاضتها روسيا وخاصة في تلك المدينة , واخيرا عدت الى بغداد مرة اخرى لانني لااستطيع ان اعيش دونها وبختصار نحن خلقنا لنموت فيها و بالرغم من الفرق الواضح بينها وبين كل مدينة في العالم فبغداد ستظل مكان رحب للناس الطيبة الذين يقتلون بالليل والنهار وهم يبتسمون غير مبالين بمأسيهم والكوارث الانسانية التي يتعرضون اليها.. فنحن العراقيون لانريد مترو ولانريد متاحف ولانريد عملة صعبة ولانريد شوارع ولانريد خدمات ولانريد أي شيئا في هذه الدنيا غير اننا نريد ان نعيش فقط فدعونا نعيش فقط دون قتال دون دم دون الم دون وجع دون حرمان دون طعن فرحلي ياغربان الشر عن وجه بلادي الجميلة , الجميلة بوجوه شيبها وشببابها ونسائها واطفالها ورجالاها الجميلة فما اجمل استكان الجاي المهيل من يد عراقي اصيل صباح كل يوم في بغداد .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب