23 ديسمبر، 2024 3:25 م

بين اياد علاوي واحمد مرسي … مفارقة في غاية الموضوعية

بين اياد علاوي واحمد مرسي … مفارقة في غاية الموضوعية

الاعلان الدستوري الجديد الذي اعلنه الرئيس المصري احمد مرسي والذي تم توصيفه بانه استبداد رئاسي مطلق، وانقلاب مرعب على الشرعية وسيادة القانون واغتيال كامل للتحول الديمقراطي بل ومصادرة كبرى لروح الثورة الشبابية وسرقة لكل جهاد وجهود ابطال الثورة الشبابية.
هذا الاعلان يذكرنا بعهد الدكتور اياد علاوي في تسنمه لرئاسة الوزراء في الحكومة الانتقالية وتسلمه في ذات الوقت السلطة التشريعية.
ثمة مفارقة قهرية وقسرية واستعادة للذهن العراقي الذي عاش فترة الدكتور اياد علاوي والفرق الكبير بينه وبين الاخواني مرسي فقد كان علاوي يترأس السلطتين التنفيذية والتشريعية ولا يحتاج الى اعلان دستوري جديد لكي يحمي قراراته من المسائلة القضائية والنيابية وبامكانه ان يخلط بين السلطتين ويمارس الديكتاتورية وفق الديمقراطية الانتقالية التي اتاحت له هاتين السلطتين.
اثبت الدكتور اياد علاوي العلماني انه ارفع اداءاً واكثر حضارية من الاسلامي احمد مرسي وانه لم يتصرف بطريقة ديكتاتورية رغم فرص الديمقراطية المتاحة له وقد نأى بنفسه عن التشبث بالسلطة بطرق غير قانونية وقد سلم السلطة (رئاسة الوزراء) الى بديله الدكتور ابراهيم الجعفري بشفافية واريحية دون لف او دوران او تسويف او مماطلة.
الدكتور اياد علاوي مارس السلطة بطريقة هادئة وسلّمها لغيره ونظيره الدكتور ابراهيم الجعفري دون ان يتباكى على العراق او مستقبل العملية السياسية او يكرس ثقافة عدم البديل او المصلح الوحيد والمنقذ الفريد.
هذه المفارقة ارجو الا يفهمها الاخرون من المتحسسين والمتوترين والموتورين الذين لا يقرأون بشكل صحيح ولو قرأوا فلم يستوعبوا الفكرة بقدر من الفهم واذا استوعبوا الفكرة فيخطأون بالمصاديق ويخلطون بعقولهم التآمرية فيتهمون من يقول الحقيقة باتهامات جاهزة وحاضرة ولعلهم لا يستيطعون ان يتهموا كريم النوري بالبعث وبقاياه لانني من ضحاياه.
الفارق بين علاوي ومرسي ان الاول لا يحتاج الى استحداث صلاحيات دستورية او اختلاق اعلان دستوري فالصلاحيات الدستورية معه بخلاف مرسي الذي اختلق هذا الاعلان ليحمي قراراته من المسائلة القضائية بينما اكتفى علاوي باحترام السلطة التشريعية وفصلها بطوع ارادته عن السلطة التنفيذية رغم ارتهانهما اليه بينما مرسي حاول انتزاع صلاحيات دستورية ليحرق الشارع المصري ويضع التجربة الجديدة على حافة الهاوية.
عندما اقارن بين حقبتي علاوي ومرسي وترفع الاول واستنقاع الثاني بالتشبث بالسلطة لا يعني بالضرورة انني من مؤيدي الدكتور اياد علاوي ولن اكون من مؤيديه ابداً لانه يفكر بطريقة مخالفة للتوجهات الوطنية ويصغي لنصائح العربي الاقليمي ويتخذ موقفاً مضاداً من رموزنا السياسية ومرجعياتنا الدينية.
ولعلي من اشد المناهضين لمنهج علاوي وخاصة موقفه من البعث وانصاره ومحاولاته تقريب اولئك ممن لا يؤمنون بالعملية السياسية وبعد عنه سياسياً لا يمنعني من الاشادة بموقفه من السلطة والتعاطي معها بروح حضارية بعيدة عن الاستبداد والاستعباد والاضطهاد.
ومن هنا فان اختلافنا مع منهج علاوي لا يمنعني من قول الحقيقة والايجابيات في ادائه كما لا يقودنا هذا الاختلاف الى الغاء كل ايجابيات ومواقف من نختلف معهم فان الشطب بالكامل على الفرقاء ممن لا يتفق معنا في المناهج والبرامج هذه تذكرنا بسياسة صدام سياسة الارض المحروقة فاننا ننظر الى الكاس بنصفيه الفارغ والمملوء فلا نركز على نصفه الفارغ ونهمل الاخر المملوء كما ننظر الى النصف المملوء ونغض النظر عن نصفه الفارغ فهل ثمة موضوعية اعمق وادق من هذه الموضوعية؟
[email protected]