لاشك أن هناك فرقا جلياً بين اليأس والتفاعل. فالياس باختصار يعني :أن يعطل الانسان فيه قدراته، ومواهبه العقلية، والبدنية، بهواجس، وافكار، ووساوس شيطانية، تذهب بطموحاته ، وتبدد، بل وتقتل تلك المواهب، والقدرات الكامنة عنده، فتدعه يائسا، محبطا مستسلما لما يجري حوله، وما يحيط به ، فلا يحرك ساكنا، ولا يسكن متحركا.
وتجدر الإشارة إلى ان اليأس ليس من صفات المتطلعين المؤمنين، بدليل قوله تعالى:(انه لاييأس من روح الله الاالقوم الكافرون).
فاليائس قانط، مستسلم لهواجسه، وقابع في شراك اوهامه.
وأما التفاؤل فيعني:أن يطلق الانسان قدراته، ويفتق مواهبه، في الابداع، والبناء، متصارعا بحزم مع مجريات الاحداث المعرقلة، ومتحديا مصائب الحال، ومقارعا مصاعب الحياة، حيث باصراره يتخطاها بصبر، وعقلانية، وفكر ثاقب، ومن ثم لايدع للاحباط، والشك، مجالاً للتسلل في نفسه، والتأثير في قدراته، وامتصاص طاقاته الكامنة. لذلك فالإنسان المتفائل يسعى بعزم، ليفجر إمكاناته في ميادين الحياة المختلفة ، وبشكل عقلاني متوازن، بحيث لا تطغى عواطفه على سلوكه،عندما يجعل العقل هو المسيطر على حركة تفاعله مع أنشطته في الحياة ، لئلا ينزلق بأهوائه، وعواطفه، إلى الشطط،الذي قد يودي بانجازاته،وإلا فما الذي أورد الناس العشوائيين سعير ضلالهم ، الا تغلب اهوائهم، وعواطفهم، على عقولهم، ولعلنا نلمس حقيقة ذلك في قوله تعالى:(وقالوا لو كنا نسمع اونعقل ماكنا في أصحاب السعير).
لذلك فإن المطلوب من كل إنسان ان يتفاءل دائماً، وان يغذ السير لتحقيق طموحاته الممكنة، وأن لا يستسلم لهواجسه المثبطة، التي تجمد طاقاته، وتفرط في إمكاناته، حتى بمجرد التلكؤ، وتأخير المبادرة، لتفجير ما يتيسر عنده من طاقاتها بددها اليأس بالهواجس المثبطة.